Loading Offers..
100 100 100

في ذكراه.. تعرّف على قصة حب غسان كنفاني الخالدة 

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

اليوم (8) يوليو تمر الذكرى ال(48) على اغتيال الكاتب المناضل الشهيد غسان كنفاني، والمتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عرفه الكثيرون وقد ارتبط اسمه بالكاتبة غادة السمان بعد نشرها لرسائله مُخفية الجزء الآخر من الحقيقة والمكمل للصورة والكلمات والمشاعر، وهو رسائلها التي لم تنشرها متعللة بأنها كانت مع غسان ولا تملك نسخة منها.

ربما عُرِفَ اسم غسان من رسائل غادة أكثر مما عرف من خلال رواياته الأشهر “عائد إلى حيفا، ورجال في الشمس”، قد يرجع ذلك إلى أن الكتابات الرومانسية في عالمنا العربي تلقى رواجًا أكبر من تلك المتعلقة بالقضايا.

وأمام شهرة اسم غادة السمان بجوار اسم غسان العظيم ككاتب ومقاوم وفارس محارب، وبعد أن هزّت صورته بهذه الرسائل الخاصة جِدًّا ونشرها بعد عشرين عاما من اغتياله، وفجرت التساؤلات في حقه كيف لرجل تزوج القضية أن يصبح له حب سري ناهيك عن كونه له زوجة وأولاد، كانت هناك سيدة أخرى أغفلها الكثيرون ولم تلق قصة حبها معه وإخلاصها بعده ذات الاهتمام والانتشار، رغم أن ما فعلته لبقاء اسم غسان وحلمه يستحق التقدير.

وهي زوجته الدنماركية آني كنفاني، تحكي أنها حضرت مؤتمرًا تعليميًّا في يوغسلافيا وفي أثناء ذلك تحدث طلاب فلسطينيون عن القضية الفلسطينية، وشعرت بالغضب لأنها لم تسمع من قبل عن هذه القضية، ومن ثَمَّ قررت السفر إلى الشرق الأوسط، وفي لبنان التقت بغسان كنفاني، وعملت معلمة ثم سكرتيرة في سفارة لبعض الوقت، جمعها بغسان كرههما المشترك للاحتلال الإنجليزي فقد كانوا يسيطرون على بلادها أيضًا، عرض غسان عليها الزواج بعد شهرين فقط من لقائهما الأول في لبنان، وقد كان والد آني مناضلًا مطارَدًا من النازية، وعندما كانت تشعر بالمراقبة وخطر القبض عليه تضع له وردةً على الباب حتى إذا عاد إلى المنزل يرى الوردة من بعيد فيختبئ.

شخصيتها التي تكونت بنشأتها تلك ونضال والدها جعل لديها كل الاستعداد لتحمل الظروف الصعبة مع غسان والوقوف إلى جواره وفي ظهره لتنتصر القضية. فبالإضافة لكون غسان كاتبًا وقلمه غرس القضية الفلسطينية في قلوب الكبار والصغار فقد كان له دور واقعي في المقاومة، وقام بالتخطيط لعمليات كبرى وجه بها أنظار العالم إلى القضية الفلسطينية وحرَّر بها العديد من الأسرى، إلا أنه كان لديه حلم لأجل أطفال فلسطين اللاجئين في لبنان وغيرها، فقد كان غسان نفسه في طفولته لاجئًا في هذه المخيمات.

وتحكي “آني” أن غسان رفض أن يُعين حارسًا شخصيًّا له حتى لا يُشعرهم بالقلق والخوف رغم أنه كان يعلم جيدًا أنه مستهدف وستتم تصفيته.

في صباح يوم السبت (8) يوليو كانت شقيقته في زيارة لبيت غسان، وعند خروج غسان نادته ابنته ليلى لتذهب معه ولكنه أقنعها أن تبقى في المنزل، كانت لميس ابنة شقيقته (17) عامًا دائمة الخوف عليه تدعوه أن يكفّ عن كل هذا حتى لا يُقتل فقُتِلت معه، فعندنا أدار غسان محرك السيارة كانت لميس تقف إلى جوارها، لم يغادر قلب “آني” شعور بالكآبة وقبضة في القلب لم تعرف سببها حتى سمعت دوي الانفجار، نظرت “آني” من الشرفة لتجد الحطام، تعرفت على غسان من ساقة وذراعه التي حملت ساعة يده بينما لميس ملقاة بعيدا، ظل ابنه فايز يضرب رأسه بالجدار وابنته ليلى تصرخ “قتلوك يابابا”.

نفضت آني المكلومة حزنها ونهضت تجمع أشلاء روحها بعد تجميع أشلاء زوجها ومواراته الثرى، ربت أطفال غسّان كما كان يريد ويحلم حتى أصبحا شابًا وفتاة رائعين، تخصص فايز في الإخراج السينمائي وليلى تخرجت من فنون جميلة تدرس للأطفال في مؤسسة غسان كنفاني.

هذه المؤسسة هي تجسيد لحلم غسان، منظمة ثقافية إنسانية تعمل على تحسين الحياة التعليمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للأطفال والشباب الفلسطينيين في لبنان أسست سنة 1974م.

وتشمل رياض أطفال ومشاريع فنية وتدريبات ومكتبات وتأهيل ما قبل الدراسة، تهتم كذلك بالمعاقين وتقدم الدَّعْم لأسرهم، هذا التنفيذ حتى ربما أكبر من حلم غسان الذي كان يحلم به للأطفال الفلسطينيين واللاجئين في بقاع الأرض، كل هذا القدر من الجمال والإخلاص الذي تقدمه آني كنفاني جعل غسان يظل حاضرًا بروحه وكتاباته وفكرته، فقد حفظت نضاله وذكراه لآخر لحظة ودافعت عن حقّه وقضيته وواصلت العمل بالطريقة التي تتقنها، فهي لن تكتب مثله ولن ترفع السلاح ولكنها ناضلت برعاية أطفال فلسطين وبث روح القضية فيهم حتى لا تموت أبدًا فيرفعونها على أكتافهم حين يصبحون رجالًا.

هذه السيدة من تستحق أن ترتبط قصتها بغسان كأعظم قصة حُبٍّ، وقد رفضت تبرع غادة السمّان للمؤسسة بربع رِبْح كتاب رسائل غسان، فإن كانت غادة تاجرت بالمشاعر التي كنَّها لها غسان يومًا ما وتاجرت بسِرِّه ورسائله، فإن “آني” لم ولن تفعل، حتى إنها تجاهلت الأمر تمامًا ربما اعتبرت الرسائل أكذوبة سخيفة من غادة.

وفي النهاية رغم مرور كل هذه السنوات بقي غسان حيًّا كفارسٍ نبيلٍ، وتقول “آن” في مرارة: إنها كانت تتمنى في ذلك الصباح المشؤم لو أن أحدهم علق وردة لغسان لينبهه وينقذه، إلا أنها ظلت (48) عاما تسقي شجرة اسم غسان كنفاني العامرة بالورود.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..