Loading Offers..
100 100 100

متى نعيش الحياة التي نريدها؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

استيقظت في احدى الصباحات مثقلة و متعبة، كان عليّ الإسراع للالتحاق بالحافلة، صليت و نسيت ان أدعو الله بعد صلاتي، شربت قهوتي باردة و انا واقفة، ارتديت ملابسي على عجالة و نسيت شالي، و لم أتذكره الا بعد أن لفحني البرد عندما خرجت، كانت الحافلة على وشك المغادرة، اضطررت للجري و كأني في سباق ماراثون حتى ألحق بها، وصلت للمحطة متأخرة و صرت أسير مسرعة لأُدرك التقرير الصباحي في المشفى،كان هذا وصفًا ليومٍ عادي من أيامي، و كل ما حدث فيه كان يتكرر يوميًا، لكنني في احدى الصباحات نظرت الى كل هذا و تساءلت:
هل هذه هي الحياة التي كنت أطمح لها؟
درست 6 سنوات في الجامعة و لم أستطع العيش بالطريقة التي أريد، و كنت أعتقد أن السبب هو الدراسة و كثافة الدروس، ثم أتت سنة التربص، و عرفت حينها عن يقين، أن المشكلة لا تكمن في الدراسة بل فيّ أنا بالذات و كيف أُسيّر حياتي و كيف أراها من الأساس.6 سنوات من الانتظار، و محاولة مواساة نفسي أن ما أريده آت، إلا أنه لم يأتي، فهمت حينها حقيقة كونية أن ما أريده لا يمكنه القدوم إذا لم أذهب أنا إليه.هذه السنوات من الجرّي المتواصل، جعلتني أفهم أمرًا بالغ الأهمية، أن الهدف الحقيقي ليس الحصول على شهادة ثم وظيفة مرموقة ثم مدخول جيد، ثم بيت و سيارة. لكن امتلاك حياة، بمعنى أدق: أسلوب حياة يريحني بالطريقة التي أراها مناسبة، أن أمارس ما يسعدني، و أن أعمل في الوظيفة التي تعجبني، و أن أقرأ ما يعجبني، و أزور أماكن تعجبني، و أن أبقى مع أناس يعجبونني .لن يهمني حينها إن كنت أذهب بسيارتي الخاصة أو استخدم وسائل المواصلات العامة لأصل الى عملي، إذا ما كان هذا العمل حقًا يعجبني و أنا سعيدة بممارسته فتبقى السيارة مجرّد وسيلة لا أكثر.عرفت بعد تجربتي هذه أننا نخلط بين الأهداف و بين الوسائل التي تحقق لنا الأهداف.. هكذا صور لنا المجتمع: أن هدفنا هو الحصول على حياة الرفاهية و لخصها في سيارة جميلة و بيت كبير و وظيفة بمدخول كبير، و هي نظرة خاطئة تمامًا!الحياة التي نريدها و تسعدنا قد تكون بعيدة كل البعد عن كل ما سبق ذكره، فإن كنت امتلك بيتًا كبيرًا و لست سعيدة فيه، فما قيمته؟! وإن كانت وظيفتي تحقق لي مدخولًا كبيرًا و هي لا تعجبني و تأخذ الكثير من وقتي و جهدي و لا تجعلني استمتع بحياتي، فلماذا أقيّد نفسي بها؟ وإن امتلكت سيارة جميلة و فخمة إلا أنني كلما ركبتها تساءلت متى أقودها الى الوجهة التي أريدها متى ما أردت، فما نفع فخامتها؟

نخوض حياتنا و نحن نحوم حولها و لا نعيشها حقًا، لأننا لا نعرف كيف نعيشها.

في اليوم الذي تساءلت فيه عن معنى الحياة التي أعيشها، و إلى أين ستأخذني، عرفت أنها لن تأخذني إلى أي مكان إن بقيت ذات الشخص. و الحقيقة أن ما جعلني أفكر في الأمر بجديّة، هو أنني كنت على يقين من كوني أعيش أكثر أيامي حرية، فلم تكن لدّي مسؤوليات كبيرة، ولا عائلة أفكر فيها، ولا ديون ولا مشاريع. باختصار، كانت حياتي بسيطة و كنت مسؤولة عن نفسي فقط. تساءلت هل كنت أنتظر أن تتراكم علي تلك المسؤوليات الجسام لأقرر عيش الحياة التي أريدها؟!وجدت أنني كنت أفكر بطريقة غريبة و.. غبية، لكن هكذا صور لنا العالم و المجتمع الحياة و كنت اتبع تلك النظرة بطريقة عمياء.كنت قد استنتجت قبل مدّة، أنه علينا استغلال الفترة الجامعية للحصول على تدريبات و مواهب، و شهادات عدا الشهادة الجامعية الأساسية التي سنتخرج بها من الجامعة، بحيث تساعدنا قلة المسؤوليات في هذه الفترة على تحقيق ذلك، لكنني لم ألحظ أنها الفترة التي علينا خلق أسلوب الحياة الذي نريد العيش به باقي حياتنا، لأن اكتشاف الأسلوب الذي يناسبنا و تحقيقه هو ما يجعلنا سعداء.يمكنني القول بعد كل هذا أن مفهوم السعادة مطموس، و أنه عليك أيضًا أن تفكر في سعادتك و كيف تحققها بمنطقية.

بعض النصائح التي قد تساعدك (من وحيّ تجربتي الشخصية)

اكتشف نفسك

حاول أن تعرف ما تريده، ما يجعلك سعيدًا، قد تكون عادة غريبة كتقطيع الخشب أو صنع أشكال بالعجين، لا يهم انظر داخلك و اعرف ما الأشياء التي تسعدك، ستجد أنها أشياء بسيطة لا تتطلب الانتظار كل تلك السنوات لفعلها، بل لو لم تكتشفها الآن فمن الممكن أن تضيع سعادتك في فوضى العمل و البحث عن الماديات.

اكتشف الروتين الذي يناسبك

هل أنت كائن صباحي أم مسائي؟ حاول ان تكتشف ذلك.. لا تتبع مبدأ "هذا ما أعيشه و السلام"، حاول أن تعرف متى تفضّل العمل و متى تفضّل الراحة و متى تفضّل قراءة كتاب و متى تحب ممارس رياضة أو حرفة ما.رتب ما تحبه في جدول يومك و اجعل جدولك مرنًا تُغيّره على حسب ما تراه مناسبًا كل يوم، كن ذكيًا في خلق أسلوب الحياة الذي تريده.

تقبّل التغيير

تجرّد من ذاتك القديمة و عادتها القديمة و حاول أن تقبل عاداتك الجديدة، ستشعر بالنشوة في بداية ممارستك لعادة جديدة، ثم تبدأ صعوبتها تتجلى في الالتزام بها، لكن عليك فهم أن ذاك التحدي اليومي أو الأسبوعي هو ما يجعلها ممتعة، و أنه يتوجب عليك التغلب على نفسك الأمارة بالسوء و التي تصوّر لك الحياة التي كنت تعيشها بكونها أسهل من الحياة التي أنت تحياها الآن مع هذه العادات الجديدة، عليك ألا تنسى دائمًا الهدف من خلق هذه العادات، وعليك دائمًا ان تهنأ نفسك لاكتشافك ما يسعدك و أن الله منّ عليك بفضله لتعيش هذه الأيام.

اربط العادة بالعبادة

قد يبدو الأمر غريبًا، لكن صدقني لقد كانت نقطة عجيبة في حياتي.قررت أن اقرأ وردًا من القرآن بشكل يومي، كنت أتقاعس من قبل في فعلها فكانت تمرّ أيام دون ان ألمس المصحف، و كنت أتحجج بكثرة الانشغال.مؤخرًا حددت وقتًا محددًا لقراءة القرآن والزمت نفسي بوقتٍ محدد، و هي الساعة الأولى التي تليّ استيقاظي، بعد تأدية الصلاة كنت أحمل المصحف و اقرأ وردي.ثم أبدأ يومي، ولأن الحياة ليست مثالية -و لذلك أخبرتك قبل قليل أن تفكر بمرونة في التخطيط ليومك- كانت تأتي أيام مُرهقة فلا أقوم بممارسة ما أريده لانشغالي الشديد، لكني كنت أحافظ على الورد، ذلك الورد كان دائمًا يذكرني أنني قد حصلت على بركة اليوم، و أن الغدّ سيكون أفضل، القوة الإيمانية التي جعلتني أسعد بتحقيق (ولو أمر واحد) يسعدني كانت تجعلني في آخر اليوم أشعر أنني حققت أمرًا بالغ الأهمية، وكان ذلك يخلق شعورًا بالامتنان يغمرني و يسعدني.

التجديد

نحن نكتشف أشياء جديدة و ممارسات جديدة بشكل يومي، جدّد حياتك و اجعلها امتع بذلك التجديد. تعلم مهارات جديدة وستجعل فكرك يتجدد، التعرف على اشخاص جدد يجعلونك ترى الحياة بنظرة مختلفة، كل هذا سيساعدك على التغلب على السقوط في الروتين الممل وهكذا .تابع أشخاصا ايجابيينأتابع منذ مدة بعض المدونين و صانعي المحتوى الذين يشاركوننا تجاربهم في الحياة، كتب جديدة قرأوها، عادات جديدة اكتسبوها، إن متابعة هؤلاء ساعدتني على مواصلة البحث عن سعادتي، وجعلتني أدخل دائرة الإنتاج التي كانت تشعرني بالسعادة.الاحتكاك بأشخاص يعرفون قيمة العادات اليومية كان يشعرني بأنني لست وحيدة في كلّ هذا، و أنني أتشارك مع الكثيرين ما أفعله من عادات الكتابة، قراءة الكتب، ممارسة الرياضة، تعلم الجديد و محاولة اكتشاف الفريد باستمرار. و الجميل أننا كنّا نتشارك تحديات نرفعها لنرى النتائج، كتحدي 30 يوم من كتابة 1000 كلمة الذي أتشاركه مع المدون و صانع المحتوى علي عبدال.إن هذه العادات و الممارسات البسيطة في ظاهرها و العميقة في مضمونها، جعلتني أتيقن أن الحياة السعيدة بسيطة و يمكن توفيرها بأشياء بسيطة، و أن إتباع نهج المادية لن يوصلني الى ما أريد. فتوفير مداخيل تساعدني على العيش برفاهية، هي ليست هدفًا صحيحًا، وإنما أن أكتفي بالمداخيل التي تساعدني على عيش الحياة التي أريدها، والتي تشمل العمل في عمل ممتع، العيش مع أشخاص أحبهم، و ممارسة عادات تسعدني رغم غرابتها.مع كل هذا، لا زلت أكتشف أسلوب الحياة الذي أريده و مازالت أحاول، و أنت أيضًا عليك أن تبدأ في التفكير في الحياة التي تريدها.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..