لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
إنّ النفس البشرية كالبئر الخاوي الذي ليس به الماء، فلو لم تملأه بالماء امتلأ بالهوام والحشرات والحشائش القذرة، كذلك النفس البشرية إذا لم تملأها بما ينفعها مُلئِت بالأشياء الضارة لها وللبدن، فتصبح ألعوبة في أيدي الخبثاء مثل إبليس اللعين وأصحاب السوء وسوق الرذيلة.
والنفس كالطفل كما قال الشاعر :
والنفس كالطفل إن تهمله شَبّ على *** حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فلابد من شغل النفس بالعمل النافع بعيدًا عن الفراغ القاتل الذي يلقي بصاحبه في غيابات الأمراض النفسية والعصبية والإدمان والمخدرات والشذوذ والغرق في مستنقع الفاحشة، فهذه النفس من الممكن بل من المؤكد أنها معطاءة وغنية بالأشياء المثمرة والطاقة المتجددة، وتتكيف مع كل العوامل والظروف الحياتية حسب الوقت والمكان.
فالصبي الصغير إذا أخذت بيده وذهبت به لأحد النوادي الرياضية، وتعلَّم في صغره لعبة الجمباز لصار بدنه كقطعة الملبن ينحني للوراء ويقفز ويفعل حركات من الصعب فعلها لمن لم يتمرن عليها، وكذلك لاعبو كمال الأجسام، يجعل من جسده قطعة عضلية فولاذية ويشكل من بدنه مجموعة عضلية لا تقارن بأي إنسان لم يفعل ما فعله بجسده، وكذلك كل المهارات والأعمال والحرف والهوايات، فالوقت كالسيف -كما قيل- إن لم تقطعه قطعك، وساعات اليوم أصبحت قليلة، فأنت تذهب في الصباح للعمل وتعود للمنزل في المساء وبك من التعب والإرهاق الكثير وتريد أن تجلس مع أولادك وأهلك، فلما تضيع وقتك أمام صفحات التواصل الاجتماعية بالساعات وأمام التلفاز وعلى المقاهي وفي الطرقات؟
هيا قُمْ بكتابة أيّ شيء، مثل: مقالٍ أو قصة قصيرة أو اقرأ أو احفظ ولو آية من القرآن، أو هيّا للنادي ومارس هواية مثل: كمال الأجسام، حتى لا تتضاءل عضلات جسمك ويحدث لها بعض الضعف والهزلان، ويتكون ما يسمى (بالكرش) ويحدث لك ترهلات وتعاني بعدها من السمنة والتخمة وتبحث عن رجيم قاسٍ ليجعلك تعود كالسابق بلا كرشٍ أو زيادة في الوزن، وتعاني من السكر وضغط الدم وأمراض السمنة المختلفة من وجعٍ وألمٍ في القدم والركبة والظهر، وتقول حينها ياليتني لم أفرط في الطعام والشراب.
مشاركة المعرفة: بين تحقيق الذات والتعبير عن وجودنا الإنساني
الانضباط الذاتي وأهميته لتحقيق الأهداف
والحقيقة هي أنك تركت عضلاتك تترهّلُ وترتخي دون تدريبها، قد يقول قائل: يا سيدي أنا أعود من العمل وبي من الإرهاق والتعب ما يجعلني لا أستطيع الحراك لأي مكان، فأقول لمثل هذا: أنا لا أطالبك بالذهاب هنا أو هناك فإن عجزت عن الذهاب لبعض صالات أو نوادي كمال الأجسام فاشترِ القليل من هذه الأثقال وتمرّن بها في المنزل أو استكفِ بتمرين البطن والضغط على الذراع، ولو كل تمرين تفعله خمس دقائق فتكون بذلك مرّنت بطنك وعضلات الصدر والذراع والظهر بالسهل من التمارين.
قد يستحي بعض الناس من ذلك لكبر سنه ولأنه تعدى عمر الشباب، أو لأنه يعاني من بعض المشاكل الأسرية من نقصٍ في الأموال أو احتياج للمال، أقول لمثل هؤلاء: إن مشاكل الحياة لا تنتهي أبدًا والنفس مجبولة على الكسل والخمول وحب الراحة وعدم بذل الجهد، فأنت بذلك تساعدها على غيّها ومرادها، فمع الوقت ستقودك لترك العمل والإهمال والتسيب وعدم الانضباط في كل حياتك وخاصة مع ربك، فلن تصلي الفجر في جماعة ولن تقرأ القرآن ولن تمشي للمساجد بحجة التعب والإرهاق، وربما جعلتك تصلي قاعدًا.
وفي النهاية تجد عمرك قد ضاع وتتحسر إذا شاهدت من يملك الجسد القوي السليم، وتندم إذا رأيت من أبدع وتقدم في حياته بأيّ عمل وحقق هوايته، وفي النهاية أقول: عليك بترك ما لا ينفع ولا يثمر، واستثمر هذه الساعات القليلة في نفع نفسك أو غيرك بأيّ عمل تفرح به وتفتخر به بين الناس، ولا تجلس لتشاهد الفيديوهات والصور على مواقع التواصل الاجتماعية لتعلق أو تعجب أو لتضع بعض الصور، ولكن عليك بأن تكون من أصحاب هذه الڤيديوهات ومن أصحاب الأعمال التي تنفع الناس، مثل: مقالٍ أو تعليم حرفة أو تقديم وظيفة للناس أو في مجال يعود عليك أولًا بالنفع وعلى غيرك، دون أن تكون من الذين يستغلون حوائج الناس ويضرونهم في أفكارهم وحياتهم، سواء كانت معنوية أو حسية.
والله الموفق والهادي إلى طريق مستقيم.