Loading Offers..
100 100 100

هل إدمان التقنية خرافة؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

لا أحد ينكر أهمية إعادة تقييم الدور الذي تلعبه الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية وغيرها في حياتنا، لكن حين يستسلم الكثيرون لفكرة أنهم عالقون بين فكيّ كمّاشة، حسنًا! هنا لا بدّ من وقفة. ولا يقتصر خطر الإيمان بفكرة أن التقنية “تقتل إنسانيتنا” على خلق ذات الرعب الأخلاقي -الذي ساد في الماضي مع انتشار الراديو والتلفاز- بل يمتدّ ليشمل تشويه المعنى الحقيقي للإدمان.

اشتقت كلمة إدمان “addiction” من كلمة “addictio” اللاتينية والتي تعني الاستعباد، ويُعرّف على أنه سلوك أو مادة يصعب على الشخص إيقافه (حتى مع رغبته بذلك). ويّعبّر عنه عالِم الأعصاب مارك لويس (Marc Lewis)، الباحث في الإدمان والمدمن السابق، “هو تركيز الدماغ على شيء واحد فقط، لتصبح باقي الأشياء مجرد كماليات”.

الإدمان: أكثر من مجرد إعجابك كثيرًا بأمرٍ ما!

العديد من الآباء -وربما كنتَ منهم- على قناعة تامّة بأن أطفالهم “مدمنون” على هواتفهم الذكية. لكن عندما تسألهم عن سلوكهم في المنزل، يخبرونك أن أبنائهم يتناولون الغداء والعشاء برفقتهم (وليس من خلال صفحة “طبق اليوم” على الفيس بوك مثلًا!) وأن درجاتهم في المدرسة جيدة. هذا غريب! هل يُعقل أن الأطفال يعيشون “حياة طبيعية” رغم استخدامهم تطبيقات مُصممة للسيطرة على عقولهم؟

في الواقع، نحن نسارع في تصنيف السلوكيات التي لا نحبها ولا نفهمها بأنها “تسبب الإدمان” بُغية إسكات ضميرنا وتفسير الأشياء التي نقوم بها. فعلى سبيل المثال:  دعني أقل أن شبكة نتفلكس Netflix مُصممة لجعلي مدمنًا على مشاهدة المسلسلات والأفلام، وأن طفلي مدمن على فورتنايت Fortnite بدلاً من الاعتراف بأنني لم أقضي أي وقت في التخطيط لشيء ممتع نفعله معًا كعائلة.

إدراكنا لقدرتنا على التغيير سلاح مهم ضد الاستخدام المُفرض

وجدت دراسة أجرتها مجلة (دراسات حول الكحول والمخدرات Journal of Studies on Alcohol) عام 2015 على مدمنيّ الكحول، أن مستوى سهولة انقياد أجسادهم بعيدًا عن المشروبات الكحولية غالباً ما كان مرتبطًا بإيمانهم بقدرتهم على التغيير. لا تنسى أن الكحول مادة تعبر الحائل الدموي الدماغي (هل سبق لك أن سمعت أن هناك من “يتعاطى” الفيس بوك؟ أو “يحقن نفسه” بالانستغرام؟ لا أظن ذلك!). إذًا، استخدام تلك المواقع بكثرة هو عادة سيئة وليس إدمانًا.

لكن ألا تغير التقنية أدمغتنا؟

ألا يتحدثون عن دفقات “الدوبامين*” التي تغمر أجسادنا بسبب (إعجاب Like)، لتنشط بسببها نفس مناطق الدماغ التي يعمل بها الكوكايين؟ دعنا نقل أن تلك نصف الحقيقة فقط! فكل سلوك متكرر، بدءً من تعلم العزف على البيانو وانتهاءً بدراسة لغة جديدة، يُعيد تشكيل الهرمونات داخل أدمغتنا (بما فيها الدوبامين*)، إذًا فهو ليس حكرًا على التقنية من جهة، وليس أمرًا سيئًا من جهة أخرى.

تتأثر مناطق حيوية من الدماغ بمستويات الدوبامين فيؤثر على مزاج الإنسان، وقدرته على النوم، إضافة لمستوى التركيز، لذا قد يؤدي نقصه للإصابة بأمراض معينة كالاكتئاب.

التأكيد على فكرة أننا مدمنون لن يفيد

شنّت الحكومة الأمريكية في أواخر ستينات القرن الماضي حربًا على المخدرات، وبالطبع كانت معركة خاسرة، لما؟ لأنها اعتمدت في كثير من الأحيان على نفس النظرة القديمة للإدمان، وهي أن المادة المُخدّرة تسبب الإدمان، لكننا نعلم أن الإدمان غالبًا ما يكون نتيجة عدة عوامل (بما في ذلك ظروف الشخص والألم النفسي الذي يدفعه لمحاولة الهرب من خلال المُخدّر).

بالطبع، هناك عواقب سلبية للتقنية المُشكِلة للعادات، مثل خوارزمية اليوتيوب التي دفعت المستخدمين نحو المحتوى المتطرف (وتعتمد خوارزمية يوتيوب آنفة الذكر على سجل التصفح والمشاهدة لاستكشاف أي المحتوى هو الأكثر ملاءمة للزائر، ثم تقترح عليه أشهر وأبرز الفيديوهات المندرجة تحت ذات المحتوى). ولا ننكر أهمية معالجة مثل هذه الأمور. لكن هذا لا يعني أن نخدع أنفسنا بالاعتقاد بأننا مدمنون. فلسنا بحاجة لنؤمن بفكرة أن التقنية تسبب إدماننا للتخفيف من استخدامها. يمكننا المبادرة للحصول على أقصى استفادة من التقنية دون السماح لها بسرقة أفضل ما لدينا. أنت تعلم:

  • مثل تعطيل الإشعارات و أصوات التطبيقات التي تُشتتنا.
  • أو وضع قيود وموانع خارجيّة كأن نحصر تصفحنا لشبكات التواصل الاجتماعي قبل التوجّه إلى العمل/المدرسة بساعة، وبذا نرتبط بموعد يُرغمنا على التوقف.
  • البعض يُفضل الحلول الأكثر قسوة، مثل استخدام برنامج Romaco Timeout وهو برنامج يسمح بتحديد وقت معين لاستخدام الإنترنت قبل قطعه!

* الدوبامين: هرمون موجود بشكل طبيعي في جسم الإنسان، يلعب دورًا بارزًا في التحكم بالمهارات الحركية والاستجابات العاطفية حيث يعزز من الشعور بالسعادة، بالإضافة لكونه ناقلًا عصبيًا (أي أنه يرسل إشارات بين الجسم والدماغ).

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..