لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)، قول رسولٍ حكيمٍ، أنزل هاديًا للبشر، و ليتمِّم مكارم الأخلاق ومنها شكر النعمة و الإحساس بالمسؤولية تجاه هذه الأمانة
قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا) (الكهف:46)، البنون زينة الحياة الدنيا ونعمة تستحق الشكر والحمد ولا يكون ذلك إلا بتحمل المسؤولية على أتم وجه و تربيتهم التربية الصحيحة وتلبية احتياجاتهم وَوَهْبهم العيش الكريم.
قد تكون التربية أصعب مشوار يخطوه المُربِّي في طريق الحياة الأسرية، ومَن منا لا يحلم بأبناء صالحين تمَّت تربيتهم التربية السليمة و الصحيحة؟!
دور المُربيّ على الصعيدين المباشر وغير المباشر
تكون مسؤولية المربِّي تجاه الأطفال في المقام الأول على ما يرثه إياهم إما بطريقةٍ مباشرة كالموروثات الجينية سواءٌ في الشكل أو طريقة الكلام أو حتى الأمراض المنقولة جينيًا، وغير مباشِرة كالمنهج الذي يربيهم عليه أيضًا قد يكون بطريقةٍ مباشِرةٍ كالتلقين أو بطريقةٍ غير مباشرة كالتقليد، وهنا يأتي الدَّور الأهمّ حيث ليس كل شيء يجب أن نورِّثه أبناءنا، فبعض العادات و السلوكيات لا يمكن التخلص منها بسهولة و الأمراض الوراثية أو تلك التي تسببَّت بها المشاكل العائلية لن ترحل أبدًا أو ستندثر لكن بعد عناء؛ فرفقًا بهم.
يأتي الوعي الأُسَريّ كأول مَخْرج سليم يَقِي الأسرة من الاندثار، الوعي الذي يجعل المربِّي يضع كل الأساسيات أمام عينيه لينشئ عائلة سليمة نفسيًّا وجسديًّا وسلوكيًّا. الوعي الذي يجعلك تخاف على أبنائك حتى قبل أن يَرَوْا نور الحياة، خوفك الذي يعبر عن حبك للعائلة التي أسستها أو على قيد ذلك. ومن منطلق الحرص على إنشاء أُسَرٍ سليمة و مجتمع سليم، إليك أمور تساعدك على الوعي، فهناك أمور يجب أن لا نورثها أطفالنا.
مَوْروثات لا تورثوها أطفالكم
الأمراض الوراثية
قد تكون الأمراض أسوأ موروثٍ نورِّثه لأطفالنا. و لذلك فإن الوعي أهم وسيلة لمحاربة الأمر، الأمراض الوراثية كالثلاسيميا، متلازمة داون، الضمور العضلي، الأنيميا المنجلية، و التليف الكيسي، نستطيع أن نحدّ من تفشيها في مجتمعاتنا بأن لا نورثها للأجيال التي تلينا بالوعي والتثقيف الصحي، وربما يكون زواج الأقارب أهم مسبِّب لها و فحص ما قبل الزواج أفضل رادع لها، فدعونا يدًا واحدةً لنقضي على تفشي مثل هذه الأمراض في مجتمعاتنا و لنخاف على أطفالنا ونجعلهم أوّل اهتماماتنا.العادات و السلوكيات الخاطئة
من العادات غير المحببة والسلوكيات الخاطئة التي يجب أن ننتبه لها كمسؤولين عن تربية أبنائنا: تناول الوجبات السريعة، التدخين، عدم تناول إحدى أهم الوجبات الأساسية اليومية كالإفطار أو الغداء أو العشاء، عدم ممارسة الرياضة، مشاهدة التليفزيون لفتراتٍ طويلة، السلوكيات المزعجة كالصراخ والضرب.جميع هذه العادات و السلوكيات -وإن بَدَا بعضها عاديًّا- يجب أن يَعْلم المربِّي بأنها قابلةٌ للتقليد من قبل الطفل، فإن أراد أن تكون تربيته صالحة؛ يجب أن ينتهي عنها أمام الطفل على الأقل.الصفات السيئة
جميعنا قد يحمل صفات غير محببة، فلله الكمال وحده، ولكن كمُرَبٍّ لطفل يجب أن تنتبه للعديد من الصفات التي قد تؤثر على التنشئة السليمة لطفلك كالكذب والغش، قول الغيبة، الاستهزاء بالآخرين والحقد، التنمُّر والتفرقة في المعاملة بين الإخوان، البخل، الغرور والعنصرية. جميعها صفات سيئة و منبوذة مجتمعيًّا يجب ألَّا نورِّثها أطفالنا ونضيّع فطرتهم التي فطرهم عليها الله.المشاكل العائلية
الخلافات المستمرة بين الأبوين، أو الأبوين والطفل، أو بين الطفل وأخوته قد تسبب مشاكل على المدى القريب والبعيد، فيمكن أن تورث الطفل أساليب وسلوكيات سيئة جدًّا كالضرب والشتم والتنمر، ومن الممكن أن يصاب بأمراض واضطرابات نفسية كالانطواء والقلق والاكتئاب، كما يمكن أن يتسبب بتأخُّرٍ في الاستيعاب وتأخر دراسي أيضًا. المشاكل العائلية موجودة وقلما تجد منزلًا بلا مشاكل ولكن المربِّي الناجح من يسيطر عليها ولا يظهرها أمام أطفاله ليقِينِه بأن صحتهم النفسية أهم من أي شيء آخر وإنها ستؤثر عليهم سلبًا -حاضرًا ومستقبلًا.ختامًا، مَنْ مِنَّا لا يحلُم بأن يرحل عن الدنيا وقد اطمأن على أبنائه بأن ورَّثهم كل ما يملك من مادة، شعور مريح ينبع من حِسِّ المسؤولية لدى الآباء، ولكن مثلما تحب أن تورثهم مادةً ينتفعون بها في حياتهم، اهتم بوِرْثهم المعنوي من تربية و تنشئة سليمة خالية من الأمراض و السلوكيات غير السويه.
أبناؤنا أمانة فلنحسن حفظها.