Loading Offers..
100 100 100

دور خفي يتقمصه الكاتب ليصنع المجتمع

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

في هذا الجزء الثالث من مقالات أدب الناشئين نركز على مرحلة فوق الواحد وعشرين عاماً، هل تذكر في يوم من الأيام أنك قرأت مجموعة قصصية لنجيب محفوظ أو لأي أديب عالمي، ماذا كان انطباعك؟ دائماً ما كنت أبحث بهذا السؤال، لماذا كَتبَ الكاتب هذا الكتاب، ولمن، وهل كتبه من شعوره بالفراغ أم بإحساس إلزامي؟ لن أستطيع الإجابة عن تلك النقطة بالتحديد، فأنا بصفتي كاتبة لن أكتب سوى ما أراه بالفعل قد تبلور داخل عقلي ليشغله فترة طويلة، ولكن كما سبق وقلت بأحد المقالات السابقة بعنوان (٥ أسباب لتضاؤل المحتوى الأدبي العربي) عن أنه يوجد كاتب يكتب وفقاً لـ (شباك البيع)، فهذا يعني أنه يوجد البعض يبحث عن الثراء السريع والشهرة بعالم الكتابة بدون النظر لخلفية ما يكتبه، ألم نقرأ في الكثير من الوسائل الإعلامية تصويرا واقعيا وتنفيذا لمشهد تم بالأفلام مثل البلطجة والإدمان والهجرة وغيرها؟ عندما نريد النظر لفئة خرجت من حكم العائلة منذ فترة قصيرة يجب أن نفهم كثيراً أنَّ ما يتم من تقديمه من محتوى مقروء ومكتوب مؤثر بطريقة فعلية في أسلوب تفكيرهم، فهُم يبحثون عن عالم وردي بعد التخلص من قيود الدراسة والتزاماتها ليفاجؤوا بعالم قاس بالخارج، لكننا نحن رعاة الفكر - أقصد نحن الكُتاب - نقدم لهم فكرا متزمتا وناقما على المجتمع، ومع ذلك لا نعرف خطورة تلك الأفكار، لا نعرف أننا نقدم للإرهاب ولعدو المجتمع خامة نظيفة لتشكيلها كما يريد. ما بين اليوم والغد نجد ميل الشباب يشتد إلى كتب السحر وتعلمه، نجده ينجذب لكتب إباحية متحررة وكذلك تلك الأفلام،  ما هو السبب؟ تعالوا معي لرؤية محتوى المكتبات العربية من كتب وأفلام، كتب عاطفية، كتب رومانسية مترجمة، كتب دينية، كتب أطفال، كتب رسوم مصورة وتلوين، أين توجد كتب الخيال العلمي والمغامرات، أين توجد كتب التاريخ الحقيقية وليست المعدلة بوقائع زائفة؟ أين توجد كتب التربية والإبداع؟ سنجد أن تلك الكتب لا تتوفر في أغلب المكتبات، ولو وُجدت تكاد أن تُعد على الأصابع ولا يشتريها سوى المتخصصون ولا يكتبها سوى القلة، وكذلك المرئيات بالنسبة لتلك الفئات. عزيزي الكاتب؛ هذا يعنى أننا ما زلنا لا نستطيع  تقديم شيء حقيقي يستهدف الشباب، يلجأ الشباب العربي لمتابعة الإنتاجات الغربية مثل "حرب العوالم"،"حرب النجوم"، "المهمة المستحيلة "، "ألعاب الجوع"، "البؤساء" والسلسلة لا تنتهي سواء بالشاشة أو الكتاب. وللحق أنا أحد من ضمن الفئات، لم أجد إلى الآن محتوى عربيا يجذب انتباهي لمتابعة السوق العربية خاصة عندما نكون من الأشخاص المحبين لعالم الخيال العلمي والحركة، وعندما نكون نهمين للأفلام الوثائقية، قرأت كتاب قصة مدينتين وتأثرت به، على الرغم من تقديم ذلك الكتاب بالمرحلة الثانوية هو و"رحلة إلى مركز الأرض"، ومع ذلك وجدت تفاوتا بين العملين وظهور أيدلوجية دعم الخيال، لكن هل نستطيع حقاً مواكبة التطور بعالم الكتابة الغربي لنجد سلسلة ألعاب الجوع تقدم عالما مختلفا من التمسك بالمغامرة والقيم المدافعة عن الأرض، أين محتوانا الخاص الذي يساعد على ترسيخ الانتماء بداخل كل فرد وشاب؟

كاتب المحتوى، تحت طائلة التساؤل

سبق أن تناولت عدم وجود تدريب لكتّاب المحتوى، لكن هل نحن حقاً نعرف تلك المواهب، بداية مع ظهور الإعلام الاجتماعي، ظهر العديد من الكُتاب بالفعل بالفيسبوك وقوقل وغيرها، لكن هل كل منهم، قبل تقديم العمل، يلتزم بقوانين كتابة المحتوى الأدبي؟ بدايةً، ظهرت العديد من الكتابات باللغة العامية الدارجة بكل بلد، وللأسف نجد منها ما يحتوي على تحرر مستفز سواء بكتابة العمل أو السباب والشتائم الموجهة ما بين شخصيات العمل. نجد هذا التباين يتابعه الآلاف من القراء في الفئة العمرية أقل من خمسة وعشرين عاما، ويتابع الأكبر سناً محتوى ما بين لغة فصحى أو شعر أو قصة، لكن ما يزال الكاتب بحاجة لإعادة تقدير، فمنهم من يقتبس ويلصق عملا كما يجده ولا يفهم ماذا يقدم. فالكاتب الناشئ نفسه بحاجة لوضع معايير إلزامية ليجعل عمله مقبولا للقراءة والنشر، وهذا لا يحدث سوى بالتدريب والتعلم، فالموهبة وحدها لا تكفي، وليس لأن الكاتب استخدم لغة محلية، فهو غير قادر على كتابة محتوى عالمي عربي. أخي الكاتب وأختي الكاتبة ؛ إذا نظرت لنفسك بعين واثقة وفهمت أنك منبر الوصل بين العروبة كلها وعالم الغرب، ستجد نفسك حريصا على تقديم محتوى يليق بمكانة الأمة العربية صاحبة لغة القرآن؛ لغة يقوم الغربيون وغير الناطقين بالعربية بتعلمها ليتدبروا معاني القرآن بالعربية، خاصة لعدم ذخر اللغات الأجنبية بمصطلحات تعادل ما يوجد بالقرآن. ذات مرة، أثناء تصفحي لموقع غربي. وجدت ترجمة لبعض آيات القرآن الكريم. وكان من ضمن الآيات ترجمة لكلمة" الموعد "و"الميعاد " وقد تمت ترجمتها بالنصوص الإنقليزية لكلمة موعد عاطفي؛ فكيف بلغة واحدة يتم تقديم عشرات المرادفات - مثلا - لمعنى كلمة يوم الحشر والحساب ولن نجد لها بديلا باللغة الإنجليزية سوى (judgment day يوم القيامة)؟ لا ننكر حاجتنا للأدب المحلي، وهذا نجده كثيراً، ليواكب السرعة بالمجتمع ويدعمها الأدب من قصائد نبطية ونثرية وعمودية وعامية وكذلك أدب عامّي، لكن لنرتقي بما نقدمه لنكون قادة بالفعل كما كنا بالماضي. ولذلك نقول إن كُتاب أدب الناشئين (من أعمار ٣ إلى ٢١عاما) يحتاجون لمراعاة ومراقبة أكثر تدقيقاً من أي كاتب آخر؛ فهُم يقومون، من خلال أعمالهم، بغرس قيم وأفكار بعقلية الفرد. وللحق، فقد جربت الكتابة في هذا النوع من الأدب من قبل، ولم أجرؤ على نشر العمل بعد، لكونه ما يزال تحت التدقيق والملاحظة والمراجعة لمراعاة ملاءمته مع تكوين الطفل والناشئ العربي، ومراعاة الأفكار والقيم الأخلاقية التي يقدمها لدعم بناء هذا التكوين الرئيس في تشكيل الكيان العربي. إن أدب الناشئين أكثر أنواع الأدب خطورة على بناء وهيكل المجتمع العربي أجمع. يجب أن نقدم محتوى انتمائيا وإنمائيا لكيان جيل المستقبل، ومثلما توجد رقابة على الإصدارات الورقية، نرجو وجود رقابة على الإصدارات الإلكترونية وتفعيلها. في نهاية المطاف، قد يتعجب البعض لمَ وضعت في كل هذه السلسلة من أدب الناشئين الأدب المقروء  مع المحتوى المرئي بمركب واحد بدون تفرقة؟ الجواب؛ لأن المحتوى المرئي بالسينما والتلفزيون يمر قبل عرضه بمرحلة السيناريو، وهذا السيناريو هو أحد أنواع الأدب المكتوب، ويعد من أخطر الأنواع لما سيصبح له من سلطة الدخول لكل بيت عربي وغربي عن طريق الأقمار الصناعية والتلفاز والفيديوهات والكومبيوتر وكذلك ألعاب الفيديو التي نتابعها ويلعب بها الجميع.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..