لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
سألتني صديقتي لمَ تكتبين عن الطفل ولا تكتبين عن الأم؟ فألهمني سؤالها أن أكتب عن الأم في المرات القادمة، وصدفة وأنا أتصفح في المقالات بحثًا عن مقالٍ مناسب أترجمه وجدتُ هذا المقال المهم والذي يتكلم عن حال الأم بعد الإنجاب.
كانت رحلة الترجمة ممتعة ومفيدة.
تستطيع الأم أن تهتم بنفسها بعد إنجاب طفلها إن أرادت، ولكن لا يمكن أن يحدث هذا دون مساعدة. في إحدى المنتديات تم طرح موضوع (اهتمام الأم بنفسها بعد الإنجاب) وكانت هذه إحدى التعليقات التي تخفف عن الأم معاناتها: (حتى الأطفال لا يريدونك حولهم طيلة الوقت. هل لاحظت كيف يذهبون للعب وحدهم؟ اصنعي وقتك، وخذي وقتًا كافيًا ولا تشعري بالتأنيب. إنك تحصلين على ابتسامة عريضة من أطفالك عندما تعودين إلى المنزل، أليس كذلك؟)
تجربتي مع طفلي الثاني
عندما أنجبت طفلي الثاني فرحت به كثيرًا وبارك لي كل من في المستشفى وقد كانت الممرضات يساعدنني في كل شيء، فقد كنت محاطة بعناية رائعة من الجميع. وعندما حان وقت عودتي لمملكتي الصغيرة؛ وإذا بي ألتقي مع المسؤوليات وجهًا لوجه تلك التي لم أضعها في الحسبان. فقد انتهت عناية الممرضات وأنا الآن أمام طفلين أحدهما رضيع والثاني عمره أربع سنوات. وبدأت الرحلة.
يوميات أم:
هذه المغامرة هي واحدة من عشرات المغامرات اليومية التي تحدث معنا نحن الثلاثة.
أحمل طفلي العنيد ذي السبعة أسابيع بيد وبالأخرى أحاول أن أسيطر على تقيؤ طفلي ذي الأربع سنوات. ولأنني لا أجدُ وقتًا للاستحمام فلا أبالي بما دلق ابني ذي الأربع سنوات من الحليب عليّ أثناء حركته.
كان طفلي الرضيع في تلك الأيام قد خرج من العناية المركزة بعد أن كان يعاني من فيروس في الجهاز التنفسي فعلي الآن أن أبعده عن أخيه الذي يتقيأ خوفًا عليه، ولكن محاولاتي باءت بالفشل. يستمر في الجري حولي وأنا أحاول أن أجعله يتقيأ في وعاء فآخذ أنا وملابسي نصيب الأسد مما يخرج من فمه.
هاتفي على الطاولة أستطيع أن أتكلم مع الطبيب باستخدام مكبّر الصوت فقط ليخبرني أن علي أن آتي بالطفلين إلى المستشفى يبدو أن الوضع بحاجةٍ لطبيب. أنا مضغوطة وشعثاء أعبر عن كل أم مرهقة ومتعبة تلك التي يتمنى المجتمع أن تبقى صامدة شديدة التحمل رغم الظروف لتحقق أمومتها بشكل يرتضيه الجميع.
توقف ابني عن التقيؤ ووضعته في سريره وقست حرارته وأعددتُ له الحساء وأقنعته أن يرتشف القليل من الماء ثم بدأت في وضع الكمادات على جبينه حتى أقلل من كمية الدواء المفترض أن يأخذها، وبعد أن أنهيت ٤٥ دقيقة مع الطبيب جلست على الأريكة لأرضع ابني وقي ذات الوقت أرسل رسالة لزوجي الذي يعمل ليلاً ويريد أن يُلم بكل ما يحدث. بعد انتهاء الساعة الجنونية الأخيرة التي مررت بها ذكرني زوجي بأدب أنني بحاجة ألا أنسى أن أهتم بنفسي. عندها فقط بدأت بالبكاء.
نحن كمجتمع ننصح الأمهات دائمًا بضرورة الاهتمام بأنفسهنّ بعدة طرق. نتكلم كثيرًا عن فوائد اهتمامهن بأنفسهنّ، وإن كان في منتجع صحي باهظ الثمن. نتكلم عن وضع أقنعة أكسجين على الوجه لتبدوَ الأم أكثر جمالاً. نحتفل بيوم الأم وصدفة نتذكر أن نرسلَ بطاقة معايدةٍ مرة واحدة في السنة، ولكن نادرًا ما نتذكر أن نهتم بالأم في حياتها بأنفسنا. بل العبء الكامل يقع على عاتقها. عليها أن تضيف (الاهتمام بالنفس) للقائمة التي لا تنتهي من الالتزامات والمسؤوليات والأولويات.
حسب ما جاء في Pew* للأبحاث ٢٧٪ من الأمهات يجلسن في بيوتهن للاهتمام بعوائلهن في مقابل ٧٪ من الآباء. وبحسب دراسة في مجلة الزواج والأسرة** فإن الأمهات العاملات (سواءً تعمل باختيارها أو بدافع الضرورة) يتحملن الأعباء المنزلية بشكلٍ مواز مع عملها خارج البيت.
دراسات كثيرة أثبتت أن الأم سواء العاملة أو غير العاملة تجلس وقتًا أطول من جلوس الأب مع الأطفال لرعايتهم، وهذا يعني أن فترات الراحة التي تحظى بها قليلة جدًا مقارنة بفترات راحة الأب. في حين أن الأم والأب يركزان على العمل خارج البيت بشكلٍ متساوٍ.
في البلد التي لا تعطى الأم إجازة مدفوعة الثمن أو تكاليف رعاية الطفل تجبر على أن تساعد نفسها بنفسها، تُؤذَى الأم أذىً عقليا ونفسيا ولا تستطيع أن تطلب المساعدة. تذكير الأم بأن تهتم بنفسها لا يعد بلا هدف فقط بل إنه قاسٍ أيضًا.
إننا نعمل كل الوقت خارج البيت وداخل البيت نركز على عملنا وعلى أطفالنا، ننظم جداول ومواعيد، نهتم بأطفالنا المرضى وعلينا ألا ننسى كأمهات أن نهتم بأنفسنا أيضًا!
أعلم ما يعنيه زوجي جيدًا عندما قال لي “لا تنسَي أن تهتمي بنفسك” لأنه يحبني ولا يريد أن يراني أتدهور تحت ضغوطات الأمومة والعمل وكل المسؤوليات التي لا تنتهي. إنه ليس الوحيد الذي نبهني على أهمية الاهتمام بنفسي، والدتي قالت لي ذلك أيضًا، أصدقائي القريبون والبعيدون يذكرونني بذلك دائمًا ونصائحهم المستمرة هي: ساعة عند مصففة الشعر أو صالات الرياضة أو حتى ساعة من المشي حول المنزل.
تلك التأكيدات على الاهتمام بالنفس لا تفعل شيئًا سوى أنها تذكرني بأنني لم أجد ذلك التوازن في حياتي الذي طالما سمعتُ عنه. أن تجدي وقتًا للاهتمام بنفسك هو علامة على نجاح الأمومة. إن استطعتُ الذهاب للنادي هذا يعني أنني خططتُ بشكلٍ جيد. إن استطعتُ الذهاب لمصففة الشعر هذا يعني أنني رتبتُ بيتي بشكلٍ رائع، وإن ببساطة استطعتُ أن أستحم هذا يعني أنني فزتُ وهذا أكثر من اللازم في حياة أم أرهقتها المسؤوليات.
ما أرغب به هو شخص يهتمُّ بي. يصنع ليَ الطعام ويأخذ أطفالي فأستطيع أنّ أهتم بنفسي. أحتاج لشخصٍ يعلم ما أصنعه للآخرين فيصنعه لي. الكوي، تنظيف البيت، إنجاز المهمات الخاصة بي، يأخذ لي المواعيد، لكن هذا لا يحدث ولن يحدث.
يريدون من الأم أن تكون آلة يتفاخر بها الجميع، آلة لا تخطئ أبدًا ولا تكل ولا تمل ولا حتى تحتاج لإصلاح. وأخيرًا بعد شهرين من ولادتي استطعت أن أتنفس، لأول مرة لا أحمل طفلي ولست قلقة من تحضير الطعام، ولا أهتم بحال البيت.
تحتاج الأم لدعمٍ متعدد الاتجاهات والمناحي. وأهمُ دعمٍ قد ترنو إليه هو الدعمُ المعنوي الذي يبقيها على قيد الحياة وإن كانت تتنفس ببطء إلا أنها حيةٌ ترزق، دعمٌ يبقي قلبَها ينبضُ حبًا لعائلتها، دعم يبقيها زهرة متفتحة تنثر عبيرها في كل مكان ويحميها من الذبول. وأحيانًا قد تحتاج أن يتركها المجتمع تشقُْ طريقها دون انتقاداتٍ لاذعة وسمومٍ لفظيةٍ تُنثر في طريقها.
إنّ الأم بحاجة لقوةٍ ذاتية تجعلها تشعر بالصمود مع كل إنجاب فلا تؤثر فيها سلبية المجتمع المحيط. تستمد هذا الصمود من الاستعانة بالله تعالى لتستطيعَ أن تكملَ المسيرَ وتحققَ أمومَتها بالشكلِ الصحي الصحيح.