Loading Offers..
100 100 100

 أكبر وأقدم جزيرة في المملكة ”تاروت” لؤلؤة الخليج

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

كلؤلؤةٍ تتدثر بالهدوء والجمال وسط محّارة، تحفّها النسائم بشذى التاريخ، وتمايلها الرياح كنخلةٍ باذخةٍ كي تجود بخيرها ودلالها، تضرب برجلها في عمق التاريخ، وتتسامى بحضارتها بين المدن الحديثة.. هكذا هي جزيرة تاروت بما يحمله اسمها من دلالات الخير والنماء.

تقع جزيرة تاروت في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، مستأنسة بأمواج الخليج العربي، يحفها من جهة الغرب ساحل القطيف، ومن الجنوب ساحل الدمام، وعلى شمالها تطل “رأس تنورة”، منبسطة في مساحة تبلغ في إجماليها (70) كيلومترًا مربعًا، بما يجعل منها وتبعًا لهذه المساحة الشاسعة، أكبر جزر الخليج العربي مساحة بعد جزيرة البحرين. ويربط طريق تم إنشاؤه في العام 1385 هـ بينها وبين القطيف.

ولا يمثل جمال الجزيرة والعنصر الأبرز في تميزها، بل إن تاريخها الموغل في القدم، بما يحتشد به من مقولاتٍ مختلفة، ومعثورات أثرية قيمة، يكسب الجزيرة بُعدًا منظورًا في ثقلها التاريخي، وجمالها الماثل في الحاضر المعاش.. ولعل في اضطراب الأقوال حول سبب تسمية هذه الجزيرة بهذا الاسم ما ينبئ عن جذورها الضاربة عميقًا في ذاكرة التاريخ، فأشهر الأقوال يذهب إلى القول بأنها من أقدم المدن التاريخية، يقدّر عمر إنشائها بـ (5) آلاف سنة قبل الميلاد، حين استوطنتها مزيج من العشائر الكنعانية والفينيقية.

معنى تاروت

ويعود جذرها اللغوي إلى اللغات السامية، بمعنى "الخير والجمال"، كما أن مراجع الكتب اليونانية والصينية تتفق في إطلاق اسم “تارو” و “ثارو” على الجزيرة، فيما ذهبت بعض كتب التاريخ القديم إلى إطلاق اسم “عشتاروت”، و”عشتروت” عليها، فضلاً عن اختلافات أخرى في نطق الاسم ما بين “تيروس”، و”تاروس” أيضًا.. وأيًا كانت صحة الاسم في الحالات المختلفة، فإن الدالة الأساسية وراءه تكشف عن البعد الأثري الضارب في القدم لهذه الجزيرة.

بخاصةٍ وأن بعض الباحثين المتأخرين ممن نقبوا واهتموا بالجزيرة في وضعها الحالي، يرون أنها في تشكّلها الحالي مشيدة على أنقاض الجزيرة القديمة، مستندين في هذه الفرضية إلى أسس البناء المكونة من صخور ضخمة تحيط بمجرى العين الحالية الكائن تحت ربوة عالية تمثّل بقايا قلعة مرتفعة، يرجح أنها من بقايا عصور متأخرة. يضاف إلى ذلك العثور على كثير من الآثار الفينيقية والساسانية والإسلامية مثل الأواني الفخارية كالجرار، والتماثيل الطينية الصغيرة، والقبور، والأحجار الثمينة، وسيوف ذهبية، وبعض التماثيل الصغيرة، وعملات قديمة، وغير ذلك من المعثورات الأخرى، إلى حد أن إحدى بعثات التنقيب ربطت بين حضارة ” تاروت” والحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين.

منتجع سياحي

وبعيدًا عن اضطراب واختلاف الأقوال التاريخية في تحديد عمر الجزيرة، ونسبة الاسم وأصله، فإن واقع الجزيرة اليوم، يكشف عن منطقة سياحية متنوعة الجمال، تتميز بمناخ لا يختلف كثيرًا عن معظم مدن الخليج العربي، برطوبته الشديدة في الصيف، وجوه المعتدل شتاء، كما تتميز بوجود العديد من المعالم الترفيهية الحديثة مثل: قلعة تاروت الأثرية، وكورنيش دارين، وكورنيش المحسينيات، وكورنيش سنابس، وكورنيش الزور، وسيتي مول القطيف، ونادي النور الرياضي بسنابس، ونادي الهدى الرياضي بتاروت، ونادي الجزيرة الرياضي بدارين، ومهرجان الدوخلة، وصالة الأبراج الترفيهية للبليارديو، وصالة البدر لكمال الأجسام.

فيما يتوزع مجتمع ” تاروت" الحالي في أغلبه نحو مهنٍ محددة، منظورة في صيد الأسماك، حيث تعتبر جزيرة تاروت الممون الرئيسي لأسواق المنطقة الشرقية بالسمك، وكذلك بقية مدن المملكة العربية السعودية الأخرى. ثم تأتي الزراعة، فنسبة 30 % من السكان يعتمدون في نشاطهم الاقتصادي على الزراعة بما تجود به أرض تاروت من منتجات الخضر والفاكهة المختلفة.

كما يمارس بعض سكان الجزيرة التجارة، والصناعة؛ حيث أنشئت بعض المصانع الصغيرة لتصنيع الأواني الفخارية، والمراكب الشراعية، والأثاث بأنواعه المختلفة، إضافةً إلى مصانع الثلج، والطوب الإسمنتي، والألومنيوم، ومصانع قطع الحجر والرخام ومصنع للحلوى، بالإضافة إلى ورش الحدادة والنجارة والميكانيكا، فضلاً عن توجه البعض إلى الوظائف الحكومية بخاصة لدى قطاع واسع من الشباب في بعض الشركات الكبرى مثل: أرامكو وسابك والمتقدمة والهيئة الملكية للجبيل وينبع.

قلعة تاروت

الزائر لجزيرة ”تاروت" اليوم يقف على العديد من المعالم الأثرية المهمة فيها، ولعل من أبرزها ” قلعة تاروت”، الواقعة في وسط الجزيرة، في الطرف الجنوبي الغربي من حي الديرة، والتي يعود تاريخ بنائها لأكثر من خمسة قرون، بعد أن استغرق بناؤها نحو (7) سنوات، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن تشييد القلعة بدأ في العام 1515م، وانتهى في العام 1521م، لكن المصادر ذاتها لا تشير بشكلٍ قاطع وتحدد الجهة التي قامت بتشييد القلعة.

فبعضهم يرجح قيام أهالي القطيف بتشييد القلعة اتقاء لهجمات البرتغاليين، بعد أن كثرت غزواتهم عليها، فيما يخالفهم آخرون، ويرون أن البرتغاليين هم من قاموا بتشييد القلعة لتقييهم من شر هجمات الأتراك المتلاحقة عليهم، بعد أن استتب لهم الوضع في الجزيرة. وتجاوزًا لهذه الإشكالية التاريخية، فإن ”قلعة تاروت" تتألف من أربعة أبراج موزعة على أركانها، منبسطة في مستطيل مزود ببئر في وسطه.

قرى جزيرة تاروت

تحتضن جزيرة تاروت العديد من القرى الرئيسة من أهمها؛ تاروت وسنايش والربيعية ودارين والزور؛ حيث تحتضن قرية تاروت القلعة الأثرية، بجانب عدد من الأحياء السكنية مثل الدشة والحوامي والفسيل وأرض الجبل والحسينية والوقف وباشلامة والنجيمة والجفرة وفريق أبو براة والخارجية وفريق الأطرش بالإضافة إلى المناطق السكنية التي تم دفنها في الجزيرة وهي: التركية والتركية الصناعية والمنيرة والمزروع والمناخ ودخل المحدود والشاطئ.

أما قرية سنابس فتقع على الشاطئ الشرقي للجزيرة، تتميز ببيوتها المبنية من الطين اللبن، كما تمثل ميناء صغيرًا لقوارب الصيد حيث اشتهر سكانها بصيد الأسماك واللؤلؤ.

وتعد قرية الزور من القرى الصغيرة في الطرف الشمالي للجزيرة وكانت تعرف بثنية، وفيها ميناء قديم تنطلق منه عمليات صيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ، وقد تضاءل دور هذا الميناء بعد افتتاح ميناء دارين.

كما تعد قرية الربيعية حديثة التكوين، حيث أنشئت عام 1340 هـ وفيها أربعة أحياء هي الكوفة، والشمال، والزهق، والبدرية، كما تتميز بوجود عين ماء تسمى “عين السعودية”، كما تشتهر بوجود مسجد الخضر فيها بوصفه أحد أكبر المساجد على مستوى المنطقة.

وتمثّل قرية دارين أهم قرى الجزيرة باشتمالها على أشهر موانئي البحر العربي الشرقي، الذي فقد هو الآخر أهميته التجارية بعد إنشاء ونهوض ميناء البصرة، كذلك تتميز القرية بوجود مطار دارين الذي يعد أول مطار ينشأ بالمنطقة الشرقية، ويعود تاريخ إنشائه إلى ما قبل الحرب العالمية بنحو تقريبي في عام 1938م بالرفيعة بالقرب من الربيعية في جزيرة تاروت.

وتعد قرية الديرة الأقدم في جزيرة تاروت متميزة بنمطها الأثري من خلال البيوت الطينية والحجرية متراصة، والأزقة الضيقة، بما جعل منها أجمل قرى الجزيرة.

لقد ظلّت تاروت على مر التاريخ قبلة السياح، ومقصد الزوار، لما تتمتع به من طبيعة ساحرة ، ومناخ معتدل بخاصةٍ في الشتاء، وقد أولتها الهيئة العامة للسياحة والآثار اهتماماً كبيراً، نظير ما تتمتع به من شواهد تاريخية وأثرية، كما كانت الجزيرة ملهمة للشعراء حديثًا وقديمًا، وبخاصة قرية دارين القديمة.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..