Loading Offers..
100 100 100

علاج حالات الاكتئاب بكل بساطة

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أرى صاحبي مكتئباً شديد الاكتئاب، لا يتغيّر مزاجه بفنجان قهوة، ولا بكأس عصير، ينفثُ أنفاساً يبدو من خلالها كيف تحترقُ أعصابه. ثمّ تبردُ من جديد، وهو يشردُ شروداً مخيفاً. أخشى أن أسأله ما به، فأزيدُ من اكتئابه، فهو يراني أمامه، ومع ذلك يصرّ على عدمِ البوحِ لي بأيّ كلمة. أبادرُ إلى رواية طرفةٍ يحبّها، يبتسم بتصنّع... أذكّرهُ ببعضِ ذكرياتِنا التي عشناها معاً، تتغيّر ابتسامته، ولكنْ ليسَ تغيّراً جذريّاً. وهنا أسأله: -          ما بكَ يا صديقي؟ -         لا شيء... لا شيء... ثمّ يتابع: -         آه من هذه الدنيا.. كم هي تافهة. -         وكيف اكتشفتَ أنّها تافهة؟ وتبدأ همومه ونفثاته تتسرّب إليّ شيئاً فشيئاً. بالأمسِ القريب حقّق نجاحاً لا بأسَ به في دراسته، وقبله بأسابيع قليلة حصلَ على مفاتيح سيّارة من والده هديّةً له في بداية عام دراسيّ جامعيّ جديد... ومصروفه لا بأسَ به، هو أكثر من متوسّط، ما به؟ ولماذا تداهمه أفكار كئيبة، ونظرة تافهة للحياة؟ هو ينظر إلى الذينَ حوله من مختلف الأعمار، رجالاً ونساءً، فيرى، أو بالأحرى يفلسف الأمور فلسفةً عبثيّة.. كلّ النجاحات.. كلّ الخطوات الإيجابيّة.. كلّ الذكريات الطيّبة.. إلى ماذا تنتهي؟ وإلى أينَ تسير بنا؟ يسألني بطريقة وكأنّه يرغمني على الإجابة، فألزم الصمت، ولا أريدُ أن أجيب. أرى صديقاً آخر، في يومٍ آخر، فأجدهُ يعاني من حالة اكتئاب فظيعة، ترافقها حالة تشاؤم من مستقبل لا طريقَ إيجابيّاً مفتوحاً أمامه، ويرى أنّ السبب هو فقره وضعف أحواله المادّيّة، الذي يمنع عليه تحقيق أيّ حلم ولو كان صغيراً له. لا أريدُ أن أجيبَ أيٍّ من كلا صديقيَّ، وهما في تلكَ الحالة يعيشانها، فإجابتي ستأتي بمردود عكسيّ بالتأكيد.. وحقيقة الأمر أنّ هذه الحالة من حالات التفكير أو الاكتئاب أو الإحباط تنتاب أغلبنا وفي فترات أحياناً تكون متقاربة، وأحياناً متباعدة.. ولكن لا أحد ينجو منها. فكيف نقضي على حالة الاكتئاب هذه؟ وكيف نعيد التوازن لأنفسِنا؟ الحقيقة أنّ الاكتئاب لا علاقة له مباشرةً بفقر أو غنى، مع احتمال أن يصيب الضعيفين مادّيّاً أكثر. ولا يمكن أن نعدّ الاكتئاب حالة مَرَضيّة إلاّ إذا تكرّر حدوثها كثيراً، أو كانت متواصلة الحدوث في أغلب أوقاتِنا، عندها تتحوّل إلى ظاهرة مَرَضيّة نفسيّة حقيقيّة، ولا بدّ من اللجوء إلى المختصّ بالعلاج النفسي، وهذا ليس موضوع هذه المقالة. ولكن بإمكاننا التغلّب على حالة الاكتئاب بخطوات واضحة المعالم، ملموسة، وذلك إن قمنا ببعضها أو كلّها، دونَ أن نرهقَ أنفسَنا أو نرهقَ الآخرين. ومن هذه الخطوات: 1.                  إشغال أنفسنا بأيّ أمر مستحبّ لنا، من مثل الخروج من البيت في نزهة إلى صديق، أو إلى حديقة أو مكان عامّ. 2.                  أو إشغال أنفسِنا بمكالمة هاتفيّة مع شخص عزيز علينا، نأمن أن يستمع إلينا باهتمام.والتحادث معه في أمور متعدّدة، على أن نتعمّد عدم الخوض معه بأنّنا نعاني من ضجر أو اكتئاب أو إحباط. 3.                  القيام بعمل بعض المأكولات المفضّلة في مطبخ البيت، والغوص في ملحمة الإعداد لطبق حلوى مثلاً أو حتّى تحضير صحن بطاطس مقليّة. 4.                  اللجوء إلى كتاب، ويُفضّل أن يكونَ كتاباً مصوّراً أو موسوعة عامّة، وقراءة بعض ما في صفحات هذا الكتاب من معلومات خفيفة ومشاهدة صوره الملوّنة والوقوف عندها مطوّلاً، والتنقّل من معلومة إلى معلومة. 5.                  زيارة صديق، أو مكالمته للمصاحبة في زيارة مكان أثريّ أو معرض أو مركز تسوّق كبير، والاستمتاع بمشاهدة المحتويات، والاستفسار عن المعروضات وتواريخها، أو أسعارها، وليس شرطاً أن نشتري، فالمرور وحده يكفي. وهنا بإمكاننا أن نشرب كأساً من العصير الطازج، أو فنجاناً من القهوة أو الشاي. 6.                  إذا كنّا من هواة ممارسة نوع من أنواع الرياضة فلا بأس أن ندعو مَنْ يمكن أن يشاركنا في الاستمتاع بجولة، ولعلّ الاستعداد لخوض مباراة بالثياب الخاصّة بالرياضة وطقوسها يُبعِدُ تفكيرنا عن الاكتئاب، ويسمح لنا بالاستمتاع بالحركة. وهنا نذكّر أنّ الدعوة إلى اللعب بالورق أو «الكوتشينة» وأشباهها، لا يُسمّى رياضةً ولا لعباً بأيّ حال، بل إنّ خسارتنا في ألعاب كهذه قد تعيدُ إلينا صور الاكتئاب على نحو أفظع. 7.                  وبعضنا يلجأ إلى الورقة والقلم وهو في أسوأ حالة من حالات الاكتئاب، ليدوّن بعض أفكاره أو معاناته، وهذا أرقى الحلول وأنجعها، فهو ينفثُ ما في صدره إلى صديق يكتم سرّه ولا يذيعه، ويحرصُ على أن يكون أميناً صادقاً، إنّها الورقة مع القلم. ونخلص إلى نتيجة: أنّ حالة عاديّة تمرّ على كلّ واحد منّا، ولكن إذا تركناها تسيطر علينا لمدة طويلة فإنّها تتحوّل إلى مرضٍ نفسيّ واضح، بل إنّه يتأزّم مع مرور الوقت ويؤدّي إلى أمراض متفرّعة عنه، وربّما تسوقنا إلى العزلة والانكفاء على ذواتِنا والابتعاد عن مجتمعنا الذي نعيش فيه، ليمسي كلّ شيء في حياتِنا عادياً بل تافهاً، فلا النجاح يفرحنا، ولا تحقيق أيّ خطوة إيجابيّة تؤثّر فينا. بينما تنقلنا محاولة التخلّص من الاكتئاب والخروج من حالته إلى الحالة الصحّيّة السليمة، ونتابع من خلالها مشاريعنا ورسالتنا في الحياة. فهل ندعُ الاكتئاب يأسرنا في سجنه، وطرق التخلّص منه بين أيدينا؟  

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..