لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
في شهر أبريل، وجد عالم الأوبئة الفرنسي أرنو فونتانيت نفسه يقود تحرِّيًا في مدينة (Crépy-en-Valois) وهي بلدة صغيرة يسكن فيها (٠٠٠, ١٥) نَسمة تقع إلى الشمال الشرقي من پاريس. حيث إنه في شهر فبراير، أصبحت المدارس الإعدادية والثانوية في المدينة مركز تَفَشٍّ جديد لكوفيد-١٩.كُلف فونتانيت وزملاؤه من معهد باستير في باريس بإجراء اختبار الأجسام المضادة في بلدة (Crépy-en-Valois) لفهم مدى انتشار الفيروس. و أثناء معاينتهم للبلدة، لاحظوا نمطًا مثيرًا للاهتمام. فبينما انتشر الفيروس بشكل كبير في المدرسة الثانوية، حيث أصيب (38٪) من الطلاب، إلى جانب (43٪) من المعلمين و(59٪) من غير المدرسين، لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للمدارس الابتدائية الست في المدينة.وعلى الرغم من أن ثلاثة في عمر المرحلة الابتدائية أصيبوا بكوفيد-١٩ في فبراير، فإن أيًّا من هذه الإصابات لم يؤد إلى حالة ثانوية. بشكل عامّ، أصيب بالفيروس (9٪) فقط من تلاميذ المرحلة الابتدائية و(7٪) من المعلمين و(4٪) من خارج أعضاء هيئة التدريس. يقول فونتانيت:"أظهرت لنا هذه النتائج أن المراهقين ناقلون للعدوي كالراشدين. لكن في الفئات العمرية الأصغر، الأمر مختلف فيبدو أنهم لا ينقلونها بنفس القدر".ظهرت نتائج مماثلة في أماكن أخرى. حيث كشفت دراسة وبائية جديدة أجريت على (65,000) شخص في كوريا الجنوبية ، والتي تتبعت مُخالطي الأشخاص المصابين بين أواخر يناير وأواخر مارس، أنه في حين أن الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين (10 و 19) عامًا يمكن أن ينشروا الفيروس تمامًا مثل البالغين، فإن أولئك الذين تقلّ أعمارهم عن (10) أعوام ينقلونه بنسبة أقل بكثير في أغلب الأحيان.تقول سوزان كوفين، طبيبة الأمراض المعدية في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا:
"يبدو أن الأطفال عمومًا يتمتعون بكفاءة نقل للفيروس تبلغ حوالي (٥٠%) من كفاءة النقل لدى البالغين، على الرغم من أن ذلك يختلف بشكل كبير من فئة عمرية إلى أخرى. وعندما يدخل الأطفال سن المراهقة، تبدأ كفاءة النقل في الاقتراب من كفاءة النقل لدى البالغين".والأسباب المحتملة لذلك كثيرة. اقترح البعض أن الحمل الفيروسي لدى الأطفال الصغار أقل منه لدى المراهقين والبالغين -على الرغم من أن الأدلة على هذا تظل غير واضحة بعض الشيء- أو أنهم يزفرون هواءً أقل، الأمر الذي يقلل من فرص نقلهم للفيروس. وربما ببساطة أكثر، قد يكون الأمر مجرد أن الغالبية العظمى من الأطفال الصغار يميلون إلى أن يكونوا إما بدون أعراض أو لديهم أعراض خفيفة للغاية عندما يصابون بكوفيد-١٩.في واحدة من أكبر الدراسات التي أجريت على الأطفال المصابين بفيروس كورونا المستجد، استنادًا إلى السجلات الطبية ل (2143) طفلًا في جميع أنحاء الصين، تمّ تصنيف (94٪) منهم على أنهم إما حالات بدون أعراض أو بأعراض خفيفة أو متوسطة. توضح زوي هايد، عالمة الأوبئة بجامعة غرب أستراليا :
"هذا يعني أنهم قد يكونون أقل عرضة للإصابة بالسعال، وبالتالي يطلقون كميات أقل من الفيروسات في الجو".يشير كل هذا إلى أنه عندما يتعلق الأمر بالعملية الدقيقة المتمثلة في إيجاد أفضل السبل لإعادة فتح المدارس بشكل جماعي مع حماية المجتمع المحلي في الوقت ذاته، فإن الحاجة الأكبر لاتخاذ احتياطات صارمة مثل الاختبار والتباعد الاجتماعي والكمامات ستكون في المستوى الثانوي.
كيف يمكن إبقاء المدارس آمنة؟
في الفترة من أبريل إلى أوائل يونيو، بدأت نحو عشرين دولة -من المملكة المتحدة إلى جنوب أفريقيا- مبدئيًّا في إعادة فتح المدارس. وعلى الرغم من أن هذه التجربة باءت ببعض الفشل -فقد اضطرت الصين وكوريا الجنوبية والكيان الصهيوني إلى إغلاق بعض المدارس مرة أخرى بعد ظهور تفشٍّ جديد- فقد أسفرت أيضًا عن عدد من الأنماط المثيرة للاهتمام التي يمكن التعلم منها قبل فتح المزيد من المدارس على نطاق واسع في خريف هذا العام.طبقت دول مختلفة إستراتيجيات مختلفة على مدارسها كوسيلة لإبقاء الفيروس بعيدًا، من القراءة اليومية الإلزامية لدرجات الحرارة في فيتنام إلى اختبار مسحة عشوائية في أوروجواي.تراقب إيميليانا فيغاس، المديرة المشاركة لمركز بروكينغز للتعليم العالمي في واشنطن، هذه الأساليب المختلفة. وبشكل عام، تقول: إن الجمع بين الحفاظ على أحجام الفصول صغيرة ومطالبة الأطفال الأكبر سنًّا بارتداء الكمامات والحفاظ علي التباعد الاجتماعي هو على ما يبدو الطريقة الأكثر فعالية للحفاظ على سلامة المدارس والمجتمعات المحلية.وقد اسُتخدمت الاستراتيجية السابقة بشكل فعّال خلال الأشهر القليلة الماضية في فنلندا والدنمارك. حيث تم تقسيم الفصول الكبيرة إلى مجموعات صغيرة يتراوح عددها ما بين (15) إلى (20) طالبًا ، يتم تدريسهم بشكل منفصل ويسمح لهم بالتجمع في الملعب، حيث يقلّل الهواء الطلق من احتمالية انتقال الفيروس. تقول فيجاس أن أسلوب المجموعات الصغيرة يعني أنه في حالة إصابة شخص ما، فلن نضطر إلى عزل المدرسة بأكملها ،كما أنه يجعل عملية تتبع المخالطين أسهل بكثير عند ظهور حالات.غير أن العلماء يشيرون إلى أن التدابير المناسبة تختلف من بلد إلى آخر، ويتوقف ذلك على حجم انتشار الفيروس في تلك المجتمعات. ففي حالة الدول التي لا تزال تظهر فيها بانتظام مجموعات من الحالات الجديدة، قد تدعو الحاجة إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة فيما يتعلق بالتباعد الاجتماعي، فضلًا عن الارتداء الإلزامي للكمامات. يقول أوتو هيلف ، أخصائي الأمراض المعدية للأطفال في المعهد الفنلندي للصحة والرعاية: "يجب أن يعتمد الموقف المتخذ من ارتداء الكمامات في المدارس على حجم تفشي الفيروس"."ففي إسرائيل، على سبيل المثال، حيث ارتداء الكمامات هو أمر إلزامي على جميع الطلاب، تفشى المرض بشكل أسوأ في المجتمع، كما أن الصفوف الدراسية في المدارس أكبر حجما أيضًا لكن فصول الدراسة أصغر حجمًا بوجه عامّ. كما أن الأولاد يقضون وقتًا أطول بكثير معًا في أماكن مغلقة، كالباصات المدرسية، بالمقارنة بفنلندا، حيث يميل الأولاد هناك إلى الذهاب سيرًا على الأقدام إلى المدرسة".ومع ذلك هناك مخاوف بشأن تطبيق سياسات التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات الصارمة على الفئات العمرية الأصغر سنًا، لا سيما بالنظر إلى الأدلة المتزايدة على أن احتمالات نشر الفيروس أقل بكثير لدى هذه الفئات. وتشير فيغاس إلى أنه بالنسبة للأطفال في سن التعليم الابتدائي، فإن القدرة على اللعب مع أقرانهم أمر هام لنموهم. وهناك مخاوف من أن الكمامات قد تؤدي إلى مشاكل سلوكية، وخاصة في العالم الغربي حيث لم يعتد الأطفال على ارتداء أقنعة الوجه أثناء تفشي الأنفلونزا الموسمية. تقول فيڠاس: "يفهم الأطفال الصغار الكثير من الإشارات حول كيفية التصرف من تعابير الوجه التي يتفوه بها الراشدون وغيرهم في صفهم".في الشهر الماضي، استحدث بعض صانعي السياسات استثناءات لأولئك الذين تقل أعمارهم عن سنّ معين. في أوروغواي، الكمامات إلزامية لطلاب المدارس الثانوية، ولكنها اختيارية للأطفال الأصغر سنًّا؛ وفي فرنسا، تخلت مراكز الرعاية النهارية عن جميع قواعد التباعد لمن هم دون سن الخامسة.