Loading Offers..
100 100 100

تجربتي مع القراءة

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

بين تعالي الأصوات حول أهمّية القراءة وآخر إصدارات الكتب والبرامج والحوارات التي تطرح فكرة القراءة، وتهافت الكثير من الهُواة على اعتلاء منصّة التأليف والصُوَر المُترامية بين طيّات الإنستقرام وسناب شات، ومعارض الكتب التي تجمع آلاف المهتمّين بالقراءة، كل هذه الطفرة في الاهتمام بالقراءة قد تجعل علامات الاستفهام تتقافز في ذهنك، هل كل هؤلاء -فعلًا- يقرؤون لأن هناك رغبة تدفعهم لهذا؟ أم مجرّد موضة ومحاولة للانتماء في مجموعةٍ فقط دون اهتمامٍ فعليّ أو إدراك لما يقرؤونه؟ فعلًا الأمر يبدأ هكذا أحيانًا، منهم مَن يصل به الأمر لأن يلتقط صورةً لكتابه بجانب كوب القهوة كتظاهرٍ فقط وتحايلٍ على المتلقّي، وبعدها يركن الكتاب جانبًا، هو يبحث عن الانتماء أو لفت الانتباه فقط، ولا شك في أن هذه الصورة كانت منتشرة قبل مدّةٍ من الزمن، غير أن الغالبية الآن أصبح لديه وعي وإدراك لفكرة القراءة.

تجربتي مع القراءة:

كانت بدايتي بهذا الشكل تقريبًا، كنت أبحث عن الانتماء، ولكن لم يسبق لي وأن التقطت صورةً لأجل الصورة فقط، صحيح أني كنت أبتهج في التقاطي صورة لأي كتاب ليرى الناس أني أقرأ، ولكني كنت فعلًا أقرأ؛ لا بأس أن تبدأ بالقراءة كظاهرة أو للبحث عن الانتماء، لكن على أن يأخذك هذا الطريق لاحقًا لحُب القراءة لذاتها وإدراك جوهرها، وقد لا يكون هدفك من القراءة البحث عن المعرفة، فقد تقرأ لأجل التسلية فقط. كان -تويتر- وميض الضوء الأوّل لحبّي للقراءة، فقائمة الأصدقاء لديّ كانت لأشخاص مهتمّين بالقراءة ذو عقولٍ نيّرة لا أملك أمامها إلا أن أصاب بالدهشة والصمت، كنا نتداول بعض الأمور ونتناقش حولها وكنت دائمًا الحلقة الأضعف، لا أملك الخلفية الكافية للحديث عن الأمر كما يفعلون، من بينهم صديقين أذكرهم جيدًا، كنت في غاية الإعجاب بثقافتهم وفصاحة حديثهم واستناده لمراجع موثوقةٍ وواضحة، تساءلت حينها "لمَ لستُ مثلهم؟ ما الذي ينقصني؟" ثمّ بدأت بعدها بالتفكير بالقراءة بشكلٍ جدّيّ.

بدايتي مع معرض الكتاب:

كان معرض الرياض للكتاب يستعدّ لاستقبال ضيوفه، وكنت بالطبع بانتظاره بشغف -كأوّل زيارة- لاكتشاف هذا العالم وهذا السرّ الذي يتهافت الكثير حوله، كانت قائمة كتبي لا تحوي سوى كتابين فقط، فلم أكن أودّ أن أترك المجال للحماسة لشراء الكثير من الكتب فتكون قراءتي حينها بلا إدراكٍ ووعي وإنما لمجرّد الزيادة دون إضافة قيمة، فدائمً القيمة في المعنى وليس بالعدد. لا زلت أذكر إلى الآن دهشتي في خطوتي الأولى للمعرض، ترقّبي لمن حولي، خطوات الزائرين المتلهّفة للكتب، الأوراق الممتلئة بقائمة كتبهم والأعيُن التي تتلفّت بحثًا عن دار النشر المَعنيّ، وأيديهم التي كانت تلتفّ حول الكتب بحذر، كانت جولتي في المعرض كالجاهل بالشيء وتدفعه دهشته للاكتشاف. توجّهت لإحدى دور النشر وبخجلٍ كنت أبحث عن كتاب "بيكاسو وستاربكس" فكان اختياري الأوّل، بعدها توجّهت لدارٍ أخرى وكان أحد الكُتّاب يجلس على كرسيّ ليوقّع للقرّاء نسختهم من كتابه، فسألتُ عنه إحدى الزائرات وأجابتني أنه "خالد الباتلي" واقترحت لي أحد كتبه بعنوان "ليتها تقرأ" فاخترته وطلبت من الكاتب توقيعه باسمي، خرجت بعدها والفخر يعتليني لأني أخيرًا سأقرأ!

مرحلة النضوج:

لم أُنهِ الكتاب الأوّل "بيكاسو وستاربكس" كان الملل يتسلّل بين الصفحات كلما حاولت الاستمرار في القراءة، فتركته وبدأت بالآخر "ليتها تقرأ" وكان تقييمي حينها جيّد نوعًا ما، بعد سنةٍ من قراءتي لهذا الكتاب عُدت فتصفّحته فتدنّى تقييمي للسيئ، وتساءلت باستغراب "كيف قرأتُ هذا؟!" ولكنها التجربة، ولا بأس أبدًا في التجربة، بل لا بدّ منها لتحدّد بعدها ماذا تريد أنت؟ وبالطبع قد يختلف رأيك عن بعض الكتُب بعد فترةٍ من قراءته، وهذا دليل على نضجك ووعيك. بدأت بالانخراط في عالم الكتب وكنت أحاول أن أُحيط نفسي بالقرّاء ليكونوا لي عونًا لأن أقرأ، ولأستفيد بالتأكيد من خبرتهم، أنشأتُ حسابًا في موقع القراءة التفاعلي المعروف "قودريدز" وبدأت بإضافة الكتب لقائمتي لأقتنيها لاحقًا، ثم بدأت بالذهاب للمكتبة وشراء ما اخترته، كنت كلما أنهيتُ كتابًا دوّنت مراجعةً عنه في القودريدز. ساعدني الموقع جدًا في معرفة ماذا أحب أن أقرأ بالضبط؟ بالإضافة إلى أنه كان يشجّعني للاستمرار كلما ثبطت همّتي، لأنك محاط بآلاف القرّاء من مختلف أنحاء العالم تتشاركون سويًا قراءة الكتُب، فأنت تقرأ هنا رأيًا مختلفًا عنك، وهناك رأيٌ آخر قد يُوافقك، وهذا بحدّ ذاته يُسهم في تنمية مَلكة الكتابة والتعبير لديك.

كيف أبدأ بالقراءة؟:

"ابدأ أولًا بقراءة ما تحب، لتصل لاحقًا لحُب ما تقرأ" هذه العبارة ذكرها الكاتب -محمّد الرطيّان- في كتابه وصايا. ابحث عن المجال الذي تحبّه وتستهويك معرفته "أدب، فلسفة، اقتصاد، لغة، تطوير ذات، الخ"، ابحث عن الكتاب الذي يشدّك عنوانه وفكرته واقرأ عنه بعض المراجعات في مواقع القراءة المختلفة، ولا بدّ أن تحصل على نسخةٍ إلكترونية لتتصفّح الكتاب قبل شرائه، أو قُم بتصفّحه في المكتبة، لأن ما يُجمع الكثير على تميّزه ليس بالضرورة أن يُناسبك؛ تساعدك هذه الطريقة على أن يكون لديك تصوّرًا واضحًا للإلمام بفكرة الكتاب، حتى لا تشتريه وأنت جاهلٌ به لتركنه لاحقًا على الرفّ. تدرّج في القراءة حتى تصل لأن يدفعك الفضول للاكتشاف والرغبة في معرفة المزيد، ابحث بعدها عن اهتمامٍ آخر أو عن مجالٍ تخبّئ حوله في ذهنك الكثير من التساؤلات، لكن تذكّر أن تتدرّج دائمًا ولا تبدأ دفعةً واحدة، ولا تدع الحماس يغلبك، لأنّ ما يبدأ سريعًا ينطفئ سريعًا كذلك، ولا تقرأ لأجل زيادة العدد وإنما لأجل القيمة والمعرفة التي تُضاف لك، ثبّت قدميك ولا تركض فهناك دائمًا متسع.

هل يجب أن أقرأ؟

فكرة القراءة لا تنحصر في الأوراق فقط، الكثير ممّن يجدون فكرة الإمساك بكتابٍ ما وتخصيص بعض الوقت لقراءته مملّة نوعًا ما، إذا حاولت مرارًا في القراءة ولم يُجدِ معك الأمر توجّه لفكرةٍ أخرى، فنحن الآن نعيش طفرة المعلومة والتعلّم بشكلٍ يحسدنا عليه من سبقونا، هناك الكثير من الطرق التي تدلّك للمعرفة أيضًا، فلا حجّة لك على جهلك.

- مصادر المعرفة:

الأفلام الوثائقية:
كنز معرفيّ ثريّ، يقدّم لك المعرفة بطريقةٍ تفاعلية مع المَشاهد والصُوَر والأصوات والتمثيل وإبداع الإخراج، وهذا يطرد عنك الملل الذي قد تشعر به أثناء قراءتك لكتاب.
المقالات:
الكثير من المواقع التي تختصّ بكتابة المقالات في كثيرٍ من المجالات التي تهمّك، وهذه من شأنها أن تُسهم في اتساع مداركك ومعرفتك.
المعرفة الصوتية "البودكاست":
هناك الكثير من القنوات على تطبيق -البودكاست أو تطبيق الساوند كلاود- تُعنى بنشر المعرفة بطرح الكثير من المواضيع المختلفة، مناقشات حول موضوعٍ ما، أو مراجعة وطرح لفكرة كتاب بحيث يقرأ لك مختصر الكتاب بشرحٍ بسيط يُغنيك عن قراءته، بالإضافة للكتب الصوتية، وهذا النوع من المعرفة يستهويني وألجأ له كثيرًا حين أمَلّ من الكتاب الورقيّ أو لم يكن لديّ متسعٌ من الوقت؛ فهي تُتيح لك الاستماع لها في أي وقت، وأنت تتناول إفطارك، وأنت تقوم ببعض الرياضة، أو أثناء توجّهك للعمل.
اليوتيوب فضاء واسع من المعرفة:
هناك العديد من الدورات والمحاضرات والندوات والبرامج التي تقدَّم لك وأنت في منزلك، لقاءات مع فلاسفة أو أُدباء أو عُلماء..إلخ، أي موضوع تريد أن تبحث عنه ستجد شرحًا له على اليوتيوب، عليك أن تبحث فقط.
قنوات التليقرام:
انتشرت في الآونة الأخيرة بشكلٍ ملحوظٍ وجميل، منها الأدبي والفكري والفلسفي والديني، كلها تضيف لك قيمة معرفية، لا عليك سوى أن تتصفّحها وتختار منها ما يُناسبك لإضافته للقائمة.
منصّات التعليم:
الكثير من المنصّات والبرامج المتواجدة الآن على صفحة الإنترنت تُقدّم لك العِلم والمعرفة في كافة المجالات على أيدي مختصّين يتم اختيارهم بعناية.
- بعض الأمثلة:
  • برنامج مساق.
  • برنامج صناعة المحاور.
  • برنامج دروب.
  • منصّة إدراك.
  • منصّة رواق.
  • منصّة مهارة.
وغيرها الكثير؛ ولكن لا تنسَ أن المعرفة من قنوات التليقرام والسناب شات وتويتر والبودكاست والمدوّنات أو المقالات وغيرها غالبًا هي معرفة ناقصة، فهذه المواقع تقدّم لك شُعلة المعرفة فقط، وهي الخطوة الأولى وعليك بعدها أن تُكمل أنت المسير لتبحث وتعرف وتفهم بشكلٍ أدقّ، عكس المنصّات والدورات فهي تقدّم لك المعلومة والمعرفة بشكلٍ واسعٍ وشاملٍ ومتكامل. تذكّر دائمًا أن هدفك المعرفة وليس فقط جمع أكبر قدرٍ من المعلومات، فالمعلومات ولغة الأرقام أصبحت هي العنصر المُهيمِن في هذا الوقت، ولكنها بلا معنى يُذكر دون وعيٍ بماهيّتها، واعرف جيدًا من أين تأخذ معرفتك، فليس كل ما يُطرح في الإنترنت صحيح أو ذو قيمة.  

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..