Loading Offers..
100 100 100

هل لدينا ثقافة التعامل مع الأزمات؟ (الكورونا أنموذجًا)

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

كورونا ذلك الكابوس الذي استيقظ العالم على وقعه أواخر العام المنصرم واستمر يزاحمنا في منامنا حتى اليوم، من كان يصدق أن فيروسًا لا يُرى بالعين المجردة يمكنه أن يهزّ عرش العالم، وأن يكشف أقنعة مستورة! هذا الفيروس بما  أنه مستجد، وشرس وفاتك كما أنه شديد وسريع العدوى، وأعراضه مختلفة وما زالت تحت الدراسة والإحصاء، ولا يوجد له علاج ولا لقاح فهو جائحة أرعبت العالم. فكلها عوامل خطورة جعلت اهتمام العالم به أولوية عبر إجراءات غير مسبوقة

هل كنا جاهزين له؟

لا لم نكن. ولا لأحد من إخوته من الفيروسات الأخرى، هنا لا أعني بالسؤال الممارسين للطب داخل المختبرات الغارقين في حماية أنفسهم بالنظارات السميكة، وأقنعة الوقاية والمنغمسين في دراستهم حتى النخاع.. لا أقصدهم، فهؤلاء حياتهم دراسات وعلم ولا يعيشون مثل ظروفنا العادية، ولكن أقصد أنفسنا ن-حن العوامّ- من ننام ونصحو ونظن أن غدًا سيكون أكثر أمانًا من اليوم ودائمًا سيكون كذلك، وأنه لن يوجد من يستطيع أن يُغيّر مجرى حياتنا وروتينها اليومي جبلًا كان أو فيروسًا، وأن اختبارات الله وابتلاءاته ستَمَسّ آخرين لا نعني لهم شيئًا وهم كذلك. وأننا لن نصحو ذات صباح نتألم لرؤية صاحب أو قريب يصارع أعراض هذا المرض أمام أعيننا ولا نملك سوى البعد عنه.

أين تكمن حكمة الابتلاء؟

تكمن الحكمة في إثبات حقيقة أننا ضعفاء لا نملك من أمرنا إلا ما أراده الله لنا، وأننا تحت رحمته التي نرجوها دومًا. وأنه علينا اللجوء إليه حين نعجز عن احتواء وتسيير حياتنا، وأننا مهما كبرت عقولنا أو أجسامنا يمكن لهذا الفيروس هزيمتنا ووضعنا تحت جبروته، وأن هذا يستوجب تجهيز تفكيرنا دائما لمثل هذه المواقف بالآتي:

توعية المجتمع

كثير من المجتمعات باتت غير مستوعبة أنها يمكن أن تضعف أمامه وتكون هدفًا له، بل البعض قابله بالسخرية، والبعض صَعُبَ عليه الحَجْر المنزلي، وهناك من كانت مشاكله الصحية أكبر ما جعله يستهين بالفيروس ومضاعفاته، وكثيرون عرَّضُوا أنفسهم ومن حولهم للإصابة ورفض الحَجْر، وعدم التقيد بالإجراءات الوقائية بسبب جهلهم به وكانت النتائج كارثية، والخلاصة أن الجميع كان بعيدًا عن فكرة البروتوكولات والإجراءات المفترض اتباعها في مثل هذه الظروف.

امتلاك ثقافة الأزمات

لاحظت أن الإعلام أسرف كثيرًا في التوعية واضطر للطَّرْق المكثف والمتنوع ليوضح للجمهور ما هو هذا المرