Loading Offers..
100 100 100

كيف يكسبون من الكوارث

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

حينما تضرب العالم أزمة أو تعصف به مشكلة تعيد تشكيله من جديد فتنهار اقتصادات، وترتفع اقتصادات أخرى. في ذلك الوقت يبرز أولئك الأشخاص الذين هم قادرون على استخدام الأزمات لصالحهم وجعلها فرصة لتحقيق المكاسب التي يطمحون اليها، بل إن بعض الكيانات والحكومات الأخرى تسهم بشكلٍ كبيرٍ في صناعة الأزمات وخلقها للانتفاع عن طريقها.في كتاب "نعومي كلاين" (عقيدة الصدمة) تشرح نعومي كلاين الأمر أنه نوع من العلاج بالصدمة، مثل الذي استخدمه أحد الأطباء النفسيين الذي عرَّض بعض مرضاه للصدمات التي تجعله قادرًا على تشكيل عقله من جديد، إنها العقول البيضاء، فتلك الكيانات ترى ضرورة تعريض الشعوب كلها إلى صدمات لتجعلهم يتقبلوا السياسات الرأسمالية الجديدة أو النيوليبرالية، والمراقب للأحداث العالمية الماضية، والمدقق النظر فيها، يرى أن شعوب العالم تقبلت السياسات التي تفرضها عليها الأنظمة وتمرير بعض السياسات التي لم يكونوا ليتقبلوها في الوضع العادي.فتعرضت الشعوب للزعزعة الأمنية أو الثورات الكبرى أو الحروب الضروس التي تقضي على آمالهم وأحلامهم، فأصبح يستيقظ الفرد فجأة على أصوات ضربات النيران في بلدته، أو تغيير السياسات، فبدلًا من أن تقوم الرأسمالية -مثلما بدأت في أول الأمر- لتحرير السوق وخدمة الفرد، أصبحت هي الطرف الأكبر في استعبادها ودورانه في عجلة لا تَفْتُر، الأمر لا يتوقف عند خلق الأزمات فحسب، بل حتى استغلال الكوارث الطبيعية وتسيسها من أجل مصالح الكيانات الكبرى.

صناعة الكوارث بيد خبير

لقد أصيب العالم بالجنون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، اقتصادات هُدِمَت وأخرى ارتفعت وأسواق أخرى أصابها الكساد فأدَّى إلى تقوضها ولم تَعُدْ تَجِدُ لها المصارف أو المستهلك الذي يسعى وراءها، وصناعات أخرى لم تَجِدْ لها أسواقًا سوى الحروب والدمار، فاتجهت الكيانات الكبرى لصناعة الكوارث والدمار من أجل الترويج لمنتجاتهم، أو انتعاش اقتصاداتهم على حساب الشعوب الأخرى، فالمحرِّك الرئيسي دائمًا هو الوحش المالي، بل هو الأوراق الرابحة ولا شيء سواه، حتى الإنسانية أصبح لها غطاء آخر، ففي السنوات الأخيرة كثرت الحروب والدمار، والتدخل المُقنّع من دول وكيانات في دول أخر، وازدهرت شعوب على حساب اضمحلال شعوب أخرى.في التاريخ الأخير للأوبئة التي ضربت العالم في العشرين سنة الأخيرة، لم يتحرك العالم -في وباء مثل الإيبولا مثلًا -نفس تحركه تجاه إنفلونزا الطيور أو الخنازير أو حتى كورونا، على الرغم من كونه وباء قاتِلا أيضًا.فقط لأنه ضرب القارات السمراء والبلاد الفقيرة فكان بعيدًا عن العالم المتحضر مثلما هاجمته الكورونا التي بدأت بأكبر الكيانات في العالم "الصين" ثم اتجهت إلى الدول الأخرى وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، مما جعل أصابع الاتهام تتجه إلى إمبراطوريات صناعة الدواء في العالم، واتهامها بالتقاعس عن إيجاد علاج لفيروس إيبولا، فلم تتحرك إلا حينما اتسعت رقعة المصابين وقاربت على الانتشار إلى دول أخرى.في وثائقي (صناعة الوباء) صرح دكتور"غاري كوبينغر" (عالِم الأوبئة- مُكْتشِف لقاح إيبولا) بقوله:
لم ينظر للقاح على أنه قادر على جمع تكاليف تطويره وإنتاجه فمن الناحية الاقتصادية كان من الصعب جِدًّا إقناع الشركات بأهميته.
في نفس الوثائقي ذكر الطبيب "توم جيفرسون" الذي كشف حقيقة أن عقار التاميفلو الذي تم الترويج له على أنه العلاج الوحيد لأنفلونزا الخنازيرلا يستند إلى أي تجارب تؤكد أنه يعالج المضاعفات للأنفلونزا مثل التهاب الشعب الهوائية أو الموت، في هذا الشأن صرحت "رايتشل كوبر" مديرة الصحة في منظمة الشفافية الدولية، أنه بعد أربع سنوات اكتشف أن التاميفلو لا يفعل أكثر مما يفعله البارستيمول!والأمثلة لا تتوقف هنا فحسب بل امتدت إلى ما هو أكبر فمن حروب مفتعلة، وثورات وهدم دول، فقط من أجل تمرير سياسات يمكنها أن تسهم في ربح الكيانات الكبرى المسيطرة فحسب لا أكثر من ذلك، الأمر الذي يدفعنا لتدقيق النظر فيما حولنا أكثر من ذلك.

الاستفادة من الكوارث (حيث يتوحد هدف العمالقة والصغار)

هو شيء تلمسه بنفسك، هل شاهدت المتجر المجاور لك وهو يرفع لافتة، لا منظفات هنا بينما هو يمتلك مخزنًا كاملًا فقط من أجل رفع السعرـ فتندفع طالبًا أيّ كمية بأي ثمن فقط لتحصل على القليل منه؟تلك التجارة يشترك فيها جميع من يمكنه الاستغلال، تتساوى الكيانات العملاقة، والمحال التجارية الصغيرة على أوّل شارعك، كل مَن لا يهتم سوى بالربح حتى لو كان على حساب رقاب العباد.بَدَأَ الأمر حينما أعلنت منظمة الصحة العالمية كورونا كجائحة، الأمر الذي جعل الناس يهرعون إلى المتاجر لشراء احتياجاتهم بل وما يفيض عنها أيضًا، لقد كان الأمر يشبه أعراض الهستيريا الجماعية، امتلأت المتاجر بالناس، من يملئون عربات تسوقهم بما يحتاجون إليه وما يفيض عن حاجاتهم من طعام أو منظفات، التجار في تلك الحالة يمكنهم الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ فلا أحد ينظر الآن للجَوْدة مقارنة بالسعر، إنه فقط يسعى لامتلاك ما يمكنه امتلاكه، ما يمكنه حمايته، لقد كان صراعًا يشبه صراع البقاء، لا تصبّ تلك الحالة في مصلحة أصحاب المتاجر فحسب بل في مصلحة آخر شركة مصنعة.كما أن بعض الشركات الآن تستخدم السوشيال ميديا من أجل ترويج الإشاعات التي تصب في مصالحها، ومن أجل أن تبيع سلعها وأن تنتج المزيد منها: فعلى الرغم من توصيات منظمة الصحة العالمية التي تقول بأن نكتفي بالصابون والماء من أجل غسل الأيدي، تمّ الترويج للكحول لتنظيف الأيدي الأمر الذي اقتضى أن يستخدمه الناس في المنازل، لأنهم يشعرون بأنهم مهددون وأن الصابون لن يكفي لحمايتهم.وحينما شُدِّد على استخدام الكمامات في الأماكن العامة، وتضاربت الأقوال بشأن الكمامات القطنية بلا عازل، قامت شركة بصناعة كمامات قماشية بل وقامت بالترويج لها عبر وسائل الأعلام المختلفة وهو الأمر الذي لاقى الكثير من الترحيب والهجوم، لوجود بعد الدراسات التي تفيد بأن الكمامة القطنية تعمل كبيئة مناسبة للكثير من الفيروسات.

كيف تقتلنا الأزمات؟

تتعامل الكيانات الكبرى مع موظفيها كشيء يمكن استبداله أو الاستغناء عنه، أو يمكن إيجاد البديل عنه في أي وقت وتحت أي ظرف، لذلك حينما تعصف الأزمات بالشركات، أول من تضحي بهم هم الموظفون، أولئك الذين يفنون أعمارهم في تلك الشركات لتزدهر، لكن الرأسمالية لا ترحم والإنسان تُرْس في عجلة إذا أصابه عطل على الفور يتم استبداله، وإذا أصبح ثقلًا -ولو لمدة بسيطة- يتم الاستغناء عنه.في هذا الوقت الذي لا تغامر بتوظيف أناس جدد، تترك الشركات موظفيها وتستغني عن خدماتهم مثل شركة "كريم للتوصيل" والتي استغنت عن موظفيها في خطاب عاطفي حشد المشاعر وتم الترويج له على السوشيال ميديا فعمل كدعاية. كما أن هناك الكثير من الشركات التي رفضت الحظر الكلي حتى لا تتضرر أرباحها، والبعض الآخر خفّض رواتب العاملين به تحججًا بالأزمة.بينما نعاين تلك الأخبار المخيفة، كُلٌّ يضَعُ مستقبله على يديه ويمشي مترقِّبًا، يبزغ خَبَرٌ يمكننا أن نصفه بالخبر المضحك المبكي، فقد قضت محكمة سويسرية بأن تلزم تلك الشركات التي نقلت عملها إلى المنزل عليها أن تدفع لموظفيها بدلًا لأنهم يستخدمون الكهرباء في بيوتهم؛ لأنها وفَّرت الكثير من تكاليف التشغيل حيث لم يحضر موظفوها إلى مقرات العمل.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..