100 100 100

أعظم انسحاب في التاريخ

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

في العام الثامن للهجرة خرج المسلمون في غزوة كانت هي الأهم بل والأخطر في تاريخ السيرة النبوية، حيث قابل جيش المسلمين الذي يبلغ عدده حوالي ثلاثة آلاف جندي، جيش الروم وحلفائهم من الغساسنة الذين بلغ عددهم حوالي مائتي ألف، واستمر القتال بينهم ستة أيام، فما هذه الغزوة؟وما أسبابها؟ ومن هم قادة المسلمين في هذه الغزوة؟ وكيف انسحب المسلمون من المعركة بدون خسائر؟

أسباب غزوة مؤتة

كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد بعث برسائل لملوك وأمراء العالم المعاصر يدعوهم إلي الإسلام، وكان من عادة الملوك الا يتعرض حامل الرسالة لسوء، ولكن عندما أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رساله إلى ملك بصرى مع رجل من المسلمين يدعى الحارس بن عمرو الأسدي، يدعوه فيها إلى الإسلام، قام رجل من الغساسنة يدعى شرحبيل بن عمرو الغساني، والي البلقان من قبل الرومان بقتل الرسول الذي بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- لملك بصرى، وكان قتل الرسل في ذلك الوقت من ابشع الجرائم، والتي تعد بمثابة إعلان للحرب، فلما علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذلك غضب غضبًا شديدًا، وقام بتجميع جيش من المسلمين قوامه ثلاثة آلاف جندي.

قادة الجيش

خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب في الجيش الخارج إلى مؤته، كما أوصاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: (اغزوا بسم الله، في سبيل الله، مَنْ كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا منعزلًا بصومعة، ولا تقطعوا نخلًا ولا شجرة، ولا تهدموا بناء).
 عين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة قواد للجيش، وأمرهم إذا استشهد القادة الثلاثة الذين اختارهم أن يتفق المسلمون على رجل من بينهم لقيادة الجيش، وكان هؤلاء القادة الثلاثة هم:
  1. زيد بن حارثة: كان زيد أول قائد للجيش وحامل اللواء، فأخذ الراية، وبدأ القتال مع الروم، وقاتل زيد ببسالة منقطعة النظير، حتى استُشهد.
  2. جعفر بن أبي طالب: بعد استشهاد زيد حمل الراية جعفر بن عبد المطلب الذي أخذ يحارب حتى قطعت يمينه، فمسك الراية بشماله حتى قطعت، فاحتضن الراية بعضده حتى استشهد أيضًا.
  3. عبد الله بن رواحة: كان هو آخر القادة الذين عينهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقتل أيضاً، ولما قتل وكان على المسلمين أن يجتمعوا على قائد للجيش تقدم رجل يدعى ثابت بن أقرم من بني عجلان، فحمل الراية ونادي في جيش المسلمين، يا معشر المسلمين اجتمعوا على رجل منكم، فقالوا أنت، ولكن ثابت رفض قيادة الجيش، فاجتمع الرأي على اختيار خالد بن الوليد قائدًا للجيش.

خالد بن الوليد يتولى قيادة الجيش

بعدما توفي القادة الثلاثة الذين اختارهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، اجتمع المسلمون على اختيار خالد بن الوليد، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمرهم باختيار قائد لهم إذا استشهد القادة الثلاثة الذين اختارهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان خالد بن الوليد يوم مؤته حديث عهد بالإسلام، وكانت غزوة مؤتة هي أول غزوة يحارب فيها في صفوف المسلمين، فقاد الجيش حتي انتهى اليوم، ولكنه قاتل ببسالة شديدة وكان يحاول رفع الروح المعنوية لجيش المسلمين، الذين صمدوا عندما رأوا براعة خالد في إدارة المعركة، فيقال إن خالد بن الوليد قد كسر تسعة سيوف وهو يحارب يوم مؤته، أمام جحافل الرومان، وبعد انتهاء اليوم أخذ خالد  مع جيش المسلمين يفكرون في خطة يلقون بها الرعب في قلوب الروم.

عبقرية خالد

كان خالد بن الوليد قائدًا عبقريًّا تمرس على القتال منذ الجاهلية، فقد وضع خطة أثارت الرعب في قلوب الروم، حيث ظنوا أن المدد قد جاء لجيوش المسلمين، فقام بتبديل ميمنة الجيش بالميسرة، وبدل مقدمة الجيش بالمؤخرة، فعندما التقى الجيشان في الصباح ظن الروم أن جيش المسلمون قد تغير وجاء جيش جديد، وكان خالد قد أمر عدد من الجنود أن يقفوا على جبل قريب من ساحة المعركة يثيرون الغبار ويكبرون لكي يظن الروم أن جيوش المسلمين ما زالت يأتيها المدد، فخاف الروم، حيث لم يكونوا يتوقعون كم عدد الأعداد القادمة.
فعندما كان جيش المسلمون ثلاثة ألاف جندي قد أنزلوا بجيش الروم خسائر كبيرة، فماذا سيحدث لهم لو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث لهم المدد من المدينة المنورة، وبالفعل اشتبك الجيشان وكانت كافة المسلمين هي الكافة الراجحة، ولكن وعلى الرغم من أن الغلبة كانت للمسلمين إلا أن خالد بن الوليد كان لا يريد المغامرة والاستمرار في القتال حفاظًا على أرواح جيشه فهو يعلم أن أعداد جيش الروم كبيرة جدًّا فكان لخالد خطة عبقرية لإنهاء المعركة.

انسحاب المسلمين من المعركة

كان خالد بن الوليد قد وضع خطة الانسحاب ضمنت لهم إلا يقوم جيش الروم بمتابعتهم، فالمعروف في جميع الحروب أن الطرف المنسحب قد يتعرض لخسائر كبيرة، وقد يتتبعه العدو فيقضي على الجيش بأكمله، ولكن انسحاب المسلمين جاء في وقت كانت الكفة في صالح جيش المسلمين، وأثناء ما كان المسلمون منتصرين، ظل جيش المسلمين يتراجع للخلف فظن الروم أن المسلمين يستدركوهم ليتمكنوا من القضاء عليهم في أعماق الصحراء، فلم يكن الروم يتوقعون انسحاب جيش المسلمين وهو منتصر، لذلك لم يتتبع الروم جيش المسلمين، فانسحب جيش المسلمين من أرض المعركة وعاد إلى المدينة دون خسائر تذكر.ليصبح بذلك انسحاب خالد الوليد بالمسلمين من مؤته أعظم انسحاب تكتيكي في التاريخ يدرس في كافة الأكاديميات الحربية في العالم.
إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق