لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
ها هو طفلك يقفز فوق الأريكة للمرة الخمسين، رغم أنك طلبت منه مرارًا عدم القيام بذلك. وحتى عندما تطلب منه التوقف للمرة الواحدة والخمسين، فهو يحدّق في عينيك، مواصلًا القفز.
يطلب منك طفلك الحلوى قبل النوم مباشرة، وحين تقول “لا”. يركل الأرض، أو ربما يودّ اللعب معك بالعصي كسيوف. وتوافق على اللعب معه لمدة 30 دقيقة قبل أن تختلي بنفسك مع قهوة وكتاب. ربما ذكّرت طفلك بعد مضي ربع ساعة، وقبل 5 دقائق من انتهاء وقت اللعب، ورغم ذلك، ما إن تصل لوقت “خلوتك”، إلا ويلقي طفلك بالعصا على الأرض ويرحل.
عندما يُظهر لنا أطفالنا أسوأ سلوكياتهم، فإن غريزتنا تدفعنا لممارسة السيطرة. بعد كل شيء، إذا لم يمتثلوا للأوامر البديهية مثل عدم ركل الأرض أو رمي الأشياء علينا، فهذا -بالتأكيد- لأننا متساهلون للغاية. والطريقة التي تُظهرك أقل تساهلًا هي وضع المزيد من الحدود.
ولكن ماذا لو كان وضع المزيد من القيود يجعل المشكلة في الواقع أسوأ؟
ربما وضعت بالفعل حدودًا زيادة عن اللازم
عندما أعمل مع الآباء الذين يشعرون بالإحباط والغضب والإرهاق من سلوك أطفالهم، فإن أحد الأشياء الأولى التي نقوم بها هو استعراض الحدود التي يضعونها، وألاحظ أنهم يصابون بصدمة عظيمة بعد معرفة عدد المرات التي يرفضون فيها طلبًا لطفلهم. في بعض الأحيان، يبدأ كل شيء يخرج من أفواههم بكلمة “لا تفعل”، أو متضمنًا كلمة “لا” بالعموم.
في الواقع، يجد علماء النفس أنه بحلول سن الرشد، يكون لدى العديد من الأشخاص ارتباطات سلبية غير عادية بكلمة “لا”، ويربطونها بضوابط والديهم عندما كانوا صغارًا، أو بتهذيب كلبهم. يمكنك اختبار هذا: أخبر شخصًا ما (شريك، زميل في العمل، وما إلى ذلك) أنك ستقول عشر كلمات ثم اسأله عن شعوره. ثم قل “لا. لا. لا. لا. لا. لا. لا. لا. لا. لا.” اسأله الآن عن شعوره.
ثم قل “نعم” عشر مرات واسأله مجددًا عن شعوره. الاحتمالات هي أن (لفظة “لا”) ستجعلهم يشعرون بالضيق أو الاكتئاب أو الحزن، في حين أن (لفظة “نعم”) ستجعلهم يشعرون بالارتياح أو القبول.
(يمكنك تجربة ذلك على نفسك أيضًا، ولكن قد يكون التأثير ضعيفًا لأنك تعرف النتيجة مسبقًا)
ينتهي الأمر بكل هذه “اللاءات” إلى تحديد معالم علاقاتنا مع أطفالنا. ومعظمنا لا يريد أن تكون سلبية للغاية، ولكن ما هو الخيار المتاح أمامنا إن لم يتجاوب أطفالنا مع الأساسيات حتى؟
ضع حدودًا أقل مستندًا إلى قيمك
في معظم الأوقات عندما نضع حدودًا، فإنها في الواقع لا تستند إلى قيمنا. نحن نسعى ببساطة إلى التجاوب من قِبل طفلنا، ونضع القيود على أمل أن يمتثل هذه المرة -بطريقة سحرية- دون صراع. لكن هذا النهج لم ينجح في آخر 50,938 مرة جربناها فيه، فلما قد ينجح هذه المرة؟
ما يمكننا فعله بدلًا من ذلك هو وضع حدود أقل بكثير، وعندما نفعل ذلك، نضع حدودًا راسخة بقوة في قيمنا. عندما نقلل -بشكل كبير- من عدد الحدود التي نضعها، فإننا نتعامل بفعالية مع عدد أقل بكثير من “اللاءات”، وأنت تدرك بالفعل تأثير ذلك: فهو يجذب الناس نحونا، ويجعلهم أشخاصًا متعاونين. وعندما يشعرون بأننا بعيدون عن وضعية “القتال الأبدي”، فسيجتنبونها هم أيضًا.
وضع حدود أقل لا يعني السماح للأطفال باستلام زمام الأمور. نحن ببساطة نختار الحدود التي ترتكز بشكل أفضل على قيمنا. في معظم الأوقات عندما نحدد قيودًا، فيتعلق الأمر بالسلوكيات القديمة. وتحديدًا أنماط السلوك المتكررة التي تثير غضبنا.. مرارًا وتكرارًا.
بدلًا من التعامل مع هذه السلوكيات بعشوائية، يمكننا وضع خطة للتعامل معه مسبقًا. هل هو شيء مهم حقًّا (وركز على كلمة: حقًّا) بالنسبة لنا؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فسنضع حدودًا.
ولكن إذا كان شيئًا يمكننا القول إنه غير متأصل حقًّا في قيمنا -ولكننا نجده مزعجًا بعض الشيء- فمن المحتمل أن نتمكن من إيجاد طريقة لطفلنا للقيام بنسخة (معدّلة) لما يودّ فعله، دون أن يقودنا ذلك إلى الجنون:
- هل يودّ إصدار صوت غريب بجوارنا؟ “لا مانع، لكن في غرفة أخرى لا بجانبي”.
- القفز على الأريكة (القديمة)؟ “قد تنكسر الأريكة إذا قفزت عليها؛ يمكنك القفز على سريري إذا أردت”.
- رمي الأشياء داخل المنزل؟ “دعنا نخرج ونرمي الكرة”.
الخلاصة
عندما نجمع بين وضع حدود أقل مع كوننا حازمين للغاية فيما يتعلق بالحدود التي هي في الواقع مهمة بالنسبة لنا، عندها تحدث المعجزة. ينتقل أطفالنا من اختبار حدود صبرنا مع كل شيء إلى الرغبة في التعاون معنا. هذا لأنهم يروننا مستثمرين في العلاقة معهم، فسيودّون الاستثمار فيها أيضًا.
ومن ثم نجد أن وضع حدود أقل هو أحد أهم المفاتيح لسلوك أفضل، دون أن نندفع نحو التساهل.