لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
كثيرةٌ تلك الأفكار التي في رؤوسِنا، متعددةٌ ومتنوعةٌ. وقد يتبلور بعضُها حتى يتحول إلى مشروعٍ عظيمٍ بالجدِّ والمثابرةِ والعمل الدؤوب. فيُبذل الجهدُ والوقت ليخرج ذلك المشروع للحياة في أبهى حلله.
ذلك الشخص الذي أصرّ على تحويل فكرته الأولية إلى مشروعٍ عظيم هو شخصٌ مجتهد، عمِل بإتقانٍ وتفانٍ، صَبر حتى أثبت لنفسه أولاً وللآخرين ثانياً أن فكرته جديرةٌ بالتطبيق. فرحة نجاح الفكرة وتطبيقها لا تعادلها فرحة.
أفكارنا هي بذور المشاريع
إن النجاحات رزقٌ يسوقه الله إلينا في كل حين. مجرد وجود الفكرة هو نجاح بحد ذاته فليس من السهل أن تولّد فكرة تكن بذرة لمشروعٍ ناجح. إن لمعان فكرةٍ إبداعيةٍ قابلة للتطبيق عند الشخص تجعله يشعر بالسعادة الغامرة وأول ما يخطر بباله تقاسم تلك السعادة مع من حوله فينشر فكرته التي لم ترَ النورَ بعد في مجتمعه المحيط فيَئِد الفكرة قبل أن تُولد وهو لا يشعر ولا يقصد.
إن الرغبة في المشاركة لهو شعور راقٍ يملكه النبلاء، يريدون نشر النجاحات ظنًا منهم أن ذلك سيسعد الآخرين كما أسعدهم ولكن الحقيقة غير ذلك تمامًا. فهناك من يتربص بنجاحاتك فكن حذرًا.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة
في حديث ورد في سلسلة الأحاديث الصحيحة يقول: عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كلَّ ذي نعمةٍ محسود”. إنْ لم تهذبنا أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولم توجهنا فما الذي سيوجهنا؟ إنها الدليل في الحياة والرفيق في الدرب. إنها المرجع لكل عينٍ بصيرة، ما علينا سوى أن نتعمقَ فيها ونفهمَ معانيها فنعتقدها ونطبقها. لم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم معلمُ البشرية شيئًا من فراغ وهو عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى.
لقد أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نستعين على (إنجاح) مشاريعنا ومهامنا بكتمانها وعدم نشرها، وأن نجعلها سرًا من أسرارنا لا نتكلم به حتى تنضج نضوجًا كاملًا وتصبح جاهزةً للقطف. فالعين حق والحسد قد يفسدُ عليك خططك وقد تخبو جذوة حماسِك عند إفشاء سرك فلا تبلغ مرامَك.
وماذا عن قوله تعالى (وأما بنعمة ربِّك فحدث)؟
ليس هناك تعارض بين كتمان النجاحات والتحدث بها. فكتمانها يكون قبل حصول الحاجة فإذا حصلت يتحدث بنعم الله عليه شاكرًا الله تعالى على ما حباه وأعطاه وعلى ما وفقه من إنجاح مهامه. ينشرها من باب التحدث بنعم الله عليه وليس للتباهي والتعالي. تذكّرك أن الله هو من أنعم عليك بنعمة التوفيق والنجاح يكسوك بالتواضع وبالأخلاق النادرة.
كافح من أجل مشروعك
إن المشاريع القابلة للتطبيق لا تعد ولا تحصى، دراسة، زواج، سفر، شراء بيت، عمل جديد، إنشاء مصنع، تجارة من المنزل وغيرها الكثير، كلها مشاريع تنبّئ بإنجازاتٍ عظيمة وتعكسُ طموحاتٍ تعانق السماء. قد لا يراها البعض أنها تستحق الكفاح لكن ذلك لا يهم والمهم كيف تراها أنت ومدى قناعتِك بها وتخطيطك لها.
القارئ الكريم، إن الحياة كفاح وجهاد ونضال. تلك سُنة الله تعالى في الكون. وإنَّ للكفاح متعة ستتذوقها يومًا ما عندما يكلّل مشروعك بالنجاح. فلا تيأس ولا تستسلم فإن أخفقت أول مرة فستنجح في الثانية.
كافح من أجل مشروعك وضع أهدافه وأهدافك وزينها واصنع لها إطارًا جميلاً وعلّقها على الحائط أمام عينيك تراها صبحَ مساء. وكلما مررتَ بجانب تلك الورقة ردّد: (ستتحقق بإذن الله). استعن بالله ولا تعجز وأكثر من (لا حول ولا قوة الا بالله). هكذا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اكتم مشروعك في نفسك فقط ولا تُحدّث به الآخرين. ولا تستعجل النتائج. اسعَ إلى العلياء سعيًا حثيثًا ولا تدعهم يسحبونك معهم إلى القاع فسوف يحبطونك ثم يتسللون منكَ لواذًا. قاوم حتى تصل إلى مبتغاك ولا تنتظر تشجيعًا من أحد، واستمد قوتَك من الله تعالى وحده فإنه الركن إن خانتك أركان.
اعتبر مشروعك طفلك الجديد الذي يحتاج منك لاهتمام ورعاية ودعم حتى يكبرَ ويقفَ على قدميه فيرد لك الجميل فنتائجُ جهدِك بدأت بالظهور.
كن مستعدًا فالمشاريع العظيمة بحاجة ماسٌة لسباحةٍ ضدَّ التيار ورؤية واضحة متينة حتى يتحقق الحلم وتطبق الفكرة.