لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
عندما نُقبِل على شيء جديد؛ نقرأ، نتعلم، نبحث، نتدرب جيدًا. فماذا عن مجيئ إنسان على هذه الدنيا عن طريقِك؟! لابد أنه يستحق الكثير من الاستعداد لمجيئه، ويستحق تعلمِك لكيفية التعامل معه في كل مرحلة عمرية.عندما لا نعلم سمات المراحل العمرية نقع في العديد من الأخطاء التربوية التي تتسبب بسوء سلوك الأطفال، ثم نضطر للبحث عن طرق لتعديل السلوك أو ندخل في دائرة مغلقة من الشكوى وعدم الرضا عن تربيتنا، وهذا بدوره سيزيد من سوء السلوك أكثر ويجعل علاقتنا معهم علاقة سيئة فتتسع الفجوة بيننا وبينهم كلما كبروا!لكن حين نتعرف على خصائص المراحل العمرية المختلفة؛ نكون قادرين على تفهّم ما يَصدُر منهم من سلوكيات وتصرفات، وبالتالي نكون أقدر على التعامل مع هذه السلوكيات بحكمة أكثر، وهذا سيساعد على تنمية شخصياتهم بشكلٍ سوي، وأيضًا سيساعدنا على الحفاظ على العلاقة بيننا وبينهم في أفضل حال.رحلتِك مع المراحل العمرية لطفلك، وأبرز سماتها وأخطائها الشائعة
مرحلة الحمل
مرحلة لابد أن تكوني على استعداد نفسي وجسدي لها لتتمكني من التواصل مع جنينك بشكلٍ جيد؛ فبداية التواصل مع طفلك وتشكيل هويته تبدأ منذ كونه نطفة في رحمك. فحاولي في كل فرصة أن تحكي له عن حبّك وامتنانِك لوجوده وشوقِك لرؤيته، وتستطيعين اشراكه فيما تفعلينه في يومك، ويُمكنك أيضًا أن تقرأي له قصة. فهذا سيقوي الرابط بينكما، وسيزيد من مستوى ذكائه وسرعة استيعابه في المستقبل.من أخطاء هذه المرحلة أن تحملي بطفل لم تخططي لمجيئه، فيُصبح شعورك تجاهه رفض دون وعي منك، وكلما حدثت التقلبات الجسدية والنفسية لكِ يزداد رفضك لوجوده. وهذا سيؤثر على يُسر حملك وعلى تواصلك مع طفلك وأيضًا سيؤثر على تكوينه ونموه النفسي السليم.مرحلة الرضاعة
السمة البارزة في بداية هذه المرحلة هي كثرة البكاء، فهي الوسيلة "الوحيدة" التي يستطيع التعبير بها عن احتياجاته، ولابد أن تكوني مدركة لهذا طوال الوقت. أعرف أنه أحيانًا لا نستطيع تحمل المزيد من البكاء والتوتر وجهل ما يعاني منه الطفل، لكن توترك سيزيد الأمر سوءً سيصًعب مهمة تهدئته، فحاولي قدر الإمكان الحفاظ على هدوءِك وتماسكِك، فطفلِك يشعر بما تشعرين به.ومن أخطاء هذه المرحلة هو ترك الطفل يبكي لفترات طويلة دون استجابة، فهذا يؤثر على تكوينه النفسي وشعوره بالآمان والانتماء والحب، كما يمكن أن يؤثر على أعصابه ونموه. ويكون الطفل في مرحلته الأولى تلك مرتبط بكِ ارتباط كامل ومتعلق بوجودِك طوال الوقت أمامه، فتقبلي التصاقه بكِ إلى أن يبدأ بالتدريج في الإنفصال عنكِ واكتشاف أن العالم يحتوي على أشخاص وأشياء أخرى غير "ماما".مرحلة الطفولة المبكرة
تبدأ من إتمامه لعامه الثاني، ويبدأ باكتشاف العالم، فتزداد حركته وتتعدد كلماته، ينشط تركيزه ويزيد تقليده لمن حوله، حيث يصبح في هذه المرحلة مرآة من حوله في كل لفظ وحركة.من هنا نتعلم أن التربية هي تربية الذات أولاً! لا يمكن أن ننهاه عن لفظ نحن نلفظه أمامه، ولا يمكننا أن نمنع تقليده لحركة تصدر منّا نحن. فهذه المرحلة تكشف لنا عن أنفسنا، وهذا ليس بالشيء السيء، على العكس هي فرصة ذهبية لمن يستغلها.ومع هذه المرحلة تُبنىَ العادات الصحيحة للطفل في الأكل والشرب والنوم واللعب، وتُغرس فيه القيم الحميدة والأخلاق بشكل مبسط يناسب استيعابه. كما يبدأ الفضول لدى الطفل وكثرة الأسئلة عن تفاصيل الأشياء وماهيتها في هذه المرحلة.ومن أخطاء المرحلة أننا نعتقد أنه صغير على التعلم والفهم، ولكن في الحقيقية نحن فقط نغفل عن الطريقة التي يستطيع الإدراك بها. فهذه مرحلة البناء الأساسية وما يُغرس فيها سيظل، وإن لم نغرس الخصال الإيجابية فسيُغرس السلبي منها. على سبيل المثال: إن لم يتعلم الطفل من صغره أن يضع ألعابه في أماكنها بعد الإنتهاء من اللعب، وكنت تقومين طوال الوقت بالترتيب ووضعها في أماكنها؛ سيكبر على أن تنظيم كل شيء يخصه هو مسؤلية شخص آخر، وسيكون من الصعب تغيير عادة تم غرسها في هذا السن الصغير.مرحلة الطفولة المتوسطة
تبدأ هذه المرحلة في سن الخامسة، ويكون معها الفضول في ازدياد كبير وتكثُر الأسئلة عن أصل الوجود وعن الله ولا يخلو فضوله من الأسئلة المحرجة. ومع أسئلته نُعيد التفكير في الإجابات المترسخة داخل عقولنا منذ الصغر:هل هي حقًا صحيحة ويمكننا أن نصيغها ليستوعبها عقل الطفل؟ أم لابد من البحث عن الإجابات التي تتناسب مع العصر، ثم معرفة الطريقة التي سيُدرك بها الطفل الإجابة؟ومن أخطاء هذه المرحلة هو الهروب من أسئلة الطفل أو الإجابة عليه بإجابات غير مقنعة أو الكذب عليه! كل هذا سيُدمّر ثقته فيكِ، وسيبدأ بالتدريج عدم سؤالك عن شيء. لكن ستظل تلك الأسئلة في ذهنه إلى أن يسأل شخصًا آخر أو تأتي الفرصة ليبحث ويكتشف بنفسه، وما أدراكي ما خطورة هذا الأمر!في هذه المرحلة أيضًا يبدأ في الذهاب إلى المدرسة وتكوين الصدقات والعلاقات الإجتماعية، وتختلف هنا استجابة وردود أفعال الأطفال وقدرتهم على التأقلم. فهناك الطفل الإجتماعي والطفل الإنطوائي، الطفل الذي يستطيع أن يدافع عن نفسه والطفل الذي يبكي من أقل شيء، الطفل الذي يستمتع بوقته مع زملائه والطفل الذي يشعر بالغيرة منهم. تتعدد شخصيات الأطفال واستجابتهم لهذا التغيير الكبير في هذا السن، ولهذا يجب عليكي التعلم والتعامل بحكمة في كل موقف يحدث أو يحكي لك طفلِك عنه؛ حتى تأخذي بيده لتنمو شخصيته -باتزان- ليُكمل مسيرته التعليمية بشكلٍ جيد.
مرحلة الطفولة المتأخرة
تبدأ من إتمامه العام الثامن حتى الثاني عشر، وهي مرحلة يكون فيها الطفل شبة تائه يتأرجح بين حركات وتصرفات الصغار والكبار، فلا تنتقدي أفعاله بل ساعديه على النضج والخروج من مرحلة الطفولة تدريجيًا، ولا تنسي اشباع حاجاته العاطفية مثلما كان أصغر سنًا.يريد الطفل في هذا السن أن يشعر بقيمته ووجوده أكثر، لذا يُصبح أكثر اهتمامًا بكل كلمة تُقال عنه فمن خلالها يُشكّل صورته الذاتية عن نفسه. ويميل في هذه المرحلة إلى تحقيق الإنجازات التي يرضا عنها من حوله كحصوله على أعلى الدرجاته وتفوقه في تمارينه الرياضية.ومع هذه المرحلة لابد أن يكون الطفل قد تعلم الاعتماد على نفسه في الكثير من الأشياء، كالاستحمام، وارتداء الملابس، وتنظيم غرفته وأدواته، ويمكنه أيضًا مساعدتِك في أعمال المنزل بما يتناسب مع قدراته.من أخطاء هذه المرحلة أن نُحمّل الطفل مسؤليات كبيرة مرددين على مسامعه عبارة "أنت كبرت"، كأن نُحمّله مسؤلية أخوه الأصغر أو نرسله لشراء الأشياء دون أن تكون الخطوة الأولى ونحن معه. فطلبِك المفاجئ له بأشياء لم يعتاد عليها سيُشكّل لديه خوف ورهبة وستهتز ثقته في نفسه.مرحلة المراهقة
المرحلة الفاصلة التي يستصعبها الجميع، ينظر لها الكل على أنها مرحلة التمرد والعناد والرغبة في كسر القواعد. ولكن إذا نظرنا لها بعين إيجابية سنُدرك أنها مرحلة البحث عن الذات وبداية الاستقلال بتجربة هويات مختلفة إلى أن يتم تشكيل هويته الخاصة.من أخطاء التعامل في هذه المرحلة هو تحجيم الحرية وكثرة التحكم والإجبار، وهذا إمّا سينتج عنه تمرد وعند أكبر والدخول في صراعات حتمًا ستخسرين فيها، إمّا سينتج عنه شخص خاضع سيتخلى عن البحث عن هويته الخاصة مقابل رضاءِك.يجب أن تدركي أنه في هذه المرحلة يتأهل كي يتحمل كامل المسؤلية عن حياته وقراراته واختياراته في الحياة، فعليكِ أن تساعديه وتدعميه وتعززي ثقته في نفسه وليس العكس بالتقليل من آراءه وكبت حريته. فحاولي قدر الإمكان التركيز على بناء الثقة وعلى وصول رسالة الحب، وأن تتقبلي وتحتوي تقلباته المزاجية الناتجة عن التغيرات النفسية والجسدية التي تحدث حتى تمر المرحلة بسلام ويُسر.