لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
من بين المجالات التي أحب القراءة فيها مجال العلاقات، تساعد هذه الأخيرة على التعرُّف على العلاقات الصحيّة وتمييزها عن العلاقات السامّة والمُدمِّرة، ومن بين الكُتب التي استفدتُ منها كتابُ “علاقات خطرة”، “الهشاشة النفسية” وكتاب “السماح بالرحيل”، موضوعٌ مُشترَك تحدثَتْ عنه هذه الكتب بإسهابٍ، وهو التعلُّق المَرَضي بالأشخاص أو بالأشياء والذي يكون سببه غالبًا ما يسمى بالجوع العاطفي أو الاعتماد العاطفي.جميع هذه المصطلحات تَصُبّ في نفس الفكرة والتي ستكون موضوع هذه المقالة، سأتحدث بشكلٍ أساسيّ عن خطوات التخلص من الاعتماد العاطفي على الأشخاص أو ما يسمى بالعلاقات غير الصحيّة، وسأتطرق بإيجاز إلى الحديث عن الاعتماد العاطفي على الأشياء التي تبث السعادة في نفسية الشخص المتعلق بها بمجرد امتلاكها.قد يرى أحدهم أن سعادته الشخصية تعتمد بشكل كبير على علاقاته بالأشخاص مِن حولِه، على تحقيق إنجاز ما أو الوصول إلى نتيجة أو هدفٍ ما، وربما مزيجٌ من هذه الأشياء جميعًا، هذا ما يُسمى بالاعتِماد العاطفيّ، قد يصل الضَّرر الذي يُلحِقه هذا الأخير بالشخص إلى أنْ يُفقِده السيطرة على حياته فيَصعُب عليه فَهْمُ مشاعره الداخلية ويَصعب عليه التعبير عنها لأنها تتغير بشكلٍ مفاجئ بتغيُّر نفس المسبِّبات المذكورة أعلاه.الاعتماد العاطفيّ ليس وليدَ شهرٍ أو سنة وإنما هو نتاج أسلوبِ تربيةٍ خاطئٍ تعرَّض له الشخص خلال مرحلة الطفولة، قد يكون تقبُّل هذا الشعور ومحاولة التخلُّص منه صعبًا في البداية ويتطلب شجاعة كبيرة حتى يصبح الشخص أكثر استقلالية وأقلَّ تعلُّقًا بالأشخاص وقد يستغرق وَقْتًا وممارسة ولن يكون دائمًا سهلاً ولكنه في المقابل ليس مستحيلًا.1. سعادتُك النَّفسية مسؤوليتك أنت وليست مسؤولية غيرك.. تذكَّر هذا جيدًا
الأشخاص غير المتأكِّدين من كيفية الاعتناء بأنفسهم عاطفيًّا هم الأكثر بحثًا عن شخصٍ آخَر للقيام بذلك نيابةً عنهم، لذلك بغضّ النظر عن مدى شعورك بالرضى تُجاه أحدهم يبقى من الأفضل أن تحافظ على أكبر قَدْر مُمْكِن من الاعتماد على ذاتك عاطفيًّا بدلًا من الاعتماد على هذا الأخير. وهذا يتطلب الكثير من المراقبة الذاتية، التعلم والممارسة، لكن في النهاية ستتمكن من الاعتناء بنفسك في المواقف التي كنت تعتمد فيها عادةً على شخص آخر.على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالحزن، الوحدة، اليأس أو التوتر، يمكنك فقط أن تدرك هذه المشاعر، تتقبلها وتعيشها في وقتها ومن ثم اتركها تتلاشى دون مقاومتها، وقُلْ لنفسك: “وظيفتي الآن أنْ أعتني بنفسي”. يمكن أن يكون هذا الإدراك مفيدًا أيضًا عندما تشعر بالحاجة. على سبيل المثال، إذا لم يَردّ شخصٌ ما على رسالتك، قد تفكر وتقول لنفسك: “لماذا لا يمكنه فقط أن يرد؟” ولكن بدلًا من إرسال رسالة ثانية، خُذْ خُطوة إلى الوراء وقُلْ: “حسنًا، لا أريد أن أكون شخصًا يضغط على الآخرين هكذا”.2. تدرَّبْ على أن تكون حاضرًا لنفسك في كل مرة تشعر بالحاجة
كبشرٍ نحن في حاجة فِطرية للتواصُل مع أشخاص آخَرين ويظهر هذا جليًّا في محاولاتنا المستمرة إلى تطوير صداقاتٍ وعلاقات جديدة وجيدة، فليس المقصود من خلال هذه النقطة أن تعزل نفسك عن العالم وتتخيّل أنه بإمكانك الاعتماد على نفسك كليًّا فتعلن استقلالك الرسميّ عن بقية الجنس البشري، ولكن المقصود هو أن تتعلم كيف تعتني بذاتك لتصبح أقلّ احتياجًا للآخَرين، وهذا سيتحقق عندما تُدرك بأن احتياجاتك هذه مُهمّة جدًّا ولن تختفي إذا أهملتَها أو تجاهلتها وأَوْكَلْتَ مهمةَ الاعتناء بها للآخَرين، الاعتماد العاطفيّ يكون نتيجة إهْمالك لاحتياجاتك ومِنْ ثَمَّ إهْمالك لنفسك.وفيما يلي بعض الطرق التي ستساعدك على الاعتناء بنفسك عاطفيًّا:
- تعرَّفْ على احتياجاتك وامنَحِ الأولوية لراحتك النفسية ولسعادتك.
- حاوِلْ إدارة احتياجاتك بانتظامٍ وبشكلٍ إستراتيجيّ مثل الأعمال التجارية.
- تدرَّبْ على الاستمتاع بوقتك بمفردك وحاوِلْ استكشاف ما يُبْهجك.
- ابْحَثْ عن مجموعة دعمٍ أو أنشئ واحدة أنت وأصدقاؤك حيث يمكنكم من خلالها التعبيرُ عن مشاعركم.
- عُدْ بوعيٍ إلى اللحظة الحالية عدة مرات في اليوم.
- اعْمَلْ على قائمة مُتنوِّعة لمصادر السعادة والتواصل.
- قُمْ ببعض التمارين البدنية المنتظِمة حتى تشعر بالتحسن.
- كَافِئْ نفسك باستمرار عند القيام بعمل يستحق منك التقدير.
- انْغَمِسْ في أيّ عمل إيجابي واستشعِرْ أيّ شيء يجلب لك السعادة.
- وأخيرًا، تذَكَّرْ دومًا بأنه أينما وُجِدَت الحياة وُجِد الأمل.
3. اعترف بقَسْوتك الذاتِيّة تُجاه نَفْسك كشكلٍ من أشكالِ القَسْوة العاطفيّة
إذا كنت معتادًا على التعامُل مع نَفْسك بقَسْوة، فمن المُحتمَل أنّك طوَّرت هذه العادة كآليّة للتعامُل مع الظُّروف القاسية. لكن من الأفضل أن تعيد النظَر إلى القسوة الذاتية على أنها “إساءة معاملة للطفل بداخلك”، وهي شكل من أشكال السادِيّة العاطِفيّة التي كان عَقْلك يَفلِت منها سرًّا في غياب إشراف متعاطف. مفتاح التغلُّب على هذا هو أن تدرك أن طفلك الداخليّ يعاني حقًّا، لذلك يجب أن يكون بريئًا في الأساس ولا يستحق أيًّا من العقوبات القاسِيَة التي اعتدتَ أن تضعها على نفسك. ستحتاج إلى سنوات عديدة من الدعم الذاتي اللطيف ورعاية الذاتِ حتى تتمكن من التعافي والشفاء والنمو والتطور.من الطرق الجيدة لتحمل المسؤولية عن قساوتك الذاتية الاحتفاظ بقائمة من أنواع الأشياء التي تقولها وتفكر بها وتفعلها لنفسك والتي قد تكون قاسية. يمكنك بعد ذلك أن تسأل عمّا إذا كانت كل من ردود الفعل هذه عادلة ومفيدة، وما إذا كنت ستفعل الشيء نفسه مع شخص تحبّه وما إذا كان يمكنك استبدالُه برَدٍّ أفضل. من المهمّ بشكلٍ خاص الانتباه إلى الأفكار وردود الفعل القَمْعيّة. غالبًا ما نعاقب أنفسنا على التفكير أو الشعور بطريقة معينة، على سبيل المثال من خلال الرد بـ”لا تكن سخيفًا” أو “لا يجب أن أشعر بهذه الطريقة”. من المفيد جدًّا أن تشجع طفلك الداخلي على قول كلّ ما يَدور في ذِهْنه وتقبُّل ذلك تمامًا.تخيل فقط لو قابلت طفلًا ضائعًا في الشارع، الطفل خائف، حزين، وحيد، يائس، مستاء، غاضب أو عاجز عن التعبير بطريقة أخرى. هل سيكون من المفيد تجاهله وأمره بـأن “اخرس”؟ أم أنه سيكون من المفيد الاستماع إليه ومحاولة فهمه واحتضان مخاوفه الحقيقية؟ هذا هو السبب الرئيسي لأن تكون صديق نفسك، تبدأ الصداقة بالقدرة على التعبير والاستماع لطفلك الداخلي، الجزء الأكثر صعوبة فيك هو الجزء الأكثر احتياجًا للتعبير عن نفسه، والاعتراف به والشعور بالفهم. أنت في أفضل المواقف وأكثرها قربًا لتوفير هذا الفهم ولكنه يبدأ بالتعبير عن الذات.4. اعْرِفْ نفسك عندما تبدأ بالتشبُّث أكثر من اللازم
قد تشمل علامات التعلُّق المبكر حساسية مفرطة وشعور مفاجئ بالتملك يفسّر رغبتك في الحصول على شخص ما لنفسك أنت فقط وليس لأحد آخر غيرك، يصحب هذا شعور بالاندماج، والحاجة لقضاء وقتٍ كبير مع هذا الشخص لأن الأمر بالنسبة لك مُلهِم، مثير ويجلب لك السعادة، جميع هذه الصفات لا تشكل خطرا حقيقيا عليك في البداية ولكنها ستكون كذلك إذا تعمّقت علاقتك أكثر، لذلك عليك أن تكون فَطِنًا وتُعيد اتجاه تعلقك نحو نفسك قليلًا، وتذكر ما قاله C.S. Lewis “لا تَدَع سعادتك تتوقف على شيء قد تفقده يومًا ما”.إذا تعلّقت بأحدهم بشكل سريع فأنت بذلك تمنحه درجة من الأهمية قبل أوانها وقد لا يستحقها أصلًا، وبالتالي قد تحتاج إلى أن تمنحه وتمنح نفسك مسافة أكبر لتجنّب المبالغة في تفاعلك معه. كلما أدركت هذا الخطر سريعًا، صار من السهل عليك أن تتجنب التشبث المفرط.5. درِّبْ نفسك أن تتخلى عن حاجتك إلى السيطرة على الآخَرين
حتى لو كان لديك سببٌ نبيلٌ لرغبتك في التأثير على الآخَرين أو السيطرة عليهم كمحاولة منك للاحتفاظ بهم، ولكن من المحتمل أن يكون لمحاولة السيطرة هذه تأثير سلبيٌّ على كيفية رؤيتهم لك. قد يربطونك بشعورٍ غير مريح، كأن تكون شخصًا انتهازيًّا بالنسبة لهم تلجأ إلى الضغط عليهم ليفعلوا أشياء ضد إرادتهم وقد يبدؤون في كُرْهك سرًّا. وتذكر أن السيطرة تدمر العلاقات.هذه بعض حالات محاولة السيطرة على الآخَر:
- أنا وحيد تمامًا –> أريد أن أشاركك ما تقوم به حالًا.
- أنا بحاجةٍ إليك –> أريدك أن تكون بجانبي الآن.
- لا أريد هذا الشيء –> مصرٌّ على أن يكون الأمر خلاف هذا.
- لا داعي لقول كذا –> أُصِرُّ على عدم قول كذا.
- أنت بحاجةٍ لفعل كذا –> أصرّ على أن تقوم بكذا.