لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
تمر العلاقات الإنسانية بمراحل فهي ليست جامدة، بل تتغير وتتطور أحيانًا للأفضل وفي حالات للأسواء، وهذا التغير تابع لتغيّر ونضج الشخصيات. ومن المعروف أن في قربنا من شخص ما نعرف عنه صفات لا يمكننا أن نعرفها في البعد.تقوم العلاقات الصحية على مبدأ الاحترام والتقدير، والشراكة، وربما بعض التنازلات المتبادلة التي تهدف إلى استمرار العلاقة والمحافظة عليها، وتكون نتيجتها الأمن والاستقرار، وزيادة ثقة الطرفين بأنفسهم. إلا أن هناك علاقات تستنفذ منا طاقتنا، وتجبرنا على العطاء دون الأخذ، والتواجد فيها يشعرنا بعدم الاستقرار والخوف الدائم، أيضا تتمركز على الذات، وتكون مليئة بمحاولات لسيطرة طرف على الآخر، ومن أبرز شواهدها الأذى الجسدي، واللفظي، والتصرفات غير الأخلاقية كالكذب والخيانة.كما أن استمرارها من عدمه، يكون معتمدًا على الطرف المُضحي، وتصبح كل تلك التصرفات نمطًا سائدًا وليس استثناء، هذه النوع من العلاقات يسمى “بالعلاقات السامة”.
أسباب تكوّن العلاقات السامة؟
إن اهتزاز الثقة بالنفس قد يكون الدافع الأساسي للطرف المسيطر والمؤذي في العلاقة السامة، عكس ما قد يتبادر إلى أذهاننا، بأن النرجسيين والواثقين هم المسيطرون. والسبب وراء ذلك أن ضعف الثقة بالنفس تدفع صاحبها لمحاولة إثبات العكس، تعويضًا لشعور النقص الذي يعانون منه. والجدير بالذكر أن البيئة المضطربة لها تأثير كبير جدًّا على وجود العلاقات السامة، فهي تجعل إمكانية قبول السيطرة والإهانة ممكن جدًّا، وذلك بسبب ما يتأصل في النفس من تلك البيئة السامة التي كان يشوبها العنف والقهر، والإيذاء.
هل يعتبر التخلص من العلاقات السامة سهلًا؟
تصعب المغادرة على العالقين في هكذا نوع من العلاقات، والسبب ما أسماه أستاذ علم النفس “روبرت فايرستون”، “بالرابطة الخيالية”، وهي عبارة عن وهم للتواصل، الذي يخفف من الشعور بالخوف وفقد الأمان عن طريق تشكيل إحساس زائف بالأمان. هذا النوع من الارتباط هو علاقة سامة متكاملة الأركان، حيث يُستبدل الاستقلال الشخصي المدعوم بالحب والاحترام إلى اندماج كلي يفقد أحد الطرفين هويته في اندماج زائف، ويبرر لنفسه عن طريق القيام ببعض الوظائف المنوطة به، كوظائف الأمومة والأبوة.
ما أنماط العلاقات السامة؟
هناك أنماط كثيرة ومتنوعة سأسرد منها على سبيل الذكر لا الحصر ستة أنواع وهي:
١- العلاقة مع شخص نرجسي
ذلك الشخص الذي يظن نفسه الأفضل والأروع، ويجب عليك أن تشكر الله دومًا لحصولك على قربه دون غيرك، لا يقدر أي فعل تقوم به لأجله، يشعر بالضيق الشديد لمجرد نقدك له، لا يراعي المشاعر وأناني.
٢- علاقة العمى
في هذا النوع من العلاقات يكون أحد الأطراف في حالة عمى عن الطرف الآخر، لا يراه أبدًا، ويسقط عليه مشاعره القديمة التي عاشها مع شخص سابق كان موجودًا في حياته، سواء كانت مشاعر حب أو كره.
٣- العلاقة مع شخص سيكوباتي
يتميز الشخص السيكوباتي بأسلوبه الجذاب، وقدرته على التزييف والكذب، وهو يتقن التودد، لكن في حقيقته هو لا يشعر ولا يهتم بأحد، وكل أساليبه تلك لغرض الوصول لهدف ما. وما يزيد من الأمر سوءًا هو قدرته على التلاعب في حال عتابه، ليشعرك بأنك أنت المخطئ وهو واقع تحت الظلم.
السيكوباتي من الشخصيات التي يحب على الفور قطع العلاقة بها دون أي تردد.
٤- الشخص الاعتمادي أو المتواكل
هذا النوع يورث القلق والتوتر، لأنه سيجعلك الطرف المسؤول عن كل القرارات، ويعطيك حق اتخاذها، لكن إذا شعر بأن قرارك ليس لصالحه سيقابلك بعدوانية شديدة.
٥- المستغل
تعتمد هذه العلاقة على مبدأ إشعارك بالذنب، فهو يسعى إلى أخذ كل ما يرده منك، ويستنزف وقتك وجهدك ومالك، مع تزويدك بإيحاء بأن كل ما فعلت ليس بكافٍ، وإذا قدّم لك شيئًا فهذا لرغبته في استخدامه ضدك مستقبلًا إذا قمت برفض طلب له، حتى يشعرك بالذنب.
٦- المشكك
محاصرتك بالشكوك، وتفتيش أشيائك الخاصة بحثًا عن دليل يدينك، يضع كل تصرفاته تحت بند الغيرة ليبرر لك سوؤها، يكثر من الأسئلة، يعمل لعزلك عن محيطك، بل يصدر لك أوامر عما يجب أن تفعله، ببساطة يحول حياتك إلى سجن مظلم وهو سجانك بدعوى الحب.
الخاتمة
يقول مصطفى محمود: “حفظ المسافة في العلاقات الإنسانية مثل حفظ المسافة بين العربات أثناء السير فهي للوقاية الضرورية من المصادمات المُهلكة”. إن بقاءنا في علاقات لا تعود بالنفع النفسي بالدرجة الأولى علينا، يعتبر مهلكة لنا، واستنزاف لأرواحنا، سندفع ثمنه من صحتنا وعمرنا.
يجب أن نتحلى بالشجاعة على اتخاذ قرار الرحيل، فالرحيل ثقافة يجب تعلمها حفاظًا على أنفسنا.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد