لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
في بدايات رحلتي مع الكتابة، بدأت بكتابة القصة القصيرة، وكنت أكتب القصة في جلسةٍ واحدة، وعند الانتهاء منها على الفور أرسلها لأحد الكُتّاب لأعرف رأيه فيها، وما هي عيوبها لكي أتفاداها في المرات المقبلة، فكان يقول لي أعد صياغتها ولا تستعجل في إرسالها لي، فكنت أضيق من هذا الكلام لأني لا أطيق صبرًا في إعادة قراءة ما كتبته لأعيد صياغته والتعديل عليه.وتدور الأيام ويرسل لي أحد الأصدقاء قصة كتبها ليعرف رأيي فيها، فقلت له أعد صياغتها، فمن الممكن أن تخرج في شكلٍ أجمل بكثير مما هي عليه الآن، فأخبرني أنه لا يطيق أن يعيد قراءة ما كتبه لتعديله. للأسف هناك الكثير من الكتّاب المبتدئين، وأنا واحدٌ منهم، عندما ينتهون من كتابة شيءٍ ما، ككتابة قصة، أو خاطرة، أو مشهد في رواية، أو حتى كتابة أي شيء على مواقع التواصل الاجتماعي، على الفور ينشرونه بدون مراجعةٍ أو تنقيح.وأريد أن أقول لنفسي أولًا ثم للآخرين في هذا المقال، ألا تتعجّل النشر، خذ وقتك الكافي في الكتابة والمراجعة والتمحيص، حتى تتأكد من وصول فكرتك وما تريد أن تقوله في موضوعك للناس، وحتى لا تقول يا ليتني كنت حذفت هذا وأضفت هذا. على الأقل اكتب ثلاث مسودات في كل موضوعٍ تتناوله.
المسودة الأولى
وهي طرح كل الأفكار التي في عقلك وفي مخيلتك عن موضوعك على الورق، كل ما تعرفه عن هذا الموضوع، كل ما تريد كتابته في هذا الموضوع، فالمسودة الأولى تعتبر الكتابة فيها بطريقةٍ غير واعية، اجعل القلم يجري على الورق دون قيود، ودون حدود، بدون العودة لقراءة ما كتبته. في المسودة الأولى كل ما هو عليك أن تكتب فقط لا غير.
المسودة الثانية
في المسودة الأولى تكون الفكرة مبعثرة في كلماتٍ وأسطرٍ كثيرة، حينها يأتي دور المسودة الثانية التي تنظّم الموضوع وتحدده أكثر فأكثر، ويفضّل أن تبدأ في المسودة الثانية بعد الانتهاء من المسودة الأولى بفترةٍ لا تقل عن ثلاثة أيام، حتى تكون نسيت موضوعك، وتبدأ في تهذيبه وتنظيمه، وحذف كل ما ليس له علاقة بالفكرة من قريب أو من بعيد.في المسودة الثانية موضوعك يبدأ أكثر في الوضوح والظهور بشكلٍ أوضح بالنسبة لك، كل شيء يتم فيها يكون بطريقةٍ واعية تمامًا لما تقوم به، ويجب أن تسأل نفسك في كل كلمةٍ كتبتها، هل هذه الكلمة تضيف إلى المعنى الذي تريد أن تقوله شيئًا؟ لو لم تضيف، فعليك بحذفها فورًا، وهكذا في كل موضوعك، حتى تصل لأفضل نتيجةٍ لموضوعك.
المسودة الثالثة
المسودة الثالثة تكون خاصة بشكل الكتابة، من تنسيق الفقرات، وعلامات الترقيم والأخطاء الإملائية، علامات الترقيم مثل: الفاصلة، والفاصلة المنقوطة، والنقطة، والشرطة. ومن المهم جدًا أن تعرف استخدامات كل واحدة منهن، ومتى يجب أن توضع بين الكلام، حتى يفهم القارئ ماذا تريد أن تقول.والأخطاء الإملائية الشائعة مثل: عدم التفرقة بين ألف الوصل وألف القطع، الياء والألف المقصورة، والتاء المربوطة والهاء. ومن ثم تراجع الفقرات من حيث عدد الأسطر في كل فقرة، وعدد الكلمات في كل سطر، وهل شكل الفقرة مريح للعين أم لا.
الخلاصة:
المسودة الأولى ؛ مثل سيدة غسلت الملابس ثم نشرتها على الحبل لتجف، وبعد جفافها، تأخذ قطعة قطعة من على الحبل، وتضعهم على أقرب شيءٍ لها، سواءً سرير، أو كنبة، أو كرسي. و
المسودة الثانية ؛ مثل السيدة التي تمسك كل قطعة من الملابس وتطبقها بطريقةٍ صحيحة، ثم تضع كل المتشابهات فوق بعض. و
المسودة الثالثة ؛ هي أن تضع كل قطعة في مكانها الصحيح في الدولاب الخاص بها.بعض المؤلفين والكتّاب يكتبون أكثر من ثلاث مسودات، بعضهم يصل إلى عشر مسودات، هناك كاتبة كويتية -لا أتذكر اسمها الآن- في حديثٍ لها قالت "من الممكن أن يصل عدد مسوداتها إلى خمس عشرة مسودة حتى ترضى عن العمل" . في النهاية لا تتعجل النشر سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو نشر الكتب، خذ وقتك ولا تتسرع، فكل شيء يأخذ حقه من التفكير والكتابة والتنقيح والمراجعة والحذف والإضافة، لا شك أنه سيكون أجمل.
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد