Loading Offers..
100 100 100

الإعلام وصناعة الفكر.. كيفية صناعة الرأي العام

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

في بديات عصر النهضة تم اختراع الطباعة 1447م على يد الألماني يوهان جوتنبرج؛ منذ هذا التاريخ عرف العالم لأول مرة طباعة الصُحف والجرائد فأصبحت هناك جرائد ينتظرها ملايين الناس كل فترة زمنية مُحددة ليشتروها ويقرؤوا ما فيها فيتحول هؤلاء القارئون إلى مُثقفين، أي يتحولون إلى أحد وجهتين إما مُعجبين بما تتناوله هذه الجرائد من أحداث وشخصيات أو ناقمين على الأحداث والشخصيات. هذا وفقًا لما يُنشر من أخبار وأحداث في هذه المنصات الإعلامية؛ من هذه اللحظة أدرك القائمون على هذه المنصات الإعلامية أهمية الدور الذي يلعبونه، فالرأي العام هو في حقيقة الأمر صنيعة هؤلاء الإعلاميين.

صناعة الرأي العام

فإذا نزلت في الشارع وقابلت مجموعة من هؤلاء المثقفين القارئين وسألت أحدهم عن رأيه الشخصي في شخصية مثل هتلر أو موسوليني أو نابليون أو السُّلطان عبد الحميد، فسيرد عليك الشخص إما مدحًا أو ذمًّا في هذه الشخصية، فإذا أكدت عليه وقُلت له إني أُريد رأيك أنت؟ سيقول لك حالفًا بأغلظ الأيمان أن هذا هو رأيي أنا.

في الحقيقة هذا ليس رأيه ولكن رأي الذي تناول هذه الشخصيات في وسائل الإعلام وهذا الرأي ينتقل إلى الجمهور الواسع فيشربه كما يشرب الماء ويختلط هذا الرأي بدمه وتفكيره دون أن يشعر. فإنه لا يوجد أحد منا قابل هذه الشخصيات التي ماتت منذ عشرات السنين ولكن رأينا الذي كونّاه هو رأي قيل لنا في منصات الإعلام. فإذا أراد القائمون على هذه المنصات تصوير هذا الرجل لنا بالقاتل المحترف فعلوا ذلك ونحن نُصدق وإذا صوروه لنا في صورة العابد الناسك فعلوا ذلك ونحن نُصدق أيضًا، بل ونتحول إلى مدافعين أو مهاجمين لهذه الشخصية.

توجيه الفكر

فوسائل الإعلام تصنع الفكر والتوجه وترسم الصورة في أذهاننا كيف تشاء ونحن نقع في أسر المفاهيم التي شربناها. المهم أن رأيهم ينتقل إلينا ويؤثر فينا ويجعلنا نتصرف على هذا الأساس، نتصرف وكأننا امتلكنا الحقيقة المُطلقة حول هذه الشخصية أو الحدث.

من ناحية أخرى وبنفس الطريقة وسائل الإعلام قادرة على إظهار قامات المجتمع وعلمائه في الصورة التي تجعل أبناء المجتمع يقتدون بهذه الشخصيات أو إظهارهم في صورة المتخلفين عقليًّا أو الذين هُم مثار الضحك والسُّخرية، فنجد هذه النظرة تنتقل للمجتمع فنجد صورة العالم هو صورة الرجل منكوش الشعر مُقطب الوجه الذي يتحرك بصورة مُزرية مضحكة فيضحك الناس على هذه الشخصية في المرحلة الأولى ثم تؤدي هذه الصورة الذهنية السلبية لهروب الناس من التخلق بأخلاق هذه الشخصية أو سلوك مسالكها؛ نعم سنجد الناس يهربون من أن يحلموا أو أن يتخيلوا أنفسهم في مكان هذا العالم المُضحك المهمل في هندامه وفي مشيته.

التبعية الفكرية

هذا الكلام يدفعنا للتفكير في كيفية التعامل مع هذه الوسائل؛ وللخروج من هذه التبعية الفكرية يجب علينا ألا نكتفي برأي واحد يمدح في شخص واحد طوال الوقت ومهما فعل، بل يجب علينا أن نبحث عن رأي يُخالف الرأي الأول. في هذه الحالة سيكون رأينا وفكرنا هو نتيجة طبيعية لتفاعل كل هذه الأفكار والرؤى بداخلنا وسيكون عندها لدينا رأينا المُستقل القائم على الحُجج والأدلة التي حصلنا عليها من أكثر من مصدر.

يجب أن نسأل أنفسنا عن حقيقة الصورة المنقولة لنا عبر هذه المنصات ونضع الصورة على ميزان المنطق مثل هل يُمكن أن يكون هذا العالم الحاصل على كل هذه الشهادات يُكلم نفسه في الطريق أو يسير مثل المجانين أو المتخلفين….. لو كان مجنونًا لما حصل على كل هذه الشهادات.

الإعلام والسلوك العام

من ناحية أخرى يجب على القائمين على وسائل الإعلام أن يعلموا أن ما يقولونه سيُصبح سلوكًا نراه في الشارع بعد أيام محدودة، فعندما نسخر من العُلماء سنجد الناس يهربون من العلم، وعندما نُمجد الخارجين على القانون سنجد في الشارع تزايد وتكاثر عدد الخارجين على القانون….. عندما نسخر من المعلم ونجعله مادة للضحك سيسخر الطُّلاب من المُعلم وستتمدد هذه السُخرية لتكون سلوكًا رافضًا للعلم ورافضًا للسلوكيات القويمة التي تنهض بالمجتمع.

القائمون على الإعلام هُم حاملون لهذه الأمانة ولهذه المسئولية الجسيمة، مسئولية تعليم الناس وتوجيههم، فإن خانوا هذه الأمانة تسببوا في تدمير المجتمع وإن حافظوا عليها دفعوا المجتمع دفعًا إلى امتلاك كل وسائل النهضة والرُّقي.

إليك أيضًا

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..