Loading Offers..
100 100 100

كيف نتعلم أفضل ونتذكر أكثر لنخرج منتصرين في سباقنا مع الآلة؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

“نحن فى بداية عملية إعادة الهيكلة الكبرى: تتنافس تكنولوجياتنا على المقدمة، بينما تتلكأ خلفها كثير من مهاراتنا ومؤسساتنا” بهذه الكلمات وضح كلًا من “Erik Brynjolfsson” و “Andrew McAfee” في بداية كتابهما Race Against The Machine توقعاتهما بخصوص عملية إحلال الآلة محل البشر فى العديد من الوظائف. تستخدم أمازون الروبوتات التى تستقبل أوامر الشراء عبر الإنترنت لتقوم بدورها بتحضير الطلبات ونقلها من المستودعات إلى نقاط المغادرة، وقد أثبتت تلك الروبوتات كفاءة ودقة وسرعة وتوفير أكبر من الأيدى العاملة البشرية،

باستخدام برامج “ERP” تمكنت العديد من الشركات من تقليل عدد الموظفين في وظائف مثل الحسابات والمخازن والمشتريات وعدد من الوظائف الإدارية إلى الحد الأدنى، مع كفاءة ودقة وسرعة أكبر وبتكلفة أقل من تكلفة العنصر البشري. بعض الشركات أصبحت تستخدم الروبوتات للعمل في المختبرات، العديد من الشركات تحاول توفير الروبوتات بأسعار اقتصادية لتأدية الكثير من الأعمال مثل شركة أوتوماتا التي أسسها سوريانس شاندرا و مصطفى السيد.

هذا كله جعل الكثير من الناس يتساءل: ما السبيل للفوز فى ظل عملية إعادة الهيكلة هذه؟ ما الذي يجعلني قادرًا على الكسب فى ظل هذا الاقتصاد الجديد؟

والجواب أنك ستستطيع العمل والكسب طالما توفرت لديك المهارات المطلوبة في سوق العمل الجديد، لكن هذه المهارات تتغير وتتطور سريعًا، وإن توقفت عن مواصلة التعلم لفترة فسوف تصبح مهاراتك متاحة إلكترونيًا، أو أنه سيكون من السهل الاستعانة بأحد العاملين عن بعد ممن لديهم نفس مهاراتك وبتكلفة أقل. لذلك وكما ذكر “كال نيوبورت” فى كتابه “deeb work” : من أجل أن تكون أحد الفائزين في ظل هذا الاقتصاد الجديد فإن عليك إجادة هاتين المهارتين الأساسيين وهما :

  1. القدرة على تعلم وإتقان الأشياء الصعبة بسرعة.
  2. القدرة على الإنتاج بمستوى متميز، يتناسب مع كل من الجودة والسرعة.

في مقالنا سنركز على المهارة الأولى، فهيا بنا نتعلم كيف نتعلم ونتقن الأشياء الصعبة بسرعة، وكيف يمكننا أن نحتفظ بما تعلمناه في ذاكرتنا طويلة الأمد.

الاهتمام والتركيز

هناك نوعان رئيسيان من الذاكرة وهما الذاكرة طويلة الأمد والذاكرة العاملة فإذا ما قلت لك ما حاصل ضرب ( 8 * 56 ) وذلك في رأسك ودون ورقة وقلم أو حاسبة؟ فإنك هنا ستستخدم ذاكرتك العاملة، ولكن كيف قمت بهذه المهمة؟ لعلك قمت بضرب 8*6 = 48 ( معالجة للبيانات) وقمت بالاحتفاظ بالرقم 4 ( تخزين)، وضربت 8*5=40 وأضفت عليها الرقم 4، ومن ثم قلت لي أن الحل هو 448. فالذاكرة العاملة: هي نظام يمكنه تخزين كمية صغيرة من المعلومات لفترة وجيزة ويُمَّكِنُنا من معالجة تلك المعلومات المخزنة.

فأنت تحتاج إلى الاحتفاظ بجزء من المعلومات مؤقتًا لإكمال مهمة معينة كما في المثال السابق أو لفهم قطعة من نص معين تحتاج لتذكر بداية الجملة أثناء قراءة باقي النص، أو تَذكُر حُجة مقنعة حتى ينتهي شخص آخر من التحدث. فبدون ذاكرة عاملة لن يتمكن الناس من التفكير وحل المشكلات والتحدث وفهم اللغة والانخراط في أنشطة أخرى مرتبطة بالحياة الذكية، أيضاً تعتبر الذاكرة العاملة الطريق المؤدي إلى ترسيخ المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد. الآن وبعد أن تعرفنا على الذاكرة العاملة وأهميتها فما هي العوامل التي تؤثر على كفاءة الذاكرة العاملة؟

اقرأ أيضا: 

هل كبرت على التعلم؟ أم أن التعلُّم رحلة مستمِرَّة لا تتعلق بالعمر؟

علّم نفسك بنفسك كيف تحول التعلم الذاتي إلى ضرورة؟

ثلاثة عوامل تؤثر على كفاءة الذاكرة العاملة:

  1. درجة الاهتمام والتركيز.
  2. محاولة استيعاب قدر كبير من المعلومات دَفعَةً واحدة.
  3. التعرض للمُشتِتَات والمُلهِيات.

يتعرض الإنسان في يومه إلى الكثير من التفاصيل التي تتلقاها الحواس كل ثانية، وكل دقيقة، وكل ساعة،وكل يومٍ في حياتنا، ولكن الكثير من هذه التفاصيل اليومية أو كلها (في بعض الأحيان) تُهمل من قبل نظام ذكي في الدماغ دَوْرِهِ فلترة ما يجب الاحتفاظ به ومعالجته من معلومات من بين تلك التفاصيل التي تتلقاها الحواس وما يجب إهماله منها.

والسؤال هنا هو : ما الذى يُحفز الدماغ على الاحتفاظ بمعلومات معينة ومحاولها فهمها ومعالجتها في حين يتم إهمال المعلومات والتفاصيل الأخرى؟

والجواب هو أن الأمر يتعلق بمدى أهمية المعلومات بالنسبةِ للمُتلقي؛ فليس مفيداً في شيء محاولة فهم ومعالجة وتسجيل كل المعلومات التي تتلقاها الحواس في كل ثانية، فليس كل ما تسجله الحواس يعتبر ذا أهمية، أيضاً فإن أحد أسباب تقييد محاولة فهم الكمية الهائلة من المدخلات الحسية هو أن الدماغ يكون بخيلًا إلى حد ما في جهده العقلي لأنه يحتاج إلى الحفاظ على وقوده المحدود للحفاظ على البقاء على قيد الحياة؛

حيث يزن الدماغ العادي حوالي ثلاثة أرطال فقط، ولكنه كثيف جدًا ونشط في التمثيل الغذائي بحيث يتطلب أكثر من 20% من جميع الأكسجين والعناصر الغذائية التي يستهلكها الإنسان.

لكن كيف يعرف المخ كون هذه المعلومة مهمة فيحتفظ بها أو تلك المعلومة غير مهمة فيُهملها؟ والجواب هو عن طريق مراقبة مدى الاهتمام والتركيز على المعلومة محل الدراسة. فإذا ما أبديت اهتماماً بتعلم شيئاً ما وصرفت كامل تركيزك عليه، حينها يعطى الدماغ الأولوية لتلك المعلومة المهمة وذلك ما لم تظهر أى معلومة يرى الدماغ أن لها الأولوية مثل ظهور شيء ما قد يهدد حياتك، فحينها يهمل الدماغ التفكير في أي شيء ويصب كامل طاقته في محاولة إبقائك على قيد الحياة.

وعلى ذلك فإنه باهتمامك وتركيزك على ما تحاول تعلمه تكون قد استطعت تحفيز دماغك على العمل بأقصى طاقته من أجلك، ويبقى عليك أن تحافظ على تركيزك وتجنب المُشتِتَات.

تَجَنُّب المُشَتِتَات

تجلس على مكتبك وتبدأ بكتابة مقالة جديدة أو تحاول تعلم شيء جديد، فإذ بهاتفك يرن ويهتز ويومض بمكالمة هاتفية أو رسالة قصيرة أو واتساب، أو قد تكون أحد إشعارات فيسبوك أو أي من وسائل التواصل الاجتماعي، تتفقد هاتفك لترى أن كان الأمر مهما، فينتهي بك الأمر إلى ضياع نصف ساعة على الأقل في هذه العملية.

يصلك سيل من رسائل البريد الإلكتروني يومياً، القليل منها فقط هو ما يكون هاماً وعاجلاً ويتوجب عليك قراءتها والرد عليها؛ تحاول تجنب مطالعة بريدك الإلكتروني، لكنك لا تدري لعله يحتوى على رسالة الموافقة على المنحة الدراسية التي تقدمت بطلب للحصول عليها، أو عرضٍ بحسم من أحد المتاجر الإلكترونية التي سبق وأن اشتريت منها وقد تفوتك هذه الفرصة، ومن الممكن أن يحتوى بريدي الإلكتروني على رسالة لـــ ……… ، أو حتى ………. ، هذه الاحتمالات وأكثر هي ما يدور فى ذهنك عند تلقي إشعار بوروود بريد إلكتروني أليس كذلك،

وعندما نأتى إلى إشعارات مواقع التواصل الاجتماعى تجد نفسك مسلوب الإرادة تمامًا عن تجاهُلها، وإن استطعت تجاهُلها فإنك تبقى مشغول الذهن. إذن ما هي تأثيرات المُشَتِتَات والمُلهيات على التعلم والدراسة والعمل؟

بديهياً فإن تعرضك للمُلهيات والمشتتات يزيد من الوقت اللازم للتعلم أو إنجاز العمل، لكن لا يقتصر تأثير المشتتات والمُلهيات على الوقت المقدر لدراسة ما نحاول دراسته أو إنجاز ما نريد إنجازه فحسب، وإنما يمتد تأثير تلك المُلهيات بشكلٍ سلبي إلى جودة التعلم أو العمل المنجز تحت تأثير المُلهيات والمشتتات. هذا يعني أن تعلمك وأنت في هذه الحالة سيكون سطحياً وغير عميق، وعملُك المُنجز سيكون عملا غير مُتقن منخفض القيمة فى ظل هذا الاقتصاد الذي نعيشه الذي يكافئ وبكرم على العمل المُتقن والعلم الراسخ المُنتِج ( هذا طبعاً بفضل الله وبتقديره سبحانه وتعالى ).

هناك أيضاً بعض المجالات الصعبة التي لن تُفلح محاولاتك لتعلمها أصلاً تحت تأثير المشتتات، كتعلم وإتقان مهارة مثل البرمجة وهى مهارة مهمة جداً في وقتنا الحالي وتتطلب حالة من التركيز التام والمستمر. إن قضاء الوقت فى حالة من المُلهيات والمشتتات يقلص قدرتنا على التعلم والإنجاز. لا تقتصر المُلهيات والمشتتات على أدوات الإنترنت فقط (رغم أنها الأكثر إلهاءً فى الوقت الحالي)، فقد يكون المكان الذى تدرس فيه مليئًا بالضجيج، أو أن أطفالك لا يتوقفون عن الذهاب والإياب والصراخ و … ، فما العمل إذن.

اقرأ أيضا:

