لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
حين يرزق الوالدان بالأبناء لربما تكون أسعد لحظاتهم فيبدأون بخوض مغامرة جديدة مع هذا الكائن الذي أصبح يأخذ كل اهتمامهم ويأسر جميع حواسهم، يشعرون أن الكون يتمحور حول هذا الطفل فيسعون لتحقيق جميع رغباته وتدليله بدون شعور، ليكبر الطفل وقد اعتاد على تلبية رغباته وعدم قول لا لأي طلب يطلبه، وإلا فإنه سيحصل ما لا يحمد عقباه.
ولأن الأطفال يفعلون ما نعودهم عليه فإننا نحن الآباء المسئولون إلى حد كبير عن السلوك المدلل لدى أطفالنا، فالتربية المتساهلة تجعل الطفل غير قادر على استيعاب الحدود والخطوط الحمراء. عندما يدلل الوالدان أطفالهم تكون نواياهم طيبة في كثير من الأحيان، وإن كانت مضللة بعض الشيء. هم فقط يريدون أن يوفروا لأطفالهم أفضل حياة ممكنة، ويعطونهم كل ما تشتهيه أنفسهم. قد يشعر بعض الآباء بالقلق من قول كلمة لا لأطفالهم، خوفا من إيذاء مشاعرهم، فيعتاد الطفل لتصبح طلباته أوامر ويبدأ بالتصرف بشكل غير لائق ما إذا تم رفض طلبه.
بداية لنعلم ما المقصود بالطفل المدلل، ومن هو وكيف أميز طفلي إن كان مدللا أم طبيعيًّا وتصرفاته غير مشبوهة. يقصد بالدلال في اللغة: دلَّل الطِّفْلَ: رفَّهَه وتساهل في تربيته ومعاملته، دلَّعه، لاطفه. ومن هنا يتبين أن الدلال مقرون بالتساهل والدلع أي تلبية جميع الطلبات والتساهل مع تصرفات الطفل أيًّا كانت.
لا يمكن وصف الطفل المدلل صراحة ولكن فور التقائك بأحدهم ستعلم جيدًا ما أقصد فمنهم من يكثر الطلبات والأوامر وإن لم تلبى بدأ مشوارًا غير منتهٍ من الصراخ والعويل حتى تلبى، ومنهم من لا يستطيع رفع كأس قد شرب منه أو صحن قد أكل فيه لأنه اعتاد على خدمة والديه له، ومنهم من ترى الدلال واضحًا في كلامه، ومنهم من لا يستطيع تقبل كلمة لا ومن الممكن أن يستشيط غضبًا. عمومًا، تلبية الحاجات واجب على الوالدين ولكن الدلال المفرط هو ما نتحدث عنه هنا والذي يعتبر مشكلة للطفل نفسه ولذويه والناس من حوله.
لماذا يُعد الدلال مشكلة؟!
يعمل الوالدان بجد لتوفير كافة احتياجات أطفالهم بحيث تكون لديهم وفرة من كل شيء يحتاجونه ويطلبونه في كل وقت، وهذا مع أنه واجب على الوالدين إلا أنه قد تكون مشكلة سيعاني منها الجميع وبداية الطفل الذي لن يتعلم أبدًا قيمة ما يملك، وسيكتسب صفة الأنانية.
- الأطفال المدللون أنانيون ولا يرضون مطلقًا عما لديهم فهم سيطلبون المزيد دائمًا وأبدا غير مراعين لميزانية الأسرة ولا التعب والجهد الذي يعملون به والديهم.
- لا يمكن أن يرضوا بكلمة لا، فهم سيصابون بنوبة غضب وسيخيب ظنهم حال سماعهم لهذه الكلمة؛ وذلك لأنهم لم يعتادوا عليها وبالتالي ستصاب أنت بذاتك بصداع من الصراخ والبكاء.
- لا يقبل الأنشطة التنافسية، لأنه لم يعتد على الخسارة بل تعوّد على أن تلبى مطالبة وكأنها أوامر، وبالتالي غير مقبول أن ينافس أحدهم للحصول على ما يريد.
- الطفل المدلل لا يتحلى بالصبر، فحالما يطلب “سعادته” شيئا سيكون عليك تلبية ذاك الطلب وحالًا وإلا سيكون عليك مواجهة نوبة غضب وصراخ وبكاء آخر.
- الطفل المدلل اتكالي لا يحب الأوامر ولا يمكن أن يقوم بأي طلب لك أو خدمة إلا بمقابل مادي، هو اعتاد على أن يخدمه الآخرون فإن أراد الآخرون خدمة منه يجب أن يمدوا أيديهم بالهدايا والمال.
كيفية التعامل مع الطفل المدلل
بداية وكما نقول دائما فإن الوقاية خير من ألف علاج وبالتالي انتباهك لتصرفات طفلك وتصرفاتك أنت كوالد في تلبية طلبات أبنائك شيء لا بد منه، عمومًا في حال اكتشافك على طفلك أي من سلوكيات الدلال إليك الحل:
- قل لا: تعود على قول لا لطفلك دون الإحساس بتأنيب الضمير، أن تكرار قول لا أمام طفلك يعوده أنه مهما بذل من مجهود في الإلحاح، فالنتيجة ستكون الرفض، أيضًا تذكر أنت تمنعه أحيانًا لتبني شخصيته وطالما أنك توفر كل احتياجاته لا داعي للشعور بالندم فليس كل ما نريده نحصل عليه!
- لا بأس بالبكاء: لا بأس إن كانت ردة فعل طفلك البكاء والصراخ حين ترفض له طلبًا، فذلك سيعلمه بأنه يجب أن نعمل بجد لما نريده ولا تأتي طلباتنا حتى وإن تعبنا بكاء، تعاطف معه ولكن لا تستجب له.
- نحن بدلًا من أنا: علم طفلك بأن الأسرة جماعة ولكل فرد منهم الحق في تلبية احتياجاته، علّمه كلمة نحن بدلا من أنا حتى يتخلص من صفة الأنانية ويحس بالآخرين.
- حملّه المسئولية: حمّل طفلك المسئولية واعلم أن الأطفال يستجيبون أكثر للتشجيع وليس التوبيخ والعقاب، فشجعه ليقوم بمهمه تخدم الجميع أو تخدمه هو، فإن كان يريد لطلباته أن تجاب يجب أن يستجيب لطلبات الآخرين.
أطفالنا أمانة وهبة من الله، وتربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصحيحة واجب علينا، تدليلهم وتلبية احتياجاتهم شيء مهم ولكن الدلال المفرط والذي يطمس شخصيتهم أمر يجب الوقوف عنده وإصلاحه.