لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
هناك الملايين من الناس حول العالم يفتقرون إلى الحصول على المياه النظيفة وخصوصًا في المناطق غير المتطورة ويعود سبب ذلك هو تلوث المياه وإهمال العمل على تنقيتها .المهندس الهندي
(رامفير تانور) كان في السنة الأخيرة للحصول على البكالوريوس وأدرك أن البحيرات والبرك المحيطة به بدأت تتلاشى تدريجيًّا حيث تم تحويل هذه البحيرات إلى مناطق نفايات بسبب إهمال الناس لها ولم تعد كما كانت من قبل. لم يعد بإمكان المهندس الشاب (رامفير) البالغ من العمر 25 عامًا تجاهل هذه القضية وقرر أن يتولى مهمة إحياء البحيرات الميتة حول القرى.
توعية الناس بخطورة التلوث
في عام (2013م) لاحظ المهندس (رامفير تانور) إهمال الناس لهذه الآفة الضارة ولم يكونوا على دراية بمستوى نقص المياه ودرجة التلوث، فقرر أن يبدأ بتوعية الناس بخطورة الوضع ولكنه تفاجأ بتجاهل الناس له ورفضوا تَصديق شيء اسمه (نقص في المياه)، ثم بعد ذلك قرر ألا يقف مكتوف اليدين واستمر ببذل مجهود أكبر فبدأ يَنتقل من منزل إلى آخر من سكان القرية ليشرح لهم خطورة الأمر وتثقيفهم وكانت النتيجة إيجابية وأقام الاجتماعات والندوات وسرعان ما تلقى المكالمات من القرى المجاورة لعقد مثل هذه الاجتماعات وتم الاعتراف بمبادرته من قاضي المقاطعة وتم تسمية الاجتماعات رسميًّا باسم "جال شوبالز" كما قام بتنظيم المسيرات لخلق الوعي بين الناس.
تجديد البحيرات وإنعاش البرك الميتة
لاحظ (رامفير تانور) أنه نظرًا لاستخدام البحيرات والبرك كَمكبّات للنفايات فلا يمكن أن تكون البحيرات خالية من التلوث إذا لم يتم تنظيف المياه الجوفية، وبناءً على ذلك قرر أن يبدأ بمهمة جَديدة وهي تَجديد البحيرات والبرك ولكنه واجه معارضة مره أخرى من سكان القرى بأن هذه العملية غير مُمكنة وهناك أشخاصًا لم يسمحوا له بذلك لعدم وجود مكان آخر يرمي الناس نفاياتهم به، واستجاب (رامفير) لآراء الناس على مَضض ولكنه قرر أن يعمل على ترميم بركة مياه في قريته عام (2015م).وقد جمع عددًا من المتطوعين وبدأوا بإزالة النفايات من البركة ونظّفوها بالكامل وزرعوا الشتلات من حولها، وتمت دعوة إدارة المقاطعة لمشاهدة هذا التحول الهائل، وبعدها بدأت تتوالى الاتصالات من سُكّان القرى والمناطق الأخرى يطلبون (رامفير) لمساعدتهم على ترميم البحيرات والبرك، وبالفعل استجاب لندائهم وتمكن من مساعدة المنظمات غير الحكومية والمتطوعين ، و تمكن من تنظيف وترميم عشرة بحيرات خلال عام (2018م).
إنشاء أنظمة الترشيح ومنع إلقاء النفايات
كان (رامفير) وفريقه يعملون بجهد للحفاظ على نظافة البحيرات وكانوا يجمعون التبرعات من سكان القرية وينظفون البرك بمساعدة المتطوعين، ومن أجل عدم السماح بإلقاء المزيد من النفايات في البرك، قام الفريق التطوعي بحفر حفرة منفصلة لجمع القمامة وقاموا بنصب مرشحات تتكون من الألواح الخشبية والحشائش لتصفية وتنقية المياه المحمّلة بالنفايات في طريقها إلى البركة، حيث تلتقط الألواح الخشبية العناصر الأكبر للقمامة بينما توقف الحشائش العناصر الأصغر ويتم تنظيف الحفرة التي تتجمع بها النفايات مرةً واحدة كل أسبوع.
مواصلة التقدم لهذه المهمة وفرضها كمبدأ ثقافي لسكان القرى
هذه المهمة الشاقة والتي أخذها (رامفير) على عاتقه جعلته حديث الساعة في الهند ووفقًا للخبراء بأنه أنقذ سكان القرى من أزمة مياه حادة، وهذه المهمة أيضًا أجبرته على تغيير العديد من الوظائف لكي يتمكن من تكريس الوقت لمهمته، فهو يذهب إلى العمل الساعة الخامسة صباحًا ويعود الساعة الثانية ظهرًا، ستة أيام في الأسبوع ويقضي باقي وقته في نشر الوعي وتنظيف البحيرات والبرك مع فريقه التطوعي.ودفعت جهود (رامفير) ونجاحه حكومة " أوتار براديش"” إلى إنشاء ما يسمى "Bhujal Sena" والتي تعني "جيش المياه الجوفية" في كل منطقة من الولاية وهذا الجيش يتكون من مجموعات من الأشخاص الذين يركزون على الحفاظ على المياه في مناطقهم، كان (رامفير) هو المسؤول عن منطقته ونظرًا لقلّة الاقتصاد الحكومي والدعم المادي لبرامج التوعية اضطر (رامفير) لمرات عديدة أن يُنفق الأموال من جيبه الخاص للوصول إلى أكبر قدر ممكن من الناس لتوعيتهم وتثقيفهم بأهمية الحفاظ على المياه من الشح والتلوث.واليوم يُعتبر جيش المياه الجوفية هو من أشهر الحركات المنتشرة بالهند في أكثر من (50) قرية وغيّر واجهة قرى بأكملها، وهذه الحركة بطلها هو (رامفير تانور) الشاب المهندس الذي يبلغ من العمر (25) عامًا في ذلك الوقت .هذه التجربة تعلمنا معنى روح المبادرة وأهمية تحسين المجتمع وحياة الآخرين، علمتنا أننا يجب ألا نكتفي بالنظر إلى المشاكل منتظرين المعجزة لحلها، بل يجب علينا أن نبدأ بأنفسنا أولًا قبل الآخرين والعمل بكل تفانٍ لحياة صحية تليق بنا.
إليك أيضًا:
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد