Loading Offers..
100 100 100

(دَولةٌ) بأكمَلِها لم تستطع النهوض والسبب (شجرة) 

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

نعم! وللأسف، دولة عظيمة جغرافيًّا وتاريخيًّا وحضاريًّا تصبح عاجزة عن النهوض والتطور ومواكبة العصر بسبب شجرة خبيثة مغروسة في معظم أراضيها، وعدد لا يقدر من أسواقها التي تباع فيها بأسعارها المختلفة (باهظة الثمن التي من الممكن أن تساوي راتب فرد من المجتمع، وأسعار رديئة يمكن أن يمتلكها الفقير وحتى المتسوّل في الشارع)

إنها (شجرة القات) السمّ القاتل للفكر والنهوض والتحضر ومواكبة العصر، السمّ الزّعاف لكل المواهب الموجودة في بلدي (اليمن)، قد يراني البعض أبالغ في وصفها بالسُمٍّ ولكني أراها بهذه النظرة لما رأيت ماذا جلبت من ورائها،  وكم جعلت من معظم الشعب كالقطيع خلف ثعالب ومتغطرسين يستغلون سذاجة وتخلف هذا الشعب المخدَّر بهذه الآفة التي ومنذ مئات السنين لم نستطع التخلص منها، وكأنها لعنة حلَّت علينا وتُلازِمنا طيلة حياتنا وحياة أجيال قادمة، إلّا من رَحِمَ ربي والأقلية منهم من الواعِين والمثقفين، الذين حاولوا كثيرًا ومازالوا يقومون بتوعية المجتمع لترك هذه الشجرة، وهم قليلون جدًّا ويعملون طواعيةً، آملة أن يكون الله بعونهم ويثمرون ولو بنسبة ضئيلة لتوصيل هذه الفكرة ولو في نفوس الأقلية من المجتمع.

وسأعطي نبذة منها في بعض نقاط مهمة جدًّا لأيّ دولة أخرى تهتم بهذه النقاط، ولكم الحكم أعزائي فيما إذا كنت مُحِقّة في طرح هذا العنوان الذي قد يكون فظًّا من الوهلة الأولى للقارئ، ومنها:

سياحيًّا

إليكم قصة زميلة لي في العمل ليست يمنية وحكت لي قصتها، حيث أتت أول مرة لليمن هي وزوجها من سوريا، (كالعادة) في مجتمعنا يبدأ وقت – التخزينة- كما هو معروف بالقات من بعد الظهر أيْ من بعد الغداء، وللأسف ترى المُخزِّنين يمضغون القات ويملؤون أفواههم بها باليمين أو اليسار بحيث تصبح كاللقمة الكبيرة داخل أفواههم دون ابتلاعها، يستخلصون منها ماءها فقط -وليس ابتلاعها كلها- فحينما وصلت هي وزوجها مطار صنعاء وخرجوا للبحث عن تاكسي لإيصالهم رأت زميلتي رجالًا يمضغون القات وهي لا تعلم لماذا أفواههم جميعًا بنفس الشكل، ففزعت وهمست بأذن زوجها (ما هذا لماذا هؤلاء الناس هكذا؟ أهذا مرض أو وباء) ففعلًا صُعِقت من هول المنظر.

وقالت: ما هذا التخلف أنه شيء مقرف.! فمن الطبيعي أن تفزع فأغلب الرجال في الشوارع بنفس هذا المنظر وهو شيء غريب لأي أحد قادم من الخارج. أنا ضحكت أمامها ثم صَمَتُّ، فماذا أقول؟ وأنا في داخلي نار تستعر وخِزْيٌ لما سمعته عن بلادي ووطني الذي طالما حلمت أن يصبح أفضل البلدان، كأيّ شاب وشابة يطمح في تطوير بلده.  فها هي أحد النقاط (سياحيًّا) التي لن تتطور فيها هذه البلاد لطالما تزرع فيها هذه الشجرة الخبيثة، التي جعلت من شعبها مصدر سخرية واستهزاء من قِبَل الوافدين من الخارج.

اقتصاديًّا

فمعظم الأراضي اليمنية بنسبة (70٪) تزرع فيها هذه الشجرة الخبيثة، لما تحققه من أرباح في المبيعات، فبعض المزارعين اللذين كانوا يزرعون المانجو والبُنّ والتفاح، اقتلعوا هذه الأشجار وزرعوا مكانها شجرة القات، لأنهم رأوا كغيرهم مدى الإقبال على هذه الشجرة مقارنة بغيرها من الخضر والفواكه.

نعم.. أعزائي.. شجرة القات قتلت كل شيء من المزروعات التي تنمي البلاد اقتصاديًّا وصناعيًّا، أصبحت مصدر رزق لكل من زرعها ومن باعها ومن رَوَّج لها، أصبحت شيئا ضروريًّا في كل المناسبات، سواء كان احتفالا أو عزاء أو تجمعا أو حتى على المستوى التعليمي، أصبح الطالب لا يستطيع المذاكرة إلا إذا أخذ بعض أعواد من القات، وأصبح المدرس لا يصحح أوراقه إلا إذا خزَّن القات، وأصبح المزارع لا يقطف أوراقه إلا وأخذ يملأ فمه بالقات، وأصبح السائق والبائع والمتسول والمجنون جميعهم يمضغون القات.

اجتماعيًّا

أصبح المجتمع لا يستطيع التخلص من هذه الشجرة وكأنها أصبحت جزءًا من التقاليد، فمثلا زميل أو صديق يعزم شخصًا آخر فيقول له: تعال نتغدى ونخزِّن سويًّا، الرجال في مجالسهم يخزِّنون بالقات، والنساء أصبحت تجمعاتهم أيضا بالقات، فلا عجب أيضا إن جاء طفل صغير بجانب عمه أو خاله فيعطيه عود قات ويقول له خزّن، وكأنه بذلك يميِّزه.

نفسيًّا

هل تعملون أن أكبر نسبة للأَمراض النفسية والمختلِّين عقليًّا هم في اليمن؟ لا تستغربوا حقيقة ما أقوله.. فمن زار منكم أو سمع عما يحدث في اليمن فسيقول فعلا إنها كذلك. هل تعلمون أنني فقط حينما كنت أذهب من بيتي إلى الجامعة والمسافة كانت طويلة جدًّا، حيث كنت أُقِلّ ثَلاثَ حافِلات إلى الجامعة لمدة (45) دقيقة، ففي خلال مشواري هذا لا بد من أن أرى على الأقل (3) ممن هم مُختلُّون عقليًّا في الشوارع، وممن يحدثون أنفسهم ومنهم بالكاد بعض الخرق تغطي أجسادهم،  هل تعلمون لماذا؟

إنه القات يا سادة! نعم، إن من يتناول القات يتخدَّر ويدخل في خيالات كثيرة وتزيد أفكاره ويزيد حديثه وثرثرته، وهذا شيء متعارَف في مجالس القات حتى من يتحدث بمشاريع وخطط بمجرد أن يفسخ القات يقولون كانت تخديرة قات، ومنهم من يتخدّر تمامًا لا يستطيع التحدث حتى تكون عيناه مفتوحتين بشِدة ويمضغ قاته وهو ملازم صمته، ولكن تفكيره يذهب إلى عدة اتجاهات وخطط وتصل إلى الشكوك والأمراض النفسية.

إليكم قصة رجل من معارفنا كان ملتزمًا في صلاته، محترمًا جدًّا، كان لا يترك صلاة الجماعة في المسجد أبدًا، وتزوج ورزقه الله بالأطفال ولكن ساءت حالته ومرض مرضًا نفسيًّا كما وصفها بعض الأطباء، وكانوا يحاولون علاجه ومن شروط العلاج الذي كان يصفونه له أن يترك القات كي يستعيد عافيته، وفعلًا كان يترك القات لفترة ويأخذ علاجه إلى أن يقترب بالتحسن ويعود مرة أخرى للقات، وتسوء حالته مره أخرى ويذهب مرة أخرى للعلاج تاركًا القات، حتى يتحسن قليلًا ويعود للقات حتى أصيب بالجنون وتساقطت أسنانه وشاب شَعْره وهو مازال في سن الشباب، ولديه أطفال خَلْفه وزوجة تحاول أن تعول أطفالها الصغار، فتخيّلوا كَمْ هي سيئة ومحزنة وقاتلة هذه الشجرة.!

فكيف لهذه الدولة أن تتطور إذا كانت لا تستطيع السيطرة على هذه الآفة التي فتكت بالاقتصاد، والزراعة، والسياحة، وحتى الصناعة كيف ستتطور صناعيًّا إذا كان لا يوجد ما تعمل لأجله المصانع،  سوى تلك الأعداد البسيطة المتواجدة حاليا لصناعة القرطاسيات واللبن الزبادي الذي بالكاد ينتج.

استدامة التخلف بسبب شجرة

إن ما يمر بالمجتمع اليمني من أزمات وفَقْر مُدْقِع وإدمان القات، كلها أسباب جعلت الشعب يعيش في حالة ركود مستمرّ بسبب عدم دفع الرواتب، وانعدام أبسط أسس المعيشة، وأصبح الناس بالكاد يبحثون عن لقمة العيش (باليومية) تاركين السعي للتقدم العلمي والتكنولوجي خلف ظهورهم، وصار الحال: (سأحصل على يوميتي وتخزينتي فماذا أريد أكثر؟).

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..