Loading Offers..
100 100 100

رسالة إلى عشريني: المرحلة الغامضة “النضوج”

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

أنت أيها العشرينيّ الذي بدأ التفكير العميق يغزو عقلك منذ الصّغر، وبتّ لا تستطيع النوم، تفكر مرارًا وتكرارًا في ماهية الحياة بل في كلّ شيء تقريبًا، ألم تسأل نفسك يومًا: في خضم ماذا أنت، وأيّ حرب تخوض؟

سأخبرك عزيزي، أهلًا بك في المرحلة الأغرب، الأشرس والأكثر غموضًا خلال حياتك، مرحلة ستقسو فيها الحياة عليك ستعذبك وتلعب بك ككرة بين يديّ طفل.. فلا تيأس إنها ليست سوى مرحلة النضوج.

النضوج

ولست أقصد هنا البلوغ العمري ولا حتى البلوغ الجسماني وإنما بلوغك الفكريّ، أقصد الكتلة التي تتربع بين كتفيك “عقلك” إنني أستهدف العقول التي يستلبها التفكير لساعات وساعات، وتغوص في بحار الأحلام، الطموح والتخطيط للمستقبل المجهول، فتبدأ تعدّ جداول يومية لترويض ذاتك على الالتزام والانضباط فتارة تنجح وعشرة تفشل.

[الانضباط الذاتي: المهارة التي بدونها لن تجيد أي مهارة!]

إنّ النضوج يا صديقي ما هو إلاّ مجموعة تجارب شخصية واجتماعية تعيشها في مرحلة من عمرك وهي غير مقترنة بزمان ولا بمكان، هي مجمل العثرات والعقبات التي استطعت تخطّيها، هي المسافات الطويلة التي مشيتها بكلّ صبر فزادتك قوة وصلابة بعدما أرهقتك وأنهكتك، هي ليست سوى اخضرار روحك وعقلك ونموّهما بشكل تعدّى الخيال وفاق تفكيرك الطويل ليالٍ عديدة؛ لذا ومن هنا عزيزي القارئ لكي تشخّص نفسك هل بدأت مرحلة النضوج أم أنت في خضمها سأتناول معك بعض مراحل النضوج من وجهة نظري المتواضعة ألا وهي:

أولًا: فترة العزلة “الخلوة”

وأفضّل أن أسميها خلوة، ولا أقصد بذلك انعدام العلاقات الاجتماعية بتاتًا، وإنما تفضيلك للجلوس والاختلاء بنفسك عن الجميع بحثًا عن روحك، والتفكير بعمق في كل ما يدور من حولك وفي شتى مجالات الحياة، خاصة لو دخلت هذه المرحلة وأنت في سن مبكّر كأن تكون في مرحلة دراسية ما.

ثانيًا: التأمل

إنّ من أهم مراحل النضج جلوسك بالساعات غير آبه ولا مدرك لمن حولك، تتأمل فقط، تتأمل كل ما خلق الله كالسماء والهواء، أو حتى تأمّلك لجدران غرفتك التي تلجأ لها كل وقت وحين، هناك لذة لا يمكن وصفها في هذه المرحلة، سعادة تغمر روحك وتجعله ينتشي ويحلّق لمكان بعيد جدًّا عن مكان جسدك، بعض الأشخاص أدركوا الأهمية العظيمة التي تقطن وراء التأمل حتى بدأوا في استخدام تقنيات ووسائل تساعدهم وتحفز عقولهم على التأمل، وقد أثبتت الدراسات بالفعل فاعلية التأمل وفوائده العديدة، لذا إذا كنت ممن يجلسون بمفردهم طويلا ويتأملون وكأنّ الزمان توقّف بهم فأنت لست مجنونًا كما يدّعي البعض، تنفّس بعمق واسترخِ، ودَعْ عنك كلام الناس الفارغ المحبط بشأن هذا الموضوع.

[صراع العاطفة والمنطق ينتهي هنا]

ثالثًا: الانتقاء

تفكيرك الطويل قبل اختيارك لصديق العمر، أو حتى انتقاؤك للأشياء بكل رويّة وتأنٍّ فذلك يعني أنّك على حبل النجاة المرتبط بالنضج يا عزيزي، هنا حيث ستصبح اختياراتك دقيقة وواعية ولن تهمّك كثرة العلاقات كما يهمّك عمقها وأصالتها؛ لذا أعتبر هذه المرحلة عاملًا مهمًا في نجاحك وتخطيك مرحلة السفاهة نحو النضج الأعمق.

رابعًا: البحث عن هدف

صديقي القارئ، إنّ كل شخص يعبر بمرحلة النضج لا بدّ وأن يسأل نفسه ذات السؤال، لما أنا هنا الآن؟ ما المطلوب مني؟ ما الهدف من حياتي؟ إلى أين يجب أن أصل؟ وكيف أصل؟ كل تلك الأسئلة وأكثر هي تمهيد للوصول إلى الهدف الأسمى الذي خلقت له، فاهدأ وواصل المسير ستجد في النهاية ما يروق له عقلك، وستحظى بأعظم ما يمكن أن يحظى به الآخرون ألا وهو شعورك بالرضى عن ذاتك وتقديرك لها وبالتالي امتنانك لخالقك على هذه العطية العظيمة وهي الحياة.

[لماذا الأهداف قصيرة المدى هي ما يصنع مستقبلك؟]

خامسا: التشتت والفتور

ككل علاقة يصيبها فتور وضعف، أنت هنا في علاقة مع ذاتك لذا لا بد من فتور وتشتت يصيبانك، ستشعر كأنّ دوّامة تسحبك نحو القاع، ستبدو لك دوامة طويلة ولكن في الحقيقة ما هي إلاّ رسالة لك أنّك أوشكت تخطي هذه المرحلة و أنّك قد اقتربت جدًّا من بر الأمان، وهنا الفارق بين الفرد الناضج من غير الناضج. فهذه المرحلة إما أن تصبر فتفوز أو ستكون دوامة طويلة حقًا ولن تخرج منها ما حييت، هنا عليك أن تظهر قوتك النفسية الكامنة، أطلقها حرّرها، وهي تتمثل في إيمانك العميق أنّك إنسان جيد نقيّ القلب تؤمن بأنّ الذي أوجدك على سطح هذا الكوكب لم يوجدك ليعذبك بل ليجعل منك قائدًا عظيمًا وحكيمًا.

سادسًا: صراع العقل والقلب

هذه المرحلة أعتبرها نهاية رحلة النضج الشاقّة ولكنها الأطول فقد تستغرق سنوات لتخطي هذا الصراع، وهي الأكثر أهمية في النضج بل قد تكون سببًا في النضج المبكّر فترى شخصًا لم يتجاوز العشرين يمتلك رزانة ووقارًا وهدوء وحديثه ثقيل وموزون يترفع عن قول أيّ كلام أكثر من شخص تجاوز الثلاثين، وإنني أعزي السبب في ذلك إلى الصراع المحتدم والعنيف الذي يقع بين العقل والقلب فما بين حب وصبر والتزام وانضباط وضعف وهزيمة وترويض لكلاهما يكمن النضج، هنا فارق آخر بين من لم يترك التيار يسيّره حيث أراد بل كان هو القبطان لسفينته يوجهها حيث يريد على عكس الأخير الذي انجرف مع التيّار فتاهَ في دوامة التشتت واستسلم لها.

ختامًا

الحياة ما هي إلاّ محن وصعوبات وعقبات فكن حكيمًا وحكّم عقلك كما يقال واختر الأفضل لنفسك، اختر الرفعة والسمو وكوّن لنفسك قصة نجاح عظيمة تفخر بها في كبرك وتكون مثالا حيًّا لا يموت لغيرك.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..