لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
يعتبر حكم عائلة “تانغ” من ٦١٤ إلى ٩٠٧ في الصين، أحد أزهى عصور الصين اقتصاديًّا وتجاريًّا، شهدت فيه الدولة انفتاحًا على العالم، فزادت التجارة والصفقات الكبرى التي ظهرت معها الحاجة إلى تبادل الأموال، وبالتالي زادت معها صعوبة حمل كميات هائلة من النقود المعدنية الثقيلة، ومن هنا جاءت الحاجة لإيجاد حل يُسهل البيع والشراء على التجار، وخصوصًا في الرحلات والمسافات الطويلة، فأتى الصينيون بفكرة جديدة وهي: ماذا لو أودع التجار نقودهم المعدنية في مكان آمن في الدولة، وحصلوا مقابلها على شهادات أو إيصالات رسمية، وموثقة بالمبالغ المحددة التي تم إيداعها، و يتم استخدامها بدل النقود النقدية عند البيع و الشراء؟
ابتكار أول عملة ورقية في العالم
تم ابتكار أول عملة ورقية نقدية في التاريخ مصنوعة من ورق شجرة التوت، وتُعد نقطة تحول في تاريخ العملات. وعلى مدى أكثر من خمسة قرون ظل التجار الصينيون يتعاملون بالأوراق المطبوعة والتي كان معظمها على شكل سندات ائتمان حتى سموها “بالنقود الطائرة” لأنها على عكس النقود المعدنية، فهي خفيفة، وسهلة التبادل، واستمرت رحلة تطور العملة الورقية، حتى أصبحت تُعمل قيمًا معينة تساوي أوزانًا محددة من معدن الذهب أو الفضة.
إضافة قوانين جديدة لغرض التطوير
مع الوقت أضيف قوانين جديدة، بحيث كانت النقود الورقية تُصنع، ثم يقوم مسؤولون معينون بكتابة أسمائهم عليها، وموثقة بعلامات سرية، وأختام رسمية من البنوك، بعدها يوثق رئيس الموظفين ختمه الخاص، لتصبح صالحة لاستخدامها رسميا ً عند البيع والشراء، بل لا يجرؤ أي شخص أن يرفض التعامل بها. وشيئًا فشيئًا بدأت الأوراق تحل محل المعادن حتى أصبحت هي النقود الرسمية الوحيدة المعترف بها داخل الدولة.
انتشار فكرة العملة الورقية في العالم
بعد إطلاع وانبهار الرّحالة الأوروبيين في الصين، ومن أبرزهم الرحالة الإيطالي “ماركو بولو” بهذا التطور الجديد والعملي للنقود، شقّت النقود الورقية طريقها إلى أوروبا في القرن السابع عشر، وبعد عدة قرون دخلت العملة الورقية رسميًّا الدولة.يقول: “بولو” واصفًا عملية صناعة النقود الورقية في الصين بشكل دقيق، قائلا: “في مدينة خان بالق دار لصك العملة، يتم تصنيع النقود هناك من شجر التوت. يقوم مسؤولون معينون لهذا الغرض بكتابة أسمائهم عليها، ووضع أختامهم لاعتمادها كي تصلح للتبادل التجاري”، والجدير بالذكر أن الأوربيين قابلوا فكرة “بولو” بالاستنكار، وأخذوا وقتًا طويلًا حتى اقتنعوا بتجربة الفكرة. واستغرق الأمر حوالي قرنين حتى انتشر استخدام الأوراق المالية في بقية دول العالم.
أزمة الصين الاقتصادية
من المفارقات الغريبة أن في الوقت الذي بدأت تغزو العملات الورقية العالم، دخلت الصين أزمة مالية خطيرة بسبب تزايد إنتاج الأوراق المالية دون تنظيم مستمر، فتزايدت قيمتها وارتفعت معدلات التضخم. ولهذا ألغت في عام ١٤٥٥ النقود الورقية بالكامل، ولم تستخدمها مرة أخرى حتى عدة قرون إلى أن جاءت أسرة “تشينغ” الحاكمة، وبدأت في القرن التاسع عشر بإنتاج وتداول “اليوان”، ولايزال اسم العملة الصينية حتى يومنا هذا.
استمرار تطور العملات
ظهرت اليوم عملات رقمية جديدة، وفقًا لمفهومها العام، هي أموال تستخدم بشكل افتراضي إلكتروني، ووجودها غير ملموس ولا يمكن رؤية المبالغ نهائيًّا، وتحمل خصائص النقود الورقية التقليدية، حيث يمكن تحويلها واستبدالها بعملات أخرى عبر العالم، وفقا لموقع “كوين تليغراف” المتخصص في أخبار العملات الرقمية.ويمكن استخدامها لدفع ثمن السلع والخدمات، مثل اتصالات الهاتف المحمول والإنترنت والمتاجر عبر الإنترنت وغيرها، وتتسم بأنها بلا حدود جغرافية أو سياسية، حيث يمكن إجراء المعاملات واستقباله من أي مكان في العالم. ومن أمثلتها العملة الرقمية ذائعة الصيت “البيتكوين”.يؤمن العديد من داعمي العملات الرقمية أمثال “جاك دورسي” أنّ هذه الأخيرة وخاصة عملة البيتكوين ستصبح العملة الرسمية مستقبلًا. ويسارع الكثير من رجال الأعمال بشرائها الآن قبل أن تزداد قيمتها وسعرها. ويجب التنبه جيدًا أنه مثل هذه العملات ليس آمنة تمامًا، ولها مخاطر عديد لها صلة بالقرصنة الالكترونية والاختراقات الرقمية.
فهل نحن أمام تغيّر جذري في شكل النقود الورقية مجددًا؟
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد