لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
كثرت المجموعات والمواقع المتخصصة بالمنح الدراسية أو بالدراسة في الخارج، وذلك يدل على رغبة الكثير من الشباب والشابات في السفر للدراسة في دول أخرى، لكن هناك عائق إضافي يقف أمام رغبات كثير من الشابات، وهو رفض أهاليهن سفرهن، فإن كنتَ شابا أو شابة لا توجد لديكِ مشكلة في السفر، فهذه المقالة ليست لك بالدرجة الأولى، لكنك ستسفيد منها؛ لأنني أحاول طرح نقاط مهمة لسماح الأهالي بسفر بناتهم بغرض الدراسة.
أُنوّه إلى أنني لم أخض تجربة إقناع أهلي بالسماح لي لأدرس في الخارج، لأن أمر دراستي كان مُرتَّبا له، لكن كوني من عائلة محافظة ومتدينة وقد مررت بتجربة الدراسة في بلد أجنبي من غير محرم.. يمكنني إعطاء بعض النقاط المهمة التي قد تساعدكِ في إقناع أهلك بالسماح لكِ بالسفر والدراسة خارجًا.
1- وسيلة وليست غاية
أقنعتِ أهلك بالسفر وسافرتِ وأنهيتِ دراستك وعدتِ إلى بلدكِ ثم ماذا؟ ينبغي ألا تكون الدراسة في الخارج هدفاً بحدِّ ذاته، بل وسيلةً لتحقيق أهدافٍ سامية مثل: مساعدة غيرك أو إضافة قيمة إلى العلم والمعرفة أو المساهمة في تنمية بلدك وغير ذلك. وماذا لو لم تستطيعي إقناع أهلك بالسفر، هل هذه نهاية العالم؟ هل الدراسة في الخارج هي الطريق الوحيد للتعلم وللحصول على فرص أفضل وخدمة بلدك ومجتمعك؟! لنفكر بصورة أكبر.
بالمناسبة.. في حال سافرتِ وعدتِ إلى ديارك ولم تنجحي بالحصول على فرص جيدة، فسوف تُعتبر دراستكِ عبئًا عليكِ لأنك لم تنجحي في الحصول على فرصة بالرغم من دراستك خارج بلدك وبَذْلِك جهودًا كبيرة؛ لذا قد يصبح الأمر عبئًا عليك.
2-عقلية الوالدين
لأكون صريحةً معكِ.. أعتقد أن عقلية الوالدين (خاصة الأب) تلعب دورًا أساسيًّا في السماح للفتيات بالسفر لدول أخرى للدراسة، فإن كان والدكِ يسمح لكِ بالسفر للخارج للدراسة. فأنتِ محظوظة، أُزيلت عنكِ بعض الإشكاليات. وإن لم يكن والدكِ كذلك، فازدادت قائمة الإشكاليات خانةً إضافية.
لكن يجب ألّا نحكم على الأهالي الذين لا يسمحون لبناتهم بالسفر أنهم رجعيون أو لا يعرفون مصلحة بناتهم، إنها مشاعر الحب والحرص التي لن نفهمها إلا عندما نصبح آباءً وأمهات، العالم مليء بالمخاطر والتحديات. ولا ننسى ما قد يتعرّض إليه الوالدان في حال سفر بناتهم من وَصْمٍ ورَفْضٍ من المجتمع لقبولهم بهذا، حاولي بصدق فَهْمَ الطرف الآخر لتَجِدي حلًّا.
3-العمل والعمل
الكثير يحلم ويأمل ويتكلم عن أحلامه وآماله، لكن قليلون من يُخططون ويعملون لتحقيق ما يرغبون به، إن العمل والاجتهاد الحقيقي من أهم الأمور التي قد تُهملها الفتيات أَوْ لا تُلقي لها بالًا، أو ربما ترغب الفتيات أوَّلًا بالتأكد من أن والديها لا يمانعان فكرة السفر وبعد ذلك تجتهد وتسعى. لا.. هذا أسلوبٌ غير ناجح، قد يكون والِدَاك ممن يُغيّرون رأيهم عندما يتأكّدون أنكِ جادّة ومجتهدة في تحقيق ما تحلمين به، أي إنهم قد يقتنعون عندما يرون أنكِ من المُجّدات في دراستك، أو عند إتقانك للغات أجنبية أو عند نيْلكِ شهادة الآيلتس أو التوفل، أو عند بحثكِ وحصولكِ على منحة دراسية، اجتهدي أولا واسْعَي، لا تنتظري تغيير رأي والديك. لكن كوني حذرة من أن تُفهم هذه الجهود على أنها “خروج عن الطاعة” أو أنكِ تفعلين ما تريدين بغض النظر عن رأي والديك، أنتِ أدرى بوالديك وبطرق إقناعهما، المهم أن تجتهدي بالطريقة المناسبة لوضعك، ولا تعرفين ما الذي يُخبئ لكِ المستقبل.
أمر آخر يندرج تحت هذه النقطة وهو تأكُّد أهلكِ من نضوجك وقدرتك على تحمل الصعاب، فالغربة ليست سهلة، وقبل أن يسمح لك أهلك بالسفر.. يجب أن يتأكدوا من أنك قوية وقادرة على تدبر أمورك في الغربة، يريدون أن يتأكدوا من قدرة ابنتهم على التصرف بشكل صحيح في حالات مختلفة: تعرضك لتحرش جنسي، سرقة أو أي مشكلة أو وضع صعب قد يحدث لك لا قدر الله (حماكِ الله وحمى الله الشابات والشباب). لا أدري كيف يمكنكِ فعل هذا، لكن فكري فيه فالأمر مهمّ جدًّا.
4-اختلاف التجارب من مكان لمكان
لا يمكن تعميم تجارب الدراسة في بلد لآخر؛ بل حتى في نفس البلد نفسه، مثلا أعرف فتاة كانت تدرس في ماليزيا لوحدها، كانت تعاني كثيرًا في البيئة التي تدرس فيها، مثلا: تتعرض للتنمر، تعاني قلة الصحبة الصالحة المُعِينة، وتشتكي من عدم مناسبة السكن الجامعي للثقافة العربية أو الإسلامية، كل هذه الأمور كانت مختلفة جدًّا عن تجربتي في الجامعة العالمية الإسلامية في ماليزيا.
لذا احرصي على اختيار البلد المناسب والبيئة الجامعية المناسبة، وأن تبحثي كثيرًا وتسألي عن تجارب من يدرس في الدولة والجامعة التي تفكرين بالدراسة فيها، وينبغي معرفة تاريخ وثقافة البلد الذي تخططين للسفر إليه، كل هذه الجهود ضرورية وتساعد في إقناع أهلك بأن البيئة والمكان آمنَيْن ومناسبَيْن لك.
كيفية كتابة خطاب الدراسة في الخارج والمشاركة في برامج التبادل الثقافي
٣ مواقع عربية لاكتساب المعرفة والحصول على المنح والفرص
13 نصيحة للفوز بالمنحة الجامعيّة
5- الصحبة الصالحة ومشاركة التجارب
إن وجود أشخاص ثقة تعرفينهم يساعدك كثيرا في غربتك، مثلا: صحيح أنني سافرت بدون محرم، لكن سافرت ومعي أختي، ووجودها كان الداعم والسند الأساسي بعد الله ولولاها بعد الله لما استطعت إكمال الطريق. وأنتِ كذلك.. يمكنك التخطيط مع أختك أو صديقاتك أو قريباتك للدراسة سوية، فقد يكون سفرك مع رفقة صالحة تثقين بها هو مفتاح إقناع والديك بهذا، صدقيني.. إن الرفقة الصالحة ركيزة أساسية تساعدك في الغربة، ولا تستهيني بكونها تساعدك في إقناع والديكِ بالسفر.
لكن قد لا تتوفر لك إمكانية الدراسة برفقة أخواتك أو صديقاتك.. وهذا ما حدث مع إحدى الزميلات اليمنيات، حيث كانت من الأوائل على نطاق الجمهورية اليمنية (وهي منتقبة)، لكن ذلك لم يمنعها من الدراسة في الخارج، فسافرتْ إلى ماليزيا برفقة أخيها وبقي معها لمدة شهر إلى أن استقرتْ أمورها وعاد إلى اليمن، وبقيتْ تدرس. وقصة صديقتي ليست الوحيدة.. أعرف كثيرًا من الشابات مثلها من رافقهن عائلاتهن أو فرد من عائلتهن لفترة ثم بَقَيْن وحدَهن، وأنتِ كذلك ربما تكون هذه الطريقة مفتاحا لكِ للدراسة في الخارج.
وهناك أمر آخر مهم وهو وجود تجارب ناجحة لشابات سافرن للدراسة، ربما لا يمانع الوالدان سفر بناتهم، لكنهم يحتاجون إلى دَفعةٍ بسيطة تؤكد لهم صحة قرارهم أو أنهم يحتاجون لسماع تجارب شابات أخريات، أذكر أن سيدة اتصلت بوالدتي طالبةً النصيحة في السماح لابنتها بالدراسة في ماليزيا لوحدها، وهذه السيدة ليست الوحيدة، حيث كان يطلب مني كثير من الزملاء النصيحة لسفر أخواتهم، وفي أغلب الأحيان سافرت هؤلاء الشابات. وجود نماذج جيدة ومشاركة التجارب أمر مهم.
لذلك.. حاولي البحث عن تجارب لشابات يُشبهنك سافرن ودرسن في الخارج، وحاولي إيصال تجاربهن كلها بسلبياتها وإيجابياتها لوالديكِ، فكل هذه الأمور التي قد تظنين أنها تافهة إلا أنها تلعب دورًا في إقناع والديكِ.
6-الجزء غير المحكي
لكن أيضا هناك جزء آخر غير محكي، كثير من الفتيات بعد سفرهن لدول أخرى، اضطررن للعودة مجددًا إلى بلدهن وأوطانهن، بسبب عدم تحملهن الغربة، أعرف فتيات سافرن وقضين فترة في الغربة ثم قررن العودة إلى أهاليهن، بسبب عدم تحملهن الفراق أو صعوبة التكيف في بلاد الغربة.
وقد تستغربين من تصرف ابنة أحد معارفي الذي بذل جهدًا كبيرًا في إقناع ابنته بالسفر والدراسة في ماليزيا، لكنها لم ترغب بمفارقة عائلتها، وفضلت الدراسة في جامعة محلية خاصة بسيطة ليس لها ترتيب يُذكر في الجامعات العربية. لذا بعض الشابات – والشباب أيضا- لا يتحملون فكرة البُعد عن أهاليهم أو أن قدرتهم على تحمل الغربة ومشاقها قليلة.
الدراسة في الخارج تجربة مميزة ومثرية بكل معنى الكلمة، لكنها تجربة صعبة قد تكون نهايتها وخيمة أيضا، فكُوني على علم بكامل المخاطر والصعاب التي قد تواجهكِ في الغربة، أنتِ لست ذاهبة في إجازة.
7-أنتِ أعلم بوالديكِ
يحتاج كل فرد إلى نَهْجٍ معين في الإقناع، بعض أساليب الإقناع لا تنفع مع البعض لكنها تنفع مع البعض الآخر، وأنتِ أعلم بكيفية إقناع والديك، استخدمي الطريقة المناسبة في إقناعهم، منهم من يقتنع بالفوائد الناتجة عن الدراسة، والبعض الآخر بضرورة الخروج من البلد بسبب الأوضاع السيئة في بلدك، بعد عام (2011م) حدثت تطورات أجبرت الأهالي على إرسال أبنائهم وبنتاهم للدراسة في الخارج، بحثا عن فرص أفضل أو حمايةً لهم من مخاطر قد يتعرضون لها في حال بقائهم في بلادهم (ولهذا ازدادت نسبة الطلبة العرب الذين يدرسون في الخارج)، وبعض الأهالي يقتنعون بالجوانب المادية مثلا (حصولك على منحة تُعفيهم من مصاريف دراستك)، المهم أنكِ تعرفين الطريقة المناسبة لإقناع والديك.
وربما يستحيل على والديكِ السماح لك بالسفر أو حتى مجرد مناقشة الفكرة معهم، لذلك أنتِ أعلم بطبيعة والديك، وأنت أعلم بما ينفع أو لا ينفع من النقاط التي ذكرتها في إقناع والديك.
8-الأمر يأخذ وقتًا
إقناع الأهالي بالسفر للدراسة أمرٌ لا يتم بين ليلة وضحاها، بل هو أمر يجب الإعداد له قبل سنوات، وأحد الأمور المهمة.. تهيئتهم لتقبل فكرة السفر (ربما إعلامهم قبل سنوات أو باستعدادك.. أنتِ أعلم بالمناسب)، ولو كنتِ حقا تُنفّذين النقاط المذكورة سابقًا.. لعرفتِ أن الأمر يأخذ وقتًا.. فمثلا: يتطلّب تأكُّد أهلك من نضوجك أو من اجتهادك وقتًا طويلًا، وكسبُكِ لثقة أهلك أنك قوية وقادرة على تحديات الغربة لا يتم خلال أشهر، فكوني صبورة وذكية وخططي للأمر قبل سنوات.
9-إنها ليست نهاية العالم
اجتهدتِ وكافحتِ لكن ذلك لم يُجْدِ نفعًا في إقناعهم، هذه ليست نهاية العالم، وحياتك لن تتوقف لأنك لم تدرسي خارج بلدك، ثابري وكافحي، ربما قد يسمحون لكِ بالسفر في مرحلة الماجستير أو الدكتوراه، من يدري؟ أو ربما لا.. فالدراسة في الخارج ليست هدفًا بل وسيلة لتحقيق الغايات، لذا ركزي على غاياتك وأهدافك البعيدة، ولا تنسَيْ أنك تستطيعين الالتحاق بدورات عبر الإنترنت تُثريك في حال كان التعليم في بلدك سيئا أو لا قيمة له، والدراسة عبر الإنترنت باتت منتشرة، تستطيعين الإلتحاق ببرامج جامعية مرموقة عبر الإنترنت، كل شيء بات متاحًا، وهو مفتاحك لتطوير ذاتك.
ولا داعي لإعلان الحرب على والديك وأهلك، لا داعي لجعل علاقتك بوالديكِ سيئة، الأمر لا يستحق أبدًا، ولا يوجد ما هو أغلى من الوالدين ورضاهما.