لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
بدأ الأمر بصورة قطة لا تحب السلطة، تظهر في الصورة غير مكترثة بما يدور أو غاضبة المهم أن نظرتها مميزة، في مقابلها صورة امرأة تصرخ، كانت تلك الصورة مضحكة جدًا للجميع انتشرت بشكل واسع، سعى الجميع لإيحاد السياق المناسب للصورة لئلا يفوته استخدامها، لقد كانت أشبه بالحمى التي ضربت في جذور الفيسبوك بل إنها المرة التي لا أعرف كم مرة شاهدت ذاك المنشور، ففي كل أسبوع تشتهر صورة، خبر، قضية جدلية منذ مئات السنوات، حديث، أبيات شعرية، فأصبحنا نطلق على تلك الظاهرة (الترند) وهي التسمية التي تعبر في سوق التداول والأوراق المالية عن أداة أساسية في التحليل الفني في التداول.وهي كلمة إنجليزية وترجمتها في العربية عدة كلمات منها (اِتّجاه، توجُّه، تَيّار، جِهَة، رَغبَة، مَجرَى، مَذهَب، مَسَار، مَسَاق، مَشرَب، مَنحًى، مَنزَع، مُوضة، مَيل، نَزعَة، نُزُوع، وُجهَة) لذلك كانت هي الكلمة المناسبة والمفيدة لموجة الاهتمام التي تحتاج الفيسبوك، وأحيانًا تخرج إلى الشارع وكثيرًا ما تؤثر على الرأي العام المتمثل في الجرائد والمقالات والتلفزيون، بل إن بعض الحقوق أصبحت تعود إلى أصحابها عن طريق جعل الحديث عنها (ترند) مما يوصلها إلى أعلى المستويات ومن ثم المسئولين، ومن هنا تظهر قوة وسائل التواصل الاجتماعي.لذلك فيمكننا تعريف
الترند على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه: موجة من الاهتمام بخبر، صورة، فيديو، قضية رأي، يتحدث عنه القاصي والداني، بالسلب أو الإيجاب، بالتأييد أو الرفض. كما أن ظاهرة الترند قد أظهرت فئة جديدة وهم أولئك الذين يرون أن الانسياق خلف الموجة ما هو إلا انعدام شخصية أو أمور تافهة، لا يجب أن يعطيها الجميع اهتمامهم، أو يخرجون متفاخرين بأنهم لا ينساقون مثلما ينساق الآخرين!
كيف يحدث الترند؟
سؤال مهم، لأن الكثير من الأخبار والصور والفيديوهات تخرج علينا كل يوم لكن لا تنشر جميعها بتلك الصورة، فلماذا هذا الخبر بالتحديد هو ما يطفو على السطح، بينما يغوص غيره بلا أي أثر؟
– حينما يتعلق هذا الخبر بحياة المشاهير وخاصة المعروفين بإثارتهم للجدل، فمثلًا منذ فترة خرج علينا الجميع معلنين زواج داعية مصري مشهور من ممثلة طبقًا لتفاعلها مع صورة له على الإنستجرام، وعلى الرغم من الأمر يبدو عاديًا إلا أن حياة المشاهير منذ المجلات الصفراء وهي مادة دسمة للشائعات والأخبار الكاذبة، وحاليًا الترندات الفيسبوكية، فالجميع في تلك الموجة كان يحسد الداعية على اختياراته الرائعة، كذلك التصريحات المثيرة للجدل من جميع فئات المجتمع.
– (الميمز) باللغة الإنجليزية (memes) وتعني في اللغة نمط من التفكير السائد بصورة متكررة، لدرجة أنه يعيد نفسه، ليخلق ظاهرة ثقافية سريعة الانتشار، فقد تعني تلك الكلمة ما تعنيه كلمة ترند لكننا نطلقها على تلك الصور المضحكة أو اللقطات من الأفلام ونستخدمها في التعليق وفي المنشورات، بل ويطلق على الأشخاص الماهرين في اختيار الصورة المناسبة للموقف (Meme lord )، لذلك ما إن يتم استخدام صورة واحدة ويتناقلها الأصدقاء ثم تنتشر، في الأسبوع الماضي مثلًا انتشرت صورة للفنانة المصرية فيفي عبده من مسلسل الحقيقة والسراب، جاء انتشار الصورة عقب انتشار الفيديو الخاص بها بينما تخاطب الشخصية نفسها في المسلسل لتحفزها على العمل وترك الحزن والانتباه لحالها، وحدي استخدمتها حوال أربع مرات، فهذه صورة أخرى من صور الترند، المحتوى الكوميدي بشكل عام هو مادة لتلك الموجات نظرًا لأننا نستخدم الفكاهة من أجل علاج أنفسنا من تعب الحياة.
-مسائل جدلية، وخاصة تلك التي تتعلق بالرجال والنساء، أو تلك التي تبدأ دائمًا بمهاجمة النسوية، أو مهاجمة ما يفعله الرجل، المهم أنها ما دامت مشاكسة بين الجنسين فهذا يعني أنها ستتحول شئنا أم أبينا إلى جدال، وسيتفاقم الجدال ويفضي إلى ترند، منذ فترة انتشرت جملة (ارجعي عالمطبخ) للرد على آراء الفتيات، وظن أن المطبخ مدعاة للاحتقار، لم يكن الأمر متعلقًا بالرجال فحسب بل كانت بعض النساء تقولها للنساء أيضًا.
– الحوادث، الأخبار السياسية والعالمية، ما إن يحدث شيء حتي يمتد إليه التحليل والتأويل، كان يحدث على المقاهي وفي التجمعات العائلية والأصدقاء لكنه انتقل إلى مواقع الفيسبوك الآن.
– المنتجات، الأغاني الأفلام، بعضها قد تصبح ترند لسبب ما، مثل أغنية سالمونيلا مثلًا والتي صعد نجمها منذ فترة، لأن الكثير من الناس هاجموها واصفين إياها بالدعوة للهمجية والعنف.
اذكروا محاسن الترند!
على الرغم من أن الأمر يبدو عاديًا، لا يتعدى الموجة أو حتى الموضة، لكنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير، فهناك الكثير من الفوائد، مثل الاستفادة التسويقية التي تعود على بعض الشركات، التي تستخدم العبارات المنتشرة في تسويق منتجاتها، أو حتى الأماكن التي تأتي إليها الشهرة مصادفة بسبب الترند، منذ عامين أو أكثر حدثت مشادة بين فتاة وشاب لعرضه عليها شرب القهوة في مكان ما، ولأن الفيديو انتشر عرف الكثير من الناس ذلك المكان.كما قلت سابقًا بعض الحقوق حينما تتحدث عنها وسائل التواصل الاجتماعي ويصبح الحديث عنها شعبيًّا، يؤدي لأن تعود الحقوق لأصحابها، كما يؤدي أيضًا إلى تغيير بعض الأشياء على نطاق ضيق، البارحة فوجئت بأن حفلًا قد تم إلغاؤه لأن الصفحات والأشخاص دشنوا حملة على فيسبوك ضد ذلك المطرب.مساعدة بعض المواهب في الخروج إلى النور، ولقد خرج الكثير من الفنانين مؤخرًا بسبب شعبيتهم الجارفة على مواقع التواصل الاجتماعي.
لكل شيء جانبه السلبي
هناك مثل شعبي مصري يقول "الحلو ميكملش" ينطبق ذلك على تلك الظاهرة لأنها وعلى الرغم من منافعها، إلا أنها تحتشد بالعيوب والتي تساوى المميزات، وهي:
– ضياع الوقت: من أكثر مضيعات الوقت التي تواجهنا وسائل التواصل الاجتماعي، فما بالك متابعتك لموجة لا تعرف متى ستنتهي على وجه التحديد، وفي بعض الأحيان يتم استنزافك نفسيًّا خاصة إذا تعلقت تلك الموجة بقضية إنسانية أو ظلم قد وقع على بشر، ففي بعض الأحيان تصبح عرضة للاكتئاب، أو تصاب به بالفعل أو تسوء حالتك نتيجة لمتابعتك لكل ما يتم نشره بشأن هذا الصدد.
– تشويه سمعة البعض: في الحقيقة لم يتعلم الناس بعدُ التروي والتدقيق في كل ما يتم نشره، وبناءً على ذلك قد يتم تشويه بعض الأشخاص نتيجة للتسرع في نشر وتناقل الأخبار الكاذبة عنهم، لأن وسائل التواصل توفر انتشارًا سريعة، كما توفر أيضًا ذاكرة سيئة لا يتم محوها بسهولة.
– محاولة أخذ الموجة: قد يبذل الكثيرون الغالي والنفيس من أجل الظهور، فقط الظهور، لذلك فإن الترند هو بيئة خصبة لما يريدونه ويودون القيام به، فلا يتوانى البعض عن القيام بأي شيء من أجل أن يصبحوا مشاهير ولو على طريق الإساءة.
– انتشار الأشياء السيئة (الدعاية السلبية): قد يظهر الترند من أجل الإجماع على كراهية شيء أو مناهضته ثم يسهم في شهرته أكثر، أو جعله معروفًا بشكل أوسع وهو نوع من الدعاية يسمى بالدعاية السلبية والتي تستخدم فيها مناهضة الشيء أو التقليل منه من أجل انتشاره بشكل أوسع وهو ما يجعل الغرض الأساسي يختفي وكأنه لم يكن.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد