لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
طريقة واحدة للتفكير في التوازن بين العمل والحياة تأتي في مفهوم يُعرف باسم نظرية الموقد ذو الشعلات الأربع. إليك كيف تم شرحه لأول مرةٍ لي: تخيّل أن حياتك ممثلةً بموقدٍ يحتوي على أربع شعلات، ترمز كل شعلة إلى رُبع رئيسي في حياتك. الموقد الأول يمثّل عائلتك. الموقد الثاني هو أصدقاؤك. الموقد الثالث صحتك. والموقد الرابع هو عملك.
تقول نظرية الشعلات الأربع Four Burners “لكي تكون ناجحًا، عليك إطفاء أحد الشعلات، ولكي تكون أكثر نجاحًا عليك إطفاء شعلتين”. كان رد فعلي الأولي على نظرية الشعلات الأربع هو البحث عن طريقة لتجاوزها. “هل يمكنني النجاح والحفاظ على جميع الشعلات الأربع قيد التشغيل؟” ربما يمكنني الجمع بين اثنتين من الشعلات. “ماذا لو جمعت العائلة والأصدقاء في فئةٍ واحدة؟”. ربما يمكنني الجمع بين الصحة والعمل. “أسمع أن الجلوس طوال اليوم دون حركة غير صحي. ماذا لو حصلت على مكتبٍ أستطيع العمل فيه وأنا واقف؟”
الآن أعرف ما تفكر فيه. الاعتقاد بأنك بصحةٍ جيدة لأنك اشتريت مكتبًا تستطيع العمل فيه وأنت واقف يشبه الاعتقاد بأنك متمرّد لأنك تجاهلت علامة حزام الأمان المثبتة على متن طائرة، ولكن على أي حال أدركت قريبًا أنني أبتكر هذه الحلول لأنني لم أرغب في مواجهة المشكلة الحقيقية: الحياة مليئة بالمفاضلات. إذا كنت ترغب في التفوق في عملك وفي زواجك، فمن المحتمل أن يضر هذا بصحتك، ويلحظ أصدقاؤك تقصيرك تجاههم. وإذا كنت تريد أن تكون بصحةٍ جيدة وتنجح كوالدك، فقد تضطر إلى تأجيل طموحاتك المهنية.
بالطبع لك مطلق الحرية في تقسيم وقتك بالتساوي بين الشعلات الأربع، لكن عليك أن تقبل بأنك لن تصل مطلقًا إلى كامل إمكاناتك في أي منطقةٍ معينة. أساسًا، نحن مضطرون للاختيار. هل تفضّل أن تعيش حياةً غير متوازنة ولكن عالية الأداء في منطقةٍ معينة؟ أو تفضّل أن تعيش حياةً متوازنة ولكنك لا تزيد من إمكاناتك في النجاح في أي جانبٍ من الجوانب الأربعة؟ ما هي أفضل طريقة للتعامل مع هذه المشاكل؟ التوازن بين العمل والحياة؟ أنا لا أدّعي أنني اكتشفت ذلك، ولكن فيما يلي طرائق للتفكير في نظرية الشعلات الأربع.
ثلاث طرائق للتفكير في نظرية الأربع شعلات
1- الاستعانة بموقد من مصادر خارجية
نحن نستعين بمصادر خارجية في جوانب صغيرة من حياتنا في كل وقت. نشتري الوجبات السريعة حتى لا نضطر للطهي. نذهب إلى مغسلة الملابس لتوفير وقت الغسيل. نزور ورشة تصليح السيارات حتى لا نضطر لإصلاح سياراتنا. الاستعانة بمصادر خارجية لأجزاءٍ صغيرة من حياتك يتيح لك توفير الوقت وقضاء ذلك في مكانٍ آخر. هل يمكنك تطبيق نفس الفكرة في الاستعانة بتشغيل شعلةٍ واحدةٍ في حياتك وتخصيص وقت للتركيز على الشعلات الثلاث الأخرى؟
العمل هو أفضل مثال. بالنسبة لكثيرٍ من الناس يعد العمل هو أكثر الشعلات سخونة في الموقد. إنه المكان الذي يقضون فيه معظم الوقت وهو آخر شعلة يتم إيقاف تشغيلها. من الناحية النظرية يمكن لرجال الأعمال وأصحاب الأعمال الاستعانة بمصادر خارجية لموقد العمل. يفعلون ذلك عن طريق التعاقد مع الموظفين. في مقالي عن “مراحل الفشل الثلاثة” كتبت عن قصة سام كاربنتر حول بناء أنظمة العمل التي سمحت له بالعمل ساعتين فقط في الأسبوع.
لقد استعان بمصادر خارجية من العمل اليومي للشركة بينما كان ما يزال يجني الفوائد المالية. الأبوّة والأمومة مثال آخر. غالبًا ما يُجبر الآباء العاملون على “الاستعانة بمصادر خارجية” لموقد العائلة عن طريق ترك أطفالهم في الحاضنات النهارية أو استئجار جليسة أطفال أو خادمة. قد تبدو الاستعانة بمصادر خارجية أمرًا غير عادلًا، لكن –مثل مثال العمل أعلاه– يدفع الآباء لشخصٍ آخر للحفاظ على عمل الشعلة أثناء استخدامهم لوقتهم في مكانٍ آخر.
ميزة الاستعانة بمصادر خارجية هي أنه يمكنك الحفاظ على الشعلة تعمل دون قضاء وقتك في ذلك. لسوء الحظ، إقصاء نفسك من المعادلة هو أيضًا عيب. معظم رجال الأعمال والفنانين والمبدعين الذين أعرفهم سيشعرون بالملل وعدم إحساس بالهدف إذا لم يكن لديهم شيء للعمل كل يوم. كل الآباء الذي أعرفهم يفضّلون قضاء بعض الوقت مع أطفالهم بدلاً من وضعهم في الحاضنات النهارية. الاستعانة بمصادر خارجية تبقي الموقد يعمل، ولكن هل يعمل بطريقةٍ مجدية؟
2- تقبّل القيود من أكثر الأجزاء إحباطًا في نظرية الشعلات
هو أن تلقي الضوء على إمكاناتك غير المستغلة. يمكن أن يكون من السهل التفكير “إذا كان لدي المزيد من الوقت، فيمكنني كسب المزيد من المال أو الحصول على اللياقة البدنية أو قضاء المزيد من الوقت في المنزل” تمثل إحدى طرق إدارة هذه المشكلة في تحويل تركيزك من تمنّي أن يكون لديك المزيد من الوقت إلى محاولة تحقيق أقصى قدر من الفائدة من الوقت الذي لديك.
وبعبارةٍ أخرى، أنت تتقبل القيود الخاصة بك. والسؤال الذي تطرحه على نفسك هو “على افتراض وجود مجموعة معينة من القيود، كيف يمكنني أن أكون أكثر فاعليةً قدر الإمكان؟” فمثلًا: على افتراض أنه لا يمكنني العمل إلا من الساعة 9 صباحًا إلى 5 مساءً، كيف يمكنني تحقيق أكبر قدرٍ ممكنٍ من المال؟ على افتراض أنه لا يمكنني الكتابة إلا لمدة 15 دقيقة يوميًا، فكيف يمكنني إنهاء كتابي بأسرع وقتٍ ممكن؟ على افتراض أنه لا يمكنني ممارسة التمارين إلا لمدة 3 ساعات كل أسبوع، كيف يمكنني الحصول على أفضل لياقةٍ ممكنة؟ يجذب هذا السطر من الأسئلة تركيزك نحو شيءٍ إيجابي (الحصول على أقصى استفادة مما لديك) وليس شيئًا سلبيًا (القلق بشأن عدم وجود وقت كافٍ).
علاوةً على ذلك، يمكن للقيود المصممة بشكلٍ جيد أن تحسن أداءك وتساعدك على التوقف من المماطلة وتحقيق أهدافك. بالطبع، هناك سلبيات كذلك. فتقبل قيودك تعني قبول أنك تعمل بأقل من إمكاناتك الكاملة. نعم، هناك الكثير من الطرق “للعمل بشكلٍ أكثر ذكاءً، وليس بجديةٍ أكبر” لكن من الصعب تجنب حقيقة أن المكان الذي تقضي فيه وقتك مهم. إذا استثمرت مزيدًا من الوقت في صحتك أو في علاقاتك أو حياتك المهنية، فمن المحتمل أن ترى نتائج مرضية في هذا المجال.
3- مواسم الحياة الطريقة الثالثة لإدارة الشعلات الأربع
هي تقسيم حياتك إلى مواسم. ماذا لو فكرت بدلاً من البحث عن توازنٍ مثالي بين العمل والحياة في جميع الأوقات، قسّمت حياتك إلى مواسم تركز على منطقةٍ معينة؟ أهمية الشعلات الخاصة بك قد تتغير طوال الحياة. عندما تكون في العشرينيات أو الثلاثينيات من العمر وليس لديك أطفال، فقد يكون من الأسهل الذهاب إلى النادي ومطاردة الطموحات المهنية لتحقيقها.
شُعلتا الصحة والعمل في توقّدٍ كامل. بعد بضع سنوات قد يكون لديك عائلة وفجأة ينخفض الموقد الصحي إلى نارٍ هادئةٍ ببطء بينما يحصل موقد عائلتك على المزيد من الغاز. بعد مرور عقدٍ آخر قد تنعش العلاقة مع الأصدقاء القدامى أو تتابع فكرة العمل التي كنت تؤجلها. لا يتعين عليك التخلي عن أحلامك إلى الأبد، ولكن نادرًا ما تسمح لك الحياة بالإبقاء على جميع الشعلات الأربع تعمل في وقتٍ واحد. ربما تحتاج إلى التخلي عن شيءٍ ما لهذا الموسم.
يمكنك أن تفعل كل شيء طوال حياتك، ولكن ليس في الوقت نفسه. على حد تعبير ناثان باري “التزم بهدفك بكل ما لديك لموسمٍ واحد”. علاوةً على ذلك، غالبًا ما يحدث تأثيرًا مضاعفًا عندما تكرس نفسك بالكامل في منطقةٍ معينة. في كثيرٍ من الحالات يمكنك تحقيق المزيد من خلال القيام بمهمةٍ معينة لبضع سنوات بدلاً من منحها جهدًا صغيرًا لمدة خمسين عامًا.
ربما يكون من الأفضل الكفاح لمواسم من عدم التوازن وتدويرها حسب الحاجة. على مدار السنوات الخمس الماضية كنت في موسم ريادتي. لقد قمت ببناء مشروعٍ تجاريٍ ناجح، لكنه تحقق بدفع بعض التكاليف والتضحيات، أطفأت شعلة أصدقائي وشعلة عائلتي. تعلّم فقط بشكلٍ متوسط في أي موسمٍ أنت الآن؟ التوازن بين العمل والحياة: ما هي الشعلات التي أطفأتها؟
تكشف نظرية “الشعلات الأربع” عن حقيقة يجب على الجميع التعامل معها: لا أحد يحب أن يتم إخباره بأنه لا يمكن أن يحصل على كل شيء، لكن الجميع لديهم قيود على وقتهم وطاقتهم. كل خيار له تكلفة وتضحية. ما هي الشعلات التي سوف تطفئها؟