لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
قمت بتجهيز كل شيء لأبدأ رحلة جديدة في عالم الكتب؛ وقع الاختيار هذه المرة على هذا الكتاب "
المولودة" الذي سنتعرف بين طياته على الكثير والكثير من الأحداث السياسية، سواءٌ على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي منذ عشرينيات القرن التاسع العشر، مرورًا بالقرن العشرين.همَمتُ بالبدء، جهّزت الأوراق والأقلام وبعض القصاصات الورقية الملونة التي أستعين بها لتدوين بعض الأحداث التي تستوقفني أثناء القراءة للعودة إليها والبحث في بعض هذه النقاط مرة أخرى لمعرفة المزيد.اللافت للنظر في هذا العمل أنه لم يكن ترشيحًا مُسْبَقًا من أحد أصدقائي، ولم يكن معلومًا بالقَدْر الكافي عند الكثير، حتَّى إن بعض الأصدقاء عند سماعهم للاسم تساءلوا كثيرًا حيث لم يكن الاسم مألوفًا لهم بالقدر الكافي.ما استرعى انتباهي تجاه هذا العمل هو بعض السطور التي وجدتها مصادفةً تتحدث عن العمل على مِنصَّة من منصات التواصل الاجتماعي، كانت هذه السطور تتحدث عن شخصية تمّ الإشارة إليها في هذا العمل وهي "
الفنانة القديرة/محسنة توفيق" حيث إنها كانت تقوم بالغناء على حافة شبَّاك عنبر الاعتقال، وتعيد على أسماع المعتقلين أغاني أمّ كلثوم، تلك السطور البسيطة كانت التعارفَ الأولَ بَيْني وبين هذا العمل الروائي، ثم بدأت رحلة البحث، قُمْتُ بالسؤال عن الكتاب في أحد المكتبات ولسوء الحظ لم أجده.لم يَفُتَّ هذا الأمر في عزيمتي تجاه الإصرار على الحصول على هذا المؤَلَّف، ربما لاحظ مسؤول البيع بالمكتبة شَغَفي تجاه الحصول على هذا العمل، ووعدني بإحضاره ولم تمضِ بضعة أيام ثم وجدته يهاتفني موضحًا أنه يمكنني اقتناء الكتاب، أنهيت عملي وذهبت مسرعةً وأحضرت الكتاب وعزمت علي الإبحار فيه وبدأت الرحلة.هذا العمل الذي بين أيدينا يُعَدُّ رواية تسجيلية تعتمد علي سرد السيرة الذاتية لـ"ماري روزنتال" /"نايلة كامل" على لسان ابنتها "نادية كامل". ستتعرف بين طيَّات هذا العمل على الكثير من الأحداث السياسية الهامة، وستقابل الكثير من الشخصيات الهامّة، فعلى الرَّغْم من أن هذه الرواية كتبت بالعاميَّة إلا أنها تُعَدُّ بمثابة بَحْثٍ تاريخيّ مبسّط يوثّق الكثير من الأحداث الهامة.
النشأة
وُلِدَت "ماري روزنتال عام (1931م) لأب يهوديّ وأمّ إيطالية مسيحية، كان التنقل والترحال صديقًا لها منذ الطفولة، فقد انتقلت من مسكن إلى آخر، وهي في مرحلة الطفولة نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة، فلم يكن مضى أكثر من عامين فقط على حدوث أزمة الكساد الكبير عام (1929م) وصولا إلى المرحلة الابتدائية وتشبعها بالقصص والحكايات التي تقصّها عليها والدتها عن الأوضاع في إيطاليا وحروب الاستقلال والوحدة ربما أسهم هذا بقوّة في تشكيل الوعي السياسي لماري منذ الطفولة.
أهم الأحداث السياسية
من الأحداث السياسية الهامّة على المستوى المحلي المشار إليها انقضاء حِقْبة المَلَكيّة وقيام ثورة يوليو عام (1952م) وبانقضاء عام (1952م) وصولا إلى عام (1953م) تظهر بقوّة بعض الممارسات الديكتاتورية مثل: إلغاء الأحزاب وإغلاق الصحف والقبض على المعارضين، وخَلْق كيان سياسي أوحد متمثل في "الاتحاد الاشتراكي" بالإضافة لحدوث بعض الخلافات داخل مجلس قيادة الثورة أدت للإطاحة بمحمد نجيب، ننتقل بعد تلك الفترة إلى الحقبة الناصريَّة وصولًا لحكم السادات.
نقاط التحول
نتوقف عند نقطة التحول الأولى في حياة ماري وهي اعتناق عائلتها للديانة المسيحية عام (1943م) هروبًا من بطش "الجنرال الألماني رومل" في حال وصول وتقدُّم الجيش الألماني نحو القاهرة، تمثَّلت نقطة التحوُّل الثانية لماري في انضمامها للنادي الإيطالي "البيك" الذي كان حلقة الوصل بينها وبين عالم السياسة عن طريق محاضرات النادي الإيطالي (La pic Palestra Italian Cairo) وتفتح وَعْيها أكثر على الأنشطة الثقافية المرتبطة بالتاريخ والفكر السياسي.
تجربة الاعتقال
لا شَكّ أن هذه التجربة رغم مساوئها إلَّا أنَّها أضافت الكثير لماري فهي تحكي عنها وكأنها رحلة استغرقت عامًا ونصفَ العام، كوَّنَتْ خلالها الصداقات وتعرفت على الحياة من منظور مختلف إلى الحد الذى جعلها تصف تلك التجربة بأنها "انفراجة كبيرة لم تكن بها خِبْرات عملية لكن استطاعت أن تجني منها تجارب ذهنية وثقافية ونفسية" على حدِّ قولها، وجدير بالذكر أن ماري تم اعتقالها (4) مرات.
الحصول على الجنسية المصرية
تُعَدُّ هذه النقطة من أهم نقاط التحول الخاصة بماري/نايلة، فالحصول على الجنسية المصرية كان طريقًا طويلًا مُضْنِيًا، ويرجع عدم حصولها على الجنسية المصرية حتَّى هذا الوقت هو عدم حصول والدها أيضا على الجنسية المصرية، فهو مصري بالميلاد فقط، ففي هذا الوقت كانت هناك هجرة من بلدان مختلفة لمصر ولم يكن متاحًا وقتها الحصول على الجنسية المصرية لكل مَن وُلِد على أرض مصر، فقط يحصل على شهادة ميلاد تفيد بأنه وُلِدَ هنا، وبعد ذلك يتقدم بطلب للحصول على الجنسية المصرية.
مشروع الثقافة الجماهيرية
في منتصف الستينات تأسَّسَ مشروع الثقافة الجماهيرية على يَدِ الصحفيّ "سعد كامل" حيث يُعَدُّ سعد كامل من الشخصيات المحورية في هذا العمل؛ لما له من إسهامات عديدة في مجال الثقافة في مصر في تلك الحِقْبة؛ حيث قام بإنشاء قصور الثقافة في مختلف المحافظات، وفي تلك الفترة تم استضافة فرق باليه وأوركسترا ومعارض نظرًا للاتفاقيات الثقافية الثنائية التي كان تعقد بين مصر ودول أخرى على رأسها الاتحاد السوفيتي.بالإضافة لاستحداث فكرة قافلة الثقافة القائمة على الخروج من حَيِّز المُدُنِ قاصدةً القُرى الصغيرة ليَتِمّ عرض بعض الأفلام التسجيلية والعروض السينمائية بمشاركة بعض الفنانين، وعلى الرغم من نجاح تلك التجربة إلَّا أنها لم تستمرَّ أكثر من عامين تحديدًا من (أغسطس 1966م) حتَّى أوائل عام (1968م) نتيجة لنكسة (1967م) وما أَعْقبها من الصراع بين وزارة الثقافة ممثلة في "ثروت عكاشة" من جِهَة والمحافظين من جهة أخرى.
الحركة النسائية
كانت نائلة كامل من أوائل المتابعين للحركة النسائية في إيطاليا وأوروبا، وكانت حريصة على الاطلاع على مجلة "نحن النساء" حتى في أثناء فترة اعتقالها، والتي استطاعت من خلالها أن تقوم بمتابعة الحركة النسائية في إيطاليا، واستطاعت من خلال متابعتها لمجلة نحن النساء المشاركة في المؤتمر الذي عقد في كوبنهاجن في الدانمارك عام (1980م) الذي تنظمه الأمم المتحدة يتناول قضية المرأة.
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد