Loading Offers..
100 100 100

لماذا نخاف من الأجانب؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

الخوف من المجهول، أمر طبيعي في النفس البشرية، فكثير منا يتخذ حكمًا مسبقًا مفاداه الخوف والحيطة تجاه المجهول أو الأجانب بشكلٍ عامّ. لكن لا يظهر هذا الخوف إلا في حالة وجود حافز قوي، أو حتى بسيط ويضخمه الشخص الخائف أو الكاره ليُبرر رد فعله.

ظهور رد الفعل المكبوت

ظهر هذا جليًا بعد أحداث (11) سبتمبر عام 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلن مركز العلاقات الأمريكية الإسلامية في واشنطن عن (1700) حادثة اعتداء ضد المسلمين. لقد كانت الأوقات عصبية وقتها وهناك صراع كبير بين العرب الأمريكيين وقتها. وهذا أمر طبيعي، فالبشر يهابون الأجانب كثيرًا، وهذه الحالة تُسمى برهاب الأجانب، وقد ظهر في الولايات المتحدة بعد أحداث (11) سبتمبر نتيجة للضغط أو الخوف الزائد الذي تعرض له المواطنون، فأبدوا ردة الفعل المكبوتة بالرغم من دعوة الرئيس الأمريكي وقتها إلى التسامح، إلا أنّ الأمر تطلب بعض الوقت حتى استقرت الأمور من جديد.تُشير الدراسات إلى أنّ البشر يميلون إلى تكوين مشاعر كره تجاه الأجانب في غضون ساعات فقط ضد أي شخص يختلف عنهم حتى في الخصائص السطحية كلون العين أو البشرة، فهُم مهيؤون نفسيًّا للخوف وإظهار الكراهية. حتى إنّ الأفكار التي نعتقد بصحتها تبعًا للأسباب المنطقية السليمة، نجد لها أسسًا عميقة في النفس البشرية مُعادية للأجانب، ففي النهاية الأجانب أشخاص مجهولون.بالرغم من الدعوة المنتشرة حول العالم ضد التحيز العرقي أو الديني، إلا أنّ الدراسات تُشير أيضًا إلى أنه يوجد خلف هذه الدعوة تحيز خفي ضد الأجانب. ويظهر ذلك عند اتخاذ رد فعل مثلما حدث بعد أحداث (11) سبتمبر. أو بعبارة أخرى، عندما نجد فرصة لإظهار ذلك التحيز، أو التعبير عن الخوف والكراهية الداخلية بأفعال.

بلد الحرية

تشتهر الولايات المتحدة بأنها بلد الحرية، أو أنها بوتقة تنصهر فيها الثقافات، وتتعامل بديمقراطية مع جميع مواطنيها على اختلافاتهم الثقافية والعرقية والدينية، لكن مع الأسف، يظل هناك حاجز بين الحقيقة الواقعية وما تدعو إليه قوانين البلاد. فما زالت هناك حالات من الاضطهادات التي تحدث باستمرار.وهذا طبيعي نتيجة حالة رهاب الأجانب. بل وتطور الأمر في وقتٍ من الأوقات وتم اعتقال ما يقرب من (120) ألف من المواطنين الأمريكيين من أصول يابانية منذ عام 1942م، بالرغم من عدم وجود أي أساس إستراتيجي لحالات السجن هذه، فهؤلاء مواطنون أمريكيون، لكن لهم أصول يابانية، وتعرّضوا لإهانات السجن بلا سبب منطقي. وبذلك يتضح أنّ هذا الرهاب ليس فقط من المسلمين العرب، وإنما من جميع الثقافات الأخرى مثل الصينيين والمكسيكيين وغيرهم.

تُرى ما مدى تعسف مشاعر الكراهية للأجانب؟

ظهرت إجابة هذا السؤال جلية في تجارب أُجريت في المدارس العامة، كالتالي:
  • قام أحد المدرسين باختيار مجموعة من التلاميذ للاشتراك في نشاطٍ ثقافي جديد، وأعطاهم اسم الموجة. في غضون عدة أسابيع، أصبح هؤلاء الطلاب يفصلون أنفسهم عن الطلاب الآخرين ويُخيفون نُقّادهم. وفي النهاية واجههم المدرس بحقيقة أنهم كانوا يخضعون لتجربة.
  • في أحد فصول مدرسة أخرى، قامت مدرسة بفصل الطلاب ذوي العيون الزرقاء عن الآخرين ذوي العيون الخضراء أو البنية. وأعطت امتيازات للطلاب ذوي العيون الزرقاء، فقد كانوا يحظون بمكافآت وقِيل لهم أنهم أفضل وأعلى شأنًا من الآخرين. وما هي إلا أيام حتى تحول الفصل إلى معسكرين، وكان كل طرف يستاء كثيرًا من الآخر. المذهل في الأمر أنّ هؤلاء الطلاب أطفال في الصف الثالث فقط.

نظرية الهوية الاجتماعية

هناك دافع قوي يحفز البشر إلى تقسيم العالم إلى فريقين وهما: نحن وهم. فمن طبيعة النفس البشرية الميل للشعور بأنها مميزة عن فئة أخرى، أو أنها تريد إثبات أنّ هويتها أفضل من الآخرين، وهذا نتيجة اعتزازها بهويتها، أو أنها تريد الشعور بالتميز. تبدأ التحيزات والسعي في إثبات ذلك عن طريق استغلال سمعة مجموعتك، أو تشويه سمعة الآخرين حتى تشعر بتميز مجموعتك.تُشير نظرية الهوية الاجتماعية إلى أننا نميل إلى تقسيم الأشخاص إلى مجموعتين، ويحدث هذا الانقسام تبعًا للفئات أو الاعتقادات أو العرق أو الجنسية أو اللغة، ومن الممكن أن يكون التقسيم تبعًا لأشياء غير مهمة مثل: استخدام اليد أو الطول أو لون الشعر. وبمجرد التقسيم، يبدأ التفكير بشكلٍ متحيز، ويعتقد من داخل المجموعة أنّ الآخرين أقل تميزًا منهم. فمثلًا، يعتقد أصحاب النظارات بأنّ من يرتدون نظارة أكثر ذكاءً وقراءة مقارنة بالآخرين دون إثبات واضح لهذا، ولكنه مجرد اعتقاد.وفي دراسة أخرى، وُجد أنّ أولئك الذين يشاركون في بعض من أوجه التشابه الثقافي مرتبطين وراثيًّا أكثر من الآخرين الذين لا يرتبطون ثقافيًّا. ربما لرغبتهم في إبقاء جيناتهم، لكن من الصعب اتخاذ هذه الحجة كدليل قاطع لقيادة هذا السلوك المعقد.في الحقيقة أُجريت العديد من الدراسات للبحث عن مدى تحيز الشخص ضد الأجانب، وكانت النتائج قاطعة بأنه هناك فعلًا تحيز واضح. وفي إحدى الدراسات طُلب من مجموعة من المشاركين إعطاء هوية أمريكية لأصحاب الصور التي يرونها، وكانت النتيجة أنّهم أعطوا الوجوه الأوروبية الهوية الأمريكية، بينما لم يفعلوا ذلك مع أصحاب الوجوه الآسيوية. بالرغم من أنّ كلاهما مواطنين أمريكيين إلا أنهم فضلوا الأوربيين.

هل محكوم علينا بالتحيز ضد الأجانب؟

كما أوضحت بالدراسات، إنّ الإنسان مُعرض للتحيز حقًّا. حيث إنّ هناك رغبة غير واعية منه لذلك التصرف. لكن في نفس الوقت أثبتت العديد من الأبحاث أننا نستطيع التخلص من هذه التحيزات عندما ندركها، فنستطيع اتخاذ خطوات فعالة لمكافحتها.وأعطى العديد من الخبراء نصائح في هذا الصدد، وأجمع الكثير منهم إلى أنّ هذه العنصرية أو رهاب الأجانب سيقل في حالة واحدة فقط، وهي عندما يتعاون الأفراد كلهم باختلاف أعراقهم على تحقيق المصالح المشتركة.إنّ الرهبة من الأجانب هي نفسها الرهبة من المجهول. لاحظ نفسك، ستجد أنك تُفضل ما تألف عن أي شيء آخر غير مألوف بالنسبة لك. وهذا قد يُفسر سبب خوف الإنسان من المستقبل المجهول أيضًا.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..