لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
مي زيادة أو ماري زيادة كما سُميت عند الولادة، هي شاعرة وكاتبة ومترجمة، جرى في عروقها الدم اللبناني والعراقي، فحملت الجنسيتين. كانت زيادة كاتبة غزيرة الإنتاج، تكتب كثيرًا، كلماتها وأفكارها لا تنتهي، فكتبت في العديد من الصحف والدوريات العربية، إضافة إلى إنتاجها الأدبي من القصائد والكتب. كانت من مناصري المرأة في المجتمع العربي. عُرفت على نطاقٍ واسعٍ في الساحة الأدبية والثقافية. لكن لم يحالفها الحظ في حياتها الشخصية التي امتلأت بالمآسي.
نشأتها وحياتها
وُلدت مي زيادة في الناصرة بفلسطين في 11 فبراير عام 1886 لأب لبناني وأم فلسطينية. كان والدها إلياس زيادة يعمل محررًا في صحيفة المحروسة. التحقت مي بمدرسة ابتدائية في الناصرة. وعندما ذهبت مع والديها إلى منطقة كسروان في جبل لبنان. أرسلوا مي إلى عينطورة لاستكمال دراستها الثانوية في مدرسة الدير الفرنسي للبنات، في هذا الوقت كانت مي في الرابعة عشرة من عمرها.أثناء دراستها في عينطورة، تعرفت على الأدب الفرنسي والرومانسي، وقد أحبت الأدب الرومانسي كثيرًا. وقد التحقت بالعديد من مدارس الروم الكاثوليك في لبنان. ونشرت مقالتها الأولى في سن السادسة عشرة. عادت مي إلى الناصرة بفلسطين في عام 1904 لتكون بالقرب من والديها.يُعتقد أنّ مي زيادة لم تتزوج، ولكن يُقال أنها كانت على علاقة عاطفية مع الأديب والشاعر اللبناني الكبير جبران خليل جبران. وعلى الرغم من أنهما لم يتقابلا، إلا أنهما ظلا في كتابة الرسائل إلى بعضهما البعض حتى وفاة جبران في عام 1931.
مأساة مي زيادة
تعرضت زيادة للكثير من الخسائر بين عامي (1928-1932)، فقد تُوفي والديها، وفقدت أصدقائها، وكانت وفاة حبيبها جبران هي الضربة القاضية، مما تسبب في اصابتها بحالة اكتئاب وحزن دائم ووقعت في دوامة الآلام النفسية.عندما أصيبت بحالة شديدة من الاكتئاب، استنجدت بابن عمها جوزيف، الذي لم يتأخر في الرد عليها، وسرعان ما تقرب منها، وبدأ يعرض عليها المساعدة من خلال النيابة عنها، لكي يستطيع التحكم في أملاكها، وأخذ يقنعها أنّ ممتلكاتها ستكون في أمان تحت يديه. رفضت في بادئ الأمر، بالرغم من ثقتها فيه. حتى جاء اليوم الذي أحضر فيه الباشكاتب إليها وجعلها توقع على أوراق تفيد بأنه سيكون المتحكم في أملاكها.في تلك الفترة كانت مي مريضة، وهي نفسها تذكر في إحدى كتاباتها أنها لا تدري لماذا وقعت على هذه الأوراق، بالرغم من رفضها التام. لم يكن جوزيف مخلصًا، وما فعله معها كان شنيعًا، إذ أنه عاد بها إلى لبنان ووضعها في مصحة نفسية وتحكم في أملاكها كما يشاء. تسبب فعل جوزيف هذا في تحطيم قلبها وزيادة البلاء عليها.تعافت مي، وأثبت التقرير الطبي أنها أصبحت بخير، والآن تتمتع بصحة نفسية جيدة للغاية. بعدما خرجت من المصحة جاءت إلى أرض الكنانة مصر. ونزلت في القاهرة وعاشت ما تبقى من عمرها هناك، حتى توفيت في 17 أكتوبر عام 1941.
حياتها الصحفية ودراسات اللغات
عام 1908، هاجرت مي زيادة وعائلتها إلى مصر، وهناك أسس والدها جريدة المحروسة. ساهمت مي بعدد من المقالات التي نُشرت في تلك الصحيفة، واختارت أن يُكتب اسمها مي بدلًا من ماري.اهتمت مي بتعلم اللغات، حيث أنه بجانب اتقانها للغة العربية – لغتها الأم – أتقنت أيضًا اللغة الفرنسية جيدًا. وأكملت دراستها الجامعية في تعلم اللغات الحديثة في مصر وتخرجت عام 1917. وكانت على معرفة جيدة بلغات عدة، وهي: الإنجليزية والإيطالية والألمانية واللاتينية واليونانية الحديثة والإسبانية.
شهرتها في الوسط الأدبي
اشتهرت زيادة في الوسط الأدبي كثيرًا وكانت تعقد صالونًا أدبيًا كل أسبوع، بداية من عام 1912. وكان يحضره نخبة من ألمع النجوم في الساحة الأدبية من أمثال طه حسين وخليل مطران وأحمد لطفي السيد وولي الدين يكن وأنطوان الجميل وعباس محمود العقاد ويعقوب صروف.كانت زيادة مقربة من جبران خليل جبران، وحافظت على مراسلته منذ عام 1912 وحتى وفاته، واستمرت المراسلات 19 عامًا. وبمساعدة مي زيادة، استطاع جبران تقديم أعماله للشعب المصري. فقد كان مُقيمًا في نيويورك بالولايات المتحدة.
الحركة النسائية
في تلك الحقبة الزمنية، ظهر عدد من النساء اللاتي نادين بحقوق المرأة على رأسهم هدى شعراوي والأميرة نازلي فاضل. وشاركت زيادة أيضًا في حركات تحرير المرأة والمناداة بحقوقها، ولكنها كانت تُفضل قوة القلم الأدبي عن كونها مصلحة اجتماعية. وكانت تتعمق في كتاباتها التي دعت لتحرير المرأة، من خلال معالجة الجهل والمفاهيم الخاطئة التي يتبناها البعض تجاه الفتاة أو المرأة وكذلك التقاليد الظالمة للمرأة العربية.شبهت مي أنّ الظلم الذي تتعرض إليه المرأة بمثابة الاستعباد، وكتبت ذات مرة أنّ المرأة المستعبدة لا تستطيع حتى إرضاع طفلها من حليبها عندما تفوح منه رائحة العبودية. وأشارت إلى المساواة والتخلي عن كل الشهادات الظالمة للمرأة. وفي عام 1921، أقامت زيادة مؤتمرًا بعنوان “هدف الحياة” ودعت إليه النساء العربيات. وطالبت بالانفتاح على الغرب مع الحفاظ على الهوية الشرقية.
الرومانسية في أعمالها
أحبت مي الأدب الرومانسي بصفة خاصة منذ أن كانت طفلة. وتأثرت بعدد من الأدباء الرومانسيين منهم: ألفونس دو لامارتين وجورج غوردون بايرون وبيرسي بيش شيلي وأخيرًا جبران خليل. ظهر تأثرها هذا بشكلٍ واضحٍ في أعمالها الأدبية الرائعة.
أعمالها وتكريمها
كتبت مي العديد من الأعمال ليس بالعربية فقط، وإنما كتبت على نطاق واسع باللغة الفرنسية ولها بعض الأعمال بالإنجليزية والإيطالية. وكان أول عمل منشور لها هو “Fleurs de rêve” باللغة الفرنسية عام 1911 وهو عبارة عن مجلد شعر باسم مستعار وهو إيزيس كوبيا. تَرجمت مي العديد من الأعمال الأدبية الأوروبية، أبرزها كان لآرثر كونان دويل (مبتكر شخصية شارلوك هولمز). عام 1999، اختارت وزيرة الثقافة اللبنانية مي زيادة كشخصية العام في الاحتفال السنوي “بيروت العاصمة الثقافية للعالم العربي”.
المزيد عن الأدب:
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد