Loading Offers..
100 100 100

5 أسباب تدفعك لتتحدث مع نفسك بحب

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

لنفترض أنك تنتظر أحد اصدقائك في الشارع، ثم فجأة فوجئت بوجود شخص يسير وحده ويتحدث إلى نفسه، كما لو أنه يتحدث إلى شخص يسير بجانبه ولكن هذا الشخص غير موجود فعلًا، ما هو أول شيء سوف يتبادر إلى ذهنك حول ذلك الشخص؟ ربما قد تعتقد أنه مصاب بخلل عقلي أو يعاني من إحدى الأمراض النفسية، بل من المحتمل أن تنظر إليه على أنه مجنون، ولكن الحقيقة أن هذه الهواجس والاعتقادات غير صحيحة تمامًا.

فبالرغم من التسليم بأن مشهد تحدث الشخص مع نفسه نَجِدُه عند بعض مرضى الفصام وتعدُّد الشخصية، وبالرغم من أن التحدث إلى النفس بصوت مرتفع طريقة ينظر اليها المجتمع بعين الريبة إلا أنه بات بحُكْم المتفق عليه في علم النفس أن هذا النوع من السلوك أمرٌ شائع.

فمَنْ مِنَّا لم يتحدث إلى نفسه ولو مَرَّةً واحدة في حياته، نحن جميعًا في لحظة من اللحظات نجد أنفسنا منخرطين في حديث مع النفس؛ فالحياة ليست سوى أفكار وصور ومشاعر تجول بخاطرنا وتشغل بالنا، فنجد أنفسنا نتكلم عنها، سواء أثناء الاسترخاء في حوض الاستحمام، أو إعداد الطعام في المطبخ، أو انتظار لقاء مع صديق، بل وحتى عندما تنتابُنا مشاعر القلق والغضب حيال واقعة جرت معنا.

تقول Julia Harper إخصائية العلاج المهني ومدربة الحياة: “إن الحديث مع الذات بصوت مسموع هو جزء طبيعي من تطور اللغة، وهو أحد امتدادات الحوار الداخلي لدى الإنسان”. نستنتج مما سبق أن هناك فَرْقًا بين الحديث الذي يجريه الشخص مع نفسه في صمت وهو ما يسميه علماء النفس بالحديث الداخلي، والحديث الخاص أو الدردشة مع النفس، وفيها يتحدث الشخص إلى نفسه بصوت مسموع وهو موضوع دراستنا.

في السنوات القليلة الماضية أشارت أبحاث متزايدة إلى أن التحدث مع النفس بصوتٍ مسموعٍ أو ما يمكن أن نطلق عليه الفضفضة الذاتية أمرٌ صحيٌّ، وأنَّ على المرء القيام من حين لآخر بحوار الذات هذا لما له من فوائد جَمَّة أجملناها في النقاط التالية:

1- التحدث إلى النفس يساعد على تحسين التركيز

تشير أبحاث متزايدة إلى أن التحدث إلى النفس بصوتٍ مسموعٍ هو بمثابة إشارة عملية للأداء العالي على المستوى الإدراكي، حيث يقول (Gary Lubin) أستاذ مساعد في علم النفس بجامعة ويسكونسن: “أنت لا تعرف كل شيء عما ستقوله، ويمكن حتى أن تتفاجأ بنفسك”. ففي عالم اليوم هناك مئات الأفكار التي تمرّ عبر رؤوسنا في جميع الأوقات لذلك تصبح عقولنا مشتتة وأفكارنا متضاربة في أذهاننا، لذا يساعدنا التحدث مع النفس على تنظيم الأفكار وترتيبها وإعطاء الأولوية للأهم ثم الأقل أهمية.

وفي ذلك يرى (Nicolosi) الخبير في علم النفس أنه “إذا تحدثنا بصوت عالٍ فإن ذلك يجبرنا على إبطاء أفكارنا ومعالجتها بشكل مختلف لأننا نشرك مراكز اللغة في دماغنا”. ويضيف: “من خلال التحدث إلى أنفسنا نصبح أكثر تركيزًا، وهذا يخلق عملية أبطأ في التفكير والتصرف ، بدلًا من أن يتم ذلك بشكل عشوائي.”

2- التحدث إلى النفس يساعد على تقوية الذاكرة

وَجَدَتْ إحدى الدراسات التي قام بها دكتور (Vaughn) عالم الأعصاب البشري أن قيام شخص بسؤال نفسه بصوت عالٍ عما تعنيه قطعة من المعلومات يؤدي إلى تحسين التعلم بشكل كبير؛ لذا هناك اعتقاد شائع بأن التحدث بصوتٍ عالٍ أثناء الدراسة يمكن أن يساعد في تسريع وتثبيت فَهْم الموضوع. وفي شرح هذه الفكرة يقول دكتور (Vaughn) أن طريقة التحدث إلى النفس هنا مكونة من جزئين: التحدث والاستماع، بحيث تكون عملية التعلم أكثر فعالية من خلال العمل كطالب يسأل ومعلم يُجيب، الأمر الذي يحسن دمج المعلومات المتلقاة في الذاكرة العاملة طويلة المدى.

كما وتشير التجارب العملية في علم النفس التجريبي إلى أن الاشخاص الذين يكررون اسم الشيء الذي يبحثون عنه يجدونه أسرع ممن يبحثون عنه في صمت، حيث يؤكد علماء النفس أن ذكر اسم الشي ء يساعد العقل على تنشيط معلومات إضافية حوله، وأن ترديد ذلك بصوت مسموع هو إشارة قوية لاسترجاعه من الذاكرة. ولتوضيح الفكرة بشكلٍ أكبر لنفترض أن أحدهم أضاع جوالَّه، ثم بدأ بالبحث عنه، فبحسب النتيجة التي توصل إليها علم النفس التجريبي فإن اكتفاء ذلك الشخص بالبحث عن الجوال بصمت سوف يكون أقل فاعلية فيما لو تحدث -وهو يقوم بالبحث- إلى نفسه عن مكان وجود الجوال كأن يقول: “أووه أين جوالي … أذكر أني وضعته هنا”.

تنميه الذات

سيكولوجية تطوير العادات الجيدة

3- التحدث إلى النفس يساعد على تحقيق النجاح

تقول عالمة النفس (Lina Sapadin) إن الحوار الذاتي يجعلك أذكى؛ فأنت عندما تخطط لأمر ما أو يشغل بالك موضوع معين، فليس هناك شخص آخر تحدثه أفضل من نفسك، وليس هناك شخص يمكنه مساعدتك ويعرف مشاكلك ومواهبك وقدراتك أفضل منك. إن التخطيط الناجح هو أقصر طرق النجاح؛ لذا احرص على أن يكون واضع الخطة مهتمًّا لأمرك، فالأشخاص من حولك قد لا يكونون قادرين على فهمك أو استيعاب مشاكلك، أو قد لا يكون لديهم متسع من الوقت للتحدث إليك، وهنا يجب عليك التحدث إلى ذاتك وإجراء حوار صادق مع نفسك للخروج بأفضل النتائج.

وفي هذا المعنى هناك قصة طريفة عن شخص يدعى (Eugene Campbell) واجه الكثير من المتاعب والإخفاقات عندما قرر الدخول في عالم التجارة والأعمال، وبالرغم من أن صحته تدهورت نتيجة الفشل الذي واجهه إلا أنه استمر وقرر طلب النصح من أحد مستشاريه الماليين والذي أشار إليه بضرورة أن يعبر عما يجول في ذهنه بصوت مسموع.

يقول (Campbell): كان ذلك شيئًا غريبًا وجديدًا بالنسبة لي. لم أكن أعتقد أنه سينجح، ولكن عند التجربة، بدا الأمر مقنعًا للغاية. والخلاصة أن علماء النفس اليوم متفقين على كون التفكير من خلال الحديث مع النفس أو كما وصفه أفلاطون حديث الروح مع نفسها هو أول طريق النجاح.

4- التحدث إلى النفس يمنحنا الثقة

إن كلمات المديح والإطراء التي يسمعها الإنسان عند إنجاز عمل ما تمنحه الثقة بالنفس، مما يدفعه إلى تقديم المزيد من الإنجاز وبذل الأفضل، ولكن ماذا لو كان الآخرون من حولك لا يهتمون بأمرك ولا يقدمون لك الدعم والتشجيع؟ هنا ينصح العديد من علماء النفس بضرورة التحدث إلى النفس كوسيلة لتغيير الطريقة التي نشعر بها وتحقيق الرضا، حيث يقول Nicolosi: “يجب التفكير في الحديث مع الذات على أنه طريقة صحية لمنح أنفسنا الدعم الذي نبحث عنه وأن نكون الصديق الذي نحتاج إليه “.

وفي عام (2014م) توصل أحد الباحثين في جامعة “ميشيغان” إلى أن مخاطبة النفس يمكن أن تجعلنا نشعر بحال أفضل، وتغرس ثقة في أنفسنا وتساعدنا على مواجهة التحديات الصعبة. فإذا كان هناك شخص يشعر بالخوف فاطلب منه أن يجري نقاشًا بينه وبين نفسه عن أسباب مخاوفه، فمثل هذا الحوار الذاتي قد يساعده على استعادة الثقة.

يقول الدكتور Nicolosi: “إن ما نقوله لأنفسنا له تأثير هائل على احترامنا لذاتنا وشعورنا بالقيمة، فالتحدث إلى النفس بالتشجيع قبل حدث مهم أو الثناء بعد إكمال مهمة شاقة فرصتان عظيمتان لاستخدم الحديث الذاتي لصالحك”.

فعلى سبيل المثال: من يتابع الألعاب الرياضية، كثيرًا ما يستوقفه مشهد قيام اللاعبين بِرَدَّات فِعْلٍ عند ضياع إحدى الفرص متمثلة بتحريك شفتيه وكأنه يتحدث إلى نفسه، فمثل هذا التصرف يقوم به اللاعب لشحذ همته وتشجيع نفسه، وبحسب علماء النفس فهذا التشجيع مهم للغاية لأنه يأتي من الداخل؛ من الشخص نفسه. وهذا ما أكدته دراسة في علم نفس الرياضة والتمارين الرياضية أُجريت على (72) لاعبَ تنس شاركوا في خمس جولات من اللعب، تبين أن اللاعبين الذين استخدموا الحديث الذاتي ارتفع لديهم معدل الثقة وانخفض مستوى التوتر .

5- التحدث إلى النفس يمنحنا الراحة النفسية

أحيانا ما نجد أنفسنا محملين بالمشاكل والأعباء النفسية التي تثقل كاهلنا، وبالرغم من أنه بوسعنا أن نشارك غيرنا فيها حتى نخفف من همومنا ونهدئ من انفعالاتنا إلا أننا قد نجد صعوبة في البوح بها حتى لأقرب المقربين منا. فلو أن شخص يخفي في نفسه مشاعر سلبية كالشعور بالفشل، أو الشك الذاتي، أو كونه عديم الفائدة، فمثل هذا الشخص يخشى من ردة الفعل السلبية ممن قد يبوح له بما يشعر به مما يزيد من اكتئابه وعذابه، كما أن الشخص الذي اختاره ليحدثه بما في نفسه قد يكون غير جدير بالثقة فيكشف سرَّه ويسبب له الإحباط.

في مثل تلك الحالات السابقة يرى علماء النفس ضرورة إجراء محادثة مع النفس (الفضفضة الذاتية)، وحتى تكون هذه الفضفضة فعَّالة يوصي علماء النفس يأن يكون التحدث مع النفس بضمير الشخص الثالث؛ فبدلًا من إخبار نفسك: “لا أستطيع القيام بذلك، أنا خائف”، عليك إعادة صياغة الحديث مع نفسك بأن تقول : “/اسمك/ يشعر بالخوف”.

إن استخدام هذه الحيلة البسيطة بحسب علماء النفس يساعد على تقليل الشعور بالضيق بجعل الأفكار السلبية أقلَّ قوة، كما أنها تمنحك المزيد من التحكم بعواطفك بحيث تتمكن من التعامل مع المشاكل بشكل أكثر هدوء ورزانة.

وبحسب دراسة أعدتها جامعة “ميشيغان” الأميركية توصل الباحثون إلى أن أسلوب الفضفضة الذاتية لا يتطلب جهدًا أكبر من ذلك الذي يبذله الشخص عند الحديث إلى شخص آخر، وأن هذه الإستراتيجية تساعد على ضبط النفس؛ فأنت عندما تتحدث إلى نفسك، يبدو وكأنك تحلل نفسك، وهو ما يساعدك على فهم سبب ما تعانيه وتشعر به.

في النهاية لا بُدَّ من الإشارة إلى ملاحظة مهمة هي أنه إذا كان من الطبيعي والمفيد بالنسبة لنا أن نتحدث إلى أنفسنا، فإنه يتوجب علينا القيام بذلك بالطريقة الصحيحة، تقول دكتور Harper: “إذا كنا نتحدث إلى أنفسنا بشكل سلبي فإننا على الأرجح سنوجه أنفسنا إلى نتيجة سلبية، أما عندما يكون الحديث مع الذات محايدًا -كما هو الحال في عبارة “ما الذي يجب أن أفعله؟” أو إيجابيًّا – مثل “يمكنني تنفيذ ذلك”، فإن النتيجة تكون أكثر فعالية”.

خلاصة القول إن الحديث مع النفس يجب أن يكون إيجابيًا وليس سلبيًا، لطيفًا وليس عنيفًا، محفزًا وليس محبطًا، رقيقًا وليس قاسيًا؛ باختصار تحدث إلى نفسك كما لو كنت تتحدث إلى من تحب.

فهل ستتحدث؟

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..