Loading Offers..
100 100 100

كيف ربط نجيب محفوظ بين انتصار مصر في 73 وانتصار أبنائها في حياتهم؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

«تيار من الخلق لا ينقطع، يتلاطم في جميع الاتجاهات. تندُّ عنه أصوات من شتى الطبقات، ويشكل في جملته خليطًا من ألوان الطيف» بهذا التخالُط المعقَّد بين البشر يفتتح عمُّنا نجيب روايته: الحب تحت المطر. معبرًا عن الفترة ما بعد هزيمة 67 حتى الانتصار في حرب أكتوبر. شباب ثورة 52 الذين هدَّتهم الهزيمة. الأغنياء الذين كسرتهم ثورة 52 فتبرَّقوا الأمل في هذه الهزيمة. الجنود الذين لم يعد يرى الناس لهم قيمة بعد الهزيمة. العدميُّون. الفقراء والأغنياء والممثلون والفتوات. الأخلاق الجديدة والقديمة. فيَدخل عمُّنا إلى هذا التخالط ويصوُّر الصراع الشديد بين كل هذه الطبقات. هنا سنحلل الرواية إلى أجزائها الأوليَّة لنرى كيف دخل؟ وكيف وجَّه هذا التخالطَ ليحقِّق فكرة الرواية الأساسية: انتصار مصر في حرب 73 يعني انتصار شبابها في حياتهم.

الشخصيات

نستطيع أن نقول هنا إن عمنا نجيب لم يبنِ الشخصيات أي لم يخلقها. بل كأنه اختارها. فهو افترض واقعًا مختلطًا كما نرى في افتتاح الرواية. ثم قال: …خليطًا من ألوان الطيف. سارا جنبًا إلى جنب. فهنا ركز الصورة على شخصيَّتين من وسط هذا التخالط. كأنه يقول لك اخترت لك شخصيتين من هذا الواقع. هما تمثيل لهذا الواقع. وهذا ليؤثر عليها فيوصلها إلى نتيجة هي فكرة الرواية. وأما التأثيرات فهي خارجية، مفاجئة غير متوقعة، وأظن أن لفظ قدرية يحقق المعنى الذي أريده.

اختيار الشخصيات

اختار الشخصيات الرئيسيةَ ثلاثةَ بنات صديقات من شباب الثورة. وكَوْنهنّ من شباب الثورة هذا يعني في عُرف تلك الأيام أنهن لديهن أخلاق انفتاحية قليلًا فيما يخص الجنس وغيره. غير أن الفرق بينهن أنَّ اثنتين منهن من أسر فقيرة والأخرى من أسرة غنية لها قيمة علمية. وكلهن من أسر محافظة أخلاقيًّا من تجمُّعات محافِظة. وفقر البنتين مع أخلاقهما المنفتحة يجعلهما يمارسان الجنس مقابل المال مع شخص ما. وهنا تدخل شخصية جديدة هو كهل غني فلسفته اللهو والعبث في الدنيا لا غير. يمارس معهما الجنس مقابل المال. ليس لأنهما عاهرتان. بل هو يعطيهن المال لأنهما صديقتاه. أما الأخرى فهي تمارس الجنس فقط لأنها تحبه.

الزواج هو الحل

في الفصل السابع تقرُّ الشخصيات بظاهرة عامة بين الشباب ألا وهي «الزواج المبكر». ويمكن فهم تفشي هذه الظاهرة بين الشباب بفهم الظروف العامة التي تحيط بهم. الإنسان عندما لا يستطيع الانتصار في شيء يبحث عن شيء بديل يكسب فيه انتصارًا فيحقق ذاته. وشخصياتنا شباب الثورة يعانون من مرارة فشل الثورة والهزيمة في الحرب. إلى جانب المشاكل الخاصة التي تعاني منها بعض الشخصيات كالفقر والبطالة وغيرها. فيتجهون إلى الزواج دون اعتبار للماديات وأساسيات الزواج. وهذا ما تقوله إحدى البنتين بعد خطيئتها: فكرة الزواج تخلق المرأة من جديد. وهذا هو الإطار العام الذي وضعه الكاتب للراوية وتسير الأحداث بموجبه. فهو يبدأ الرواية بجعل البنات الثلاث في حالة ارتباط بالجنس الآخر.

القدر الذي صنعه نجيب

بعد ارتباط البنات الثلاث يبدأ في التأثير على أزواجهم تأثيرات مفاجئة كالقدر. هذا القدر وهذه التأثيرات استطاع عمنا الحصول عليها بسبب التخالط الشديد في هذا الواقع فأصبح من الممكن حصول أشياء غير متوقعة بالنسبة لحالة الشخصيات. كمرزوق خطيب عليات إحدى البنتين الذي يكون جالسا فيجد فجأة أن مُخرجًا سينمائيًّا يعرض عليه فيلما فتتبدل حياته هو الفقير. وكهذا يربط عمنا نجيب بين الطبقات المختلفة في هذا الواقع المتخالط فيتمخَّض عن هذا الصراعُ الأخلاقي والمالي والسياسي.

الراوي

الراوي الذي يروي الأحداث هو مجرد حاكٍ. كأنه صديق يحكي لك. شخص عاش هذه الأحداث ويحكيها دون أن تكون له فلسفة تؤثر في حكي الرواية أو تعليل أو تفسير. وهذا يناسب تركيب الرواية العام أنه اختار الشخصيات ويريدك أن ترى تأثيرات مفاجئة عليها وإلى ما آلت هذه الشخصيات.

النهاية

كأنه يقول انظر: شباب الثورة سينتصرون في النهاية كما تنتصر مصر في حرب أكتوبر. فتأثيراته على البنات الثلاث تجعلهن يتجهن نحو تحقيق انتصار في الزواج وتحقيق ذواتهن كما تحقق مصر ذاتها. أما الشخصيات المعادية للثورة كالشخصية الذي ينهي بها الرواية. وهي شخصية غني دمرته ثورة 52 فهو يكون وحيدًا حزينا مغلوبًا لا تقوم له قائمة.

إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..