لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
يضغط الكثير من الأهالي على أطفالهم للدراسة والمذاكرة، لكي يحصلوا على درجات أعلى في الامتحانات، ويمكن أن يصل الأمر بهم لحد العنف والقسوة مع أطفالهم، ظنًّا منهم أنهم بهذه الطريقة سيجبرون أطفالهم على الحصول على عدة درجات أكثر، فهل حقًّا يعد الضغط وسيلة فعالة يمكن من خلالها أن يحقق الأطفال درجات أعلى، وهل هذا الأمر مُجْدٍ حقًّا ومفيد؟ أم أنها طريقة خاطئة ستضر الأطفال أكثر مما تنفعهم؟
هل الضغط على الأطفال في الدراسة جيد؟
في كثير من الأحيان يكون الضغط على الأطفال في التعليم هو الخطأ الجسيم، حيث إن الضغط على الطفل للحصول على درجة كبيرة في الامتحان يجعله يفقد المعنى أو الهدف الحقيقي من التعليم، والذي يتمثل في مساعدة الطفل على النمو والتطور المعرفي واكتساب المهارات الحقيقية التي تساعده على النجاح بعد ذلك في الحياة، سواء في الدراسة أو في المهنة أو في الحياة الشخصية.وبالتالي فإن حصول الطفل على بضع درجات أعلى في الامتحان لن يكون مجديًا للطفل، بل سيجعله يفوت العديد من الأشياء الهامة، ولن يحصل على شيء في المقابل إلا حفظ بعض المواد وكتابتها في الامتحان للحصول على عدة درجات أعلى دون تحقيق أي استفادة فعلية، وللأسف فإن تركيز التعليم في الوقت الحالي على نتائج اختبارات موحدة يعد ظلمًا كبيرًا، ويزيد من الشعور بالضغط على الطلاب، ويزيد أولياء الأمور من هذا الضغط لكي يحصل أبناؤهم على درجات عالية تؤهلهم لدخول كليات يطلقوا عليها "كليات القمة". لا لشيء إلا لأن هذه الكليات تتطلب لدخولها الحصول على نسبة مئوية عالية، وأنا أرى أن تصنيف الكليات ككليات قمة وكليات عادية وكليات قاع أمر في غاية الظلم لمهارات الطلاب المتفاوتة والمختلفة.
هل درجات الأطفال تحدد نسبة ذكائهم؟
في ظل طبيعة وطريقة التعليم الحالي، هل ذكاء الأطفال مرتبط بدرجاتهم في الامتحان، وهل هذا يعني أن الطفل ذا الدرجات السيئة غبي؟ في الواقع لا، درجات الامتحان لا تحدد أبدًا نسبة ذكاء الطفل، الذكاء مفهومه واسع جدًّا ولا يمكن أن يتم تحديده بدرجات المواد الدراسية، أيضًا فإن المنطق يقول إن الطفل لا يمكن أن يحصل على أعلى درجة في كل مادة، لا يمكن أن يكون الطفل هو الأفضل في كل المواد، هناك دائمًا أطفال أفضل من أطفال في مواد معينة، أطفال لديهم موهبة في شيء معين وأطفال لديهم موهبة في شيء آخر، لا يمكن أن نقول إن الطفل الموهوب في العزف فاشل لمجرد أنه غير موهوب في الرياضيات، وأن الطفل العبقري في الكمياء ذكي في المجمل في كل نواحي الحياة.أيضًا فإن الضغط على الأطفال سيشعر الطفل أنه فاشل، وأن الآخرين يتفوقون عليه، وهذا يمكن أن يصيبه بخيبة أمل تعيقه عن تطوير ما هو موهوب فيه بالفعل، لذا فإن تركيز الوالدين دائمًا على أن يحصل الطفل على أعلى درجة في كل مادة سيجعل الطفل يركز فقط على طريقة الحصول على درجات عالية ليكون في القمة، وهذا سيجعله يشعر رويدًا رويدًا أن جهوده لا يتم تقديرها، وسيفقد الثقة بنفسه ويصاب بأمراض نفسية مثل القلق، كما أنه سيتجنب الخوض في أي مشاريع إبداعية أو تعلم مواقف تعليمية مختلفة أو يجازف بأي شيء خارج عن المألوف، وهذا سيجعله طفلًا نمطيًّا لا يركز إلا على الحصول على درجات عالية لكي لا يتعرض للنقد من قبل والديه.ويقول المجتمع العلمي إن الاختبارات المدرسية هي نظام تم وضعه لكي يقيس قدرة الطالب على التعلم لا أن يقيس مستوى ذكائه، وبالتالي فإن الاختبارات لا تحدد نسبة ذكاء الطلاب، ولا ننسى أن هناك العديد من النماذج في المجتمع التي فشلت في الاختبارات المدرسية لكنها كانت عبقرية وفذة، مثل العالم ألبرت أينشتاين الذي فشل في الامتحانات المدرسية لكنه كان واحدًا من أذكى العلماء على الإطلاق، وكذلك العالم الكبير أديسون الذي ظن معلميه أنه بطيء الاستيعاب، وأرسلوا رسالة معه إلى والدته يقولون فيها إن ابنها غبي جدًّا ولن يستقبلوه في المدرسة بعد الآن، وبعد سنوات نرى كيف ساهمت اختراعاته في مساعدة البشرية.وهذا يجعلنا نستنتج أن لكل طفل قدرات مختلفة، ولكل طفل موهبة محددة، لا يوجد ما يسمى بقدرات وموهبة فذة وقدرات وموهبة لا فائدة منها، كل المواهب والقدرات تميز أصحابها، وبالتالي الحكم على طفل من خلال الامتحانات والمواد الدراسية ظالم، فمثلًا سيكون من غير العادل أن نقول أن السمكة فاشلة لأنها لا تستطيع الحياة على البر، أو أن الأسد ضعيف لمجرد أنه لا يستطيع تسلق الشجرة مثل القرد.
هل التعلم في الدول النامية مُجْدٍ؟
نعرف أن التعليم في الدول النامية يمر بأزمة حقيقية، لذا فإذا كان الضغط على الطفل للحصول على درجات عالية خطأ بنسبة مائة بالمائة في كل دول العالم، فإن الضغط على الطفل في الدول النامية للحصول على درجة عالية في الامتحان وسط ما يعاني منه التعليم هناك خطأ ألف بالمائة، ولا يستدعي أبدًا من الوالدين الضغط بقسوة على الطفل، لذا فإن هناك عددًا من الأفكار والطرق الأخرى لتعليم الطفل ما يفيد وذلك من خلال تشجيع الطفل على أن يكون في أفضل حالة له، أن يتبع شغفه ويطور مهاراته ويفعل ما يحب.يجب على الوالدين أن يساعدا ابنهما على اكتشاف موهبته وشغفه، إذا قدمنا للطفل التشجيع فسوف نساعده في زيادة ثقته بنفسه، وسوف يعثر الطالب على أنسب طريقة له لكي يدرس بها، وسوف يكون أحرص الناس على تحسين مهاراته الدراسية، وعلى العكس من ذلك إذا قمت بالضغط على الطفل وأشعرته بالإجهاد فإن هذا سيؤثر عليه نفسيًا وجسديًا، فمثلًا سيؤثر الضغط على نوم الطفل، وشهيته، وحالته المزاجية، وسيزيد من نسبة القلق لديه، وسيجعله غاضب وفاقد الثقة في نفسه، ويمكن أن يصل الأمر به للاكتئاب.ومن رأيي أن مساعدة الطفل على تحقيق ما يريد وما يحب ستجعله أفضل، إذا كان طفلك يحب الموسيقى أو الرسم أو الفضاء أو الكيمياء فساعده في الحصول على دروس لينمي بها شغفه، اشترِ له الكتب والهدايا ذات الصلة بما يحب، وإذا كان طفلك لا يستطيع أن يحصل على درجات عالية في مادة معينة فلا بأس، حاول معه دون ضغط، وإذا لم يحصل على الدرجة النهائية فلا تعنفه، ستجد أن طفلك ذكي وموهوب في مجالات أخرى، لذا لا تجعل ذكاءه متوقفًا على أن يكون ذكيًّا في كل المواد، لا يوجد أحد في العالم متميز في الكيمياء والفيزياء والرياضيات واللغات والموسيقى والرسم معًا!! احترم حدود وإمكانات طفلك وقدره لكي يثق بنفسه ويصبح أفضل.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد