لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
حسنناً .. لنبدأ مباشرةً
لماذا نكتب ؟!
سؤال لطالما اعتقدت أني أعرف الإجابة عليه، إنني ببساطة أكتب لأن هذا هو شغفي، نعم إنه شغفي و هذا يكفي.
( قد شغفها حباً)
هكذا وصف الله عز وجل تعلق قلب امرأة العزيز ، و كيف أن حب يوسف عليه السلام قد تملك قلبها ، فأصبح ليلها و نهارها ، صحوها و منامها ، و كل ذرة فيها و حولها ، ليس يملؤها غير حب يوسف، و هكذا يكون الشغف .
لكن ، هل الشغف و حده يكفي للاستمرار في الكتابة ؟
إننا نستمر في الكتابة فقط عندما تكون لدينا قضية، نريد أن نناقشها ، أو ننقدها ، أو ننشرها ، و حتى لنبين وجهة نظرنا حيالها ، لكننا عندما نفقد القضية فإننا نفقد شغف الكتابة بالتدرج، حيث إن الكتابة لا يمكن أن تحضر دون وجود قضية.
لكن ، هل يمكن أن تكون القضية هي المتعة فقط؟
يطالعنا الكثير من الفنانين و المخرجين في وسائل الإعلام بالجملة الشهيرة ( إننا نواجه أزمة ورق) رغم إن المهمة الرئيسيّة لهؤلاء هي المتعة قبل أي شي آخر ، و عندما يشتكي هؤلاء من الورق فهذا أكبر دليل على أن مجرد المتعة لا يمكن أن تحفز إبداع القلم.
إن الكتابة يا سادة لايمكن أن تكون إلا شغفاً و قضية، ( مركباً و وقوداً) فلا يمكن للشغف أن يتحرك مالم يوجد الوقود، و هو القضية هنا.
لكن ، ما هي نوعية القضايا التي يمكن أن تحفز القلم؟
لا أحد يعرف على وجه الدقة ما هي تلك المواضيع التي يمكن أن تحفز القلم ، كما إنه ليس مِن الضروري أن تكون تلك المواضيع من الموضوعات الكبرى، بل قد تكون أشياء عادية، لكن للحظة ما نرى فيها شيئاً غير اعتيادي، فيتحرك القلم حينذاك ليكتب و يبحر فيما وراء ذلك المشهد الصغير.
حسناً .. لنقل إنني وجدت القضية، و تحرك ذلك الشغف القديم، لكن قلمي لم يعد كما كان سابقاً، لم يعد يجيد رصف الكلمات كما ينبغي، و كما كان يفعل دائماً ؟!
إن الانقطاع عن الكتابة هو أحد أكبر الأمور التي تأثر على إبداع الكاتب، لذلك اكتب ثم اكتب ثم اكتب و لا تتوقف أبداً مادمت تلحظ أن هناك شيئا في داخلك يدعوك إلى المزيد، و قبل ذلك لا تنس أن تعلم بل و تعتقد اعتقاداً جازماً يتبعه فعل بالتأكيد أنه يجب عليك أن تقرأ بعدد المرات التي يجب أن تكتب فيها .
ثم إياك أن تخشى النقد، و احرص على أن تكون نظرتك لكل نقد على وجهة النظر القائلة (خذ من النقد ما يجعلك أفضل ، حتى و لو كان ذلك مجرد انتقاد من حاقد ).
و بعد، فدعنا نتساءل ماهو االهدف من الكتابة؟ هل نكتب لأجل غايات داخلية، أم لأجل غايات المجتمع و قيمه العليا، أم ماذا؟ إن الكتابة الحقيقية ياسادة هي تلك التي تخرج من القلب لتصل إلى القلب كما قالت تلك اللوحة التي قرأتها لسنوات على باب مدرستي (ما خرج من القلب وقر في القلب، و ما خرج من اللسان لم يتعد مسامع الآذان )
إن أعظم الإنتاجات الأدبية و الفكرية في التاريخ البشري هي تلك التي ولدت داخل كيان أصحابها قبل أن تخرج للنور ، لذلك كن حريصاً عندما تكتب أن تعيش مع حروفك و أن ترويها من تجاربك ، من آلامك ، من أحلامك ،و من تفاصيل روحك.
و أخيرًا.. فقد أثبتت الدراسات بحسب موقع Positive Psychology Program أن للكتابة سحرا و أثراً عظيمين على تحسين المزاج و إخراج الإنسان من حالات الاكتئاب، لذلك لا تبخل على نفسك يا عزيزي و اهرع إلى قلمك عسى أن يساعدك ذلك الحرف و إخوته على تجاوز محنتك هذه، و رسم الابتسامة و الطمأنينة في قلب غيرك ممن قد يمر عليها و لو بعد زمن ممتد بعيد حتى عن مخيلتك في هذه اللحظة.
هذه بعض من التساؤلات التي سألتها و حاولت الإجابة عنها علها تساعدني و تساعد غيري ممن انقطع عن الكتابة في العودة للركض مجدداً في رحاب هذا العالم المزدحم بكل شي.