إستراتيجيات التعلم للقرن 21

اكتشف أسلوب التعلم الملائم لك

نصائح لتجنب المشتتات والملهيات

  1. حدد مصدر التشتت بالنسبة لك، وما الذي تحتاجه لتجنبه.
  2. قم بجدولة كل دقيقة من يومك، وحدد وقتًا لجلسة الدراسة أو العمل.
  3. أوقف أي مصدر للتشتت، تلفزيون أو راديو.
  4. أخبر من حولك أنك غير متاح في هذا الوقت للتركيز على عملٍ مهم.
  5. قم بتحضير مشروبك المفضل من أجل جلسة التعلم، وإن كانت الجلسة طويلة فاحتفظ بالقليل من الطعام حتى لا تحتاج للخروج والتفكير فيما ستتناوله.
  6. امتنع عن الإنترنت في وقت العمل، وإن شعرت أنك في حاجة للبحث على الإنترنت لأمر خاص بما تحاول إنجازه فلا تفعل، ويمكن أن تحدد جلسة لوقتٍ محدد لهذا الغرض فيما بعد.
  7. لا تستخدم الإنترنت إلا من أجل هدف معين، ولوقتٍ محدد، ولا تستخدم الإنترنت من أجل التسلية.
  8. قسم جلسة العمل إلى جلسات صغيرة يتخللها فترات راحة قصيرة (يمكنك استخدام تقنية البومودورو)
  9. ابدأ جلسة عملك مبكرًا.

الممارسة والتدريب والتكرار المتباعد

ها قد نجحنا في التعلم وفهم الأشياء الصعبة عن طريق الاهتمام والتركيز وتجنب المشتتات والملهيات، لكننا سرعان ما ننسى تلك المعلومات وهذه المواد التي بذلنا فيها الكثير من الجهود واستثمرنا فيها الكثير من الأوقات. والسؤال الذى يطرح نفسه بقوة هنا هو: بعد أن بذلنا هذه الجهود من أجل الفهم، كيف يمكننا نقل ما تعلمناه من الذاكرة قصيرة الأمد إلى الذاكرة طويلة الأمد؟ و كيف يمكننا مراكمة المعرفة وهو الأمر الذى يجعل منَّا خبراء في تخصصنا؟ والجواب هو عن طريق الممارسة والتدريب والتكرار المتباعد.

التكرار المتباعد: هو أن تقوم بمراجعة ما تعلمته مراراً وتكراراً على فتراتٍ متباعدة مع زيادة تلك الفترات بين كل تكرار والآخر وفقًا لمدى حفظك وإتقانك للمعلومة. فإذا ما كررت دراسة معلومة ما فإن هذا يعني للدماغ أن هذه المعلومة ذات أهمية، وهذا يعني نقل تلك المعلومة الهامة إلى حيث يتم الاحتفاظ بها لفترةٍ أطول، إلى الذاكرة طويلة الأمد.

إذن فماذا لو قمت بتكرار قراءة نصٍ ما قد حفظته، أو حل مسألة معينة قد استوعبت حلها تماماً فى يوم واحد عشرة أو عشرين مرة على سبيل المثال؟ في الحقيقة إن التكرار فى يوم واحد أكثر من مرة (لما تم حفظه وفهمه بالفعل) غير مفيد وهذا الأمر يسمى فرط التعلم أو التعلم الزائد، ولكن بدلاً من ذلك قم بالتركيز على الأشياء الصعبة التى تواجهك وأكثر من التدريب عليها فهذا الذي يجعل منك خبيراً بمجالك، وذلك مع استخدام أسلوب التكرار المتباعد لما قد تعلمته وفهمته فى وقتٍ سابق حتى يمكنك الاحتفاظ به في الذاكرة طويلة الأمد.

إن تعاملنا مع الذاكرة على أنها آلة تصوير أو جهاز تسجيل إن قمنا بتسجيل شيء ما عليه فإننا بذلك نضمن الاحتفاظ به طوال الحياة هو أمر خاطئ، فإذا ما كنت ستواظب على المراجعة المنتظمة لمعلوماتك فإنك ستحتفظ بها، وستسترجع منها ما تريده في الوقت الذى ترغبه، أما إن كنت ستتوقف عن ذلك لفترة طويلة فسيكون عليك معاودة الدراسة مرةً أخرى.

في الجزء الثاني من موضوعنا : كيف نتعلم أسرع ونتذكر أكثر سنلقي الضوء على نمطي التفكير المُركز والمنتشر، وكيف يمكننا الاستفادة من نمطي التفكير في تعلمنا، وتأثير ذلك على الإبداع، سنناقش أيضاً أهمية النوم وممارسة الرياضة وتأثير البيئة الإيجابية على التعلم.. فتابعونا.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..