لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
بعد تخرجي من الجامعة بثلاثة أشهر أتاني عرض من مدرسة أهلية قبلت بكل سرور وحماس , تخصصي كان يخدم وظيفتي بشكل كبير جدًا وهذا مازادني حماسا للعمل، ذهبت للمقابلة وتفوقت على كل المتقدمين وفزت بالوظيفة باشرت عملي بكل صدر رحب وكل من شاهد حماسي ابتسم لي بابتسامةٍ صفراء لم أكن أُلقي لها بالاً فأنا متميزة ونشيطة سأكون مختلفة عنهم بكل تأكيد.أتى يوم زيارة اللجنة للنظر في إنجازات المدرسة خلال الفصل الدراسي الماضي وعندما أتت لجنة التقييم وكان لم يمضِ على توظيفي سوى أسبوع واحد فقط، حوسبت على أشياء كثيرة كانت متراكمة من الفصل الدراسي الماضي، كانت المشرفة ترمي الأوراق التي سهرت عليها خارج الملف وأنا واقفة أمامها كمتهمة تنتظر إطلاق الحكم، كانت الطالبات تسترقن النظر إلي باستغراب! ثم استدعتني الأخرى للإدارة وبدأت بإلقاء الأوامر والنواهي تحت أنظار جميع المعلمات والإداريات. لقد كان من المفترض أن أُعطى الوقت الكافي كي أُنجزها.ما حصل هو أنني تماسكت وأكملت الاجتماع وأخذت على عاتقي تلك المسؤولية وخرجت من الغرفة وأنا شبه منهارة، الجميع يترقب ما يحدث وينظر لي بنظرة شفقة، ذهبت لمنزلي وفكرت ملياً في الوضع، وفيما سأفعله ومن أين أستقطع بدايتي، قررت أن أكمل طريقي وكأن شيئاً لم يكن، وأن أسير على الخطط التي وضعتها لنفسي وأن أنجز ما أستطيع إنجازه، فمن هو خلف المكتب ليس كمن هو في الميدان.حضرتُ في اليوم التالي ووقفت بشموخ في الطابور الصباحي أمام الجميع في حين كان الجميع يتوقع مني أن أتغيب اليوم التالي بعد ضغط الموقف، لا أنسى نظرات الإعجاب في تلك اللحظة، كانت كافية لأثبت أني قادرة وبقوة على المضي قدماً.نحن الموظفين لنا حياتنا الخاصة وضغوطاتنا الخاصة، لنا انهياراتنا الداخلية وحروبنا الشخصية، تأتي الأوامر من الجهات العليا لتنادي بحقوق العميل والطالب والزائر، ماذا عن حقي أنا كموظف كمعلم كعامل ..؟هناك حقيقة مغيّبة عن عقول هؤلاء المسؤولين، نحن بشر نحتاج لدعم نفسي، لمساحة خالية، لاحترام وقتنا وشخصياتنا حتى نستطيع الإنجاز. واصلت الكفاح وبذل الجهد دون رؤية أي إنجازٍ يذكر، تعرّضت لتسلط من بعض الإداريات والمعلمات التي تتخذ من مهنتها حلبة مصارعة وقانونها هو نفسه قانون الحيوانات بالغابة ” البقاء للأقوى” !وعندما لم أجد أي مبررا للبقاء بهذه الوظيفة حيث أني خسرت نفسي وصحتي قررت التفكير في الموضوع مجدداً، فبعض الأماكن لا تناسب شخصيتك وإن كانت في ظاهرها كذلك، واتخذت قراراً بالاستقالة. لا أعطي نفسي الحق المطلق في هذا ولكن ظروفي بتلك الفترة لم تكن تتناسب مع هذه الوظيفة إطلاقاً ..ما أردت إيصاله للقارئ العزيز يتلخص في سبع نقاط:
- أقول للمسؤول، أعطِ لكل ذي حق حقه، فالمساواة بين الموظفين ليست هي المطلوب وإنما العدل وهناك فرق بين المفهومين.
- أقول للموظف، لا تبحث عن نجاحك بالصعود على ظهور الآخرين وسرقة نجاحات الآخرين، فوالله لن تفرح به لأنه لم يكن إنجازك حقيقة.
- ولكل موظف جديد صغيراً كنت أم كبيراً فالعبرة بالخبرة وليس بالسن، نصيحتي لك هي انظر في قدراتك ولا تقارن نفسك بالمخضرمين فتظلمها وتحرم نفسك لذة الكفاح.
- ليس كل موقف تتعرض له يجب أن يترك فيك ندبة أو غضب أو تحطيم، كل الدروس تُرسل للاتعاظ والخبرة لكي تصبح أقوى وأذكى، كن واثقاً بقدراتك، ليس كل من وصلوا وصلوا بكل أريحية كلهم تعرضوا لخسائر وقاوموا رياح وسقطوا ونهضوا.
- لا تسكت عن حقك مطلقاً ولا تقل نعم في حين كان يجب أن تقول لأ ولا تجامل على حساب نفسك فحياة العمل تنتظر شخصية قوية وحازمة.
- ارحل في الوقت المناسب، لا تقف تحت المطر المنهمر وتنتظر أن يتوقف، ثم عد في الوقت المناسب أو غيّر وجهتك.
- لا تنظر للمثبطين ولا تنتظر الإعجاب ولا تنتظر الدعم فعملك هو ما يحكي عنك وليس آراء من حولك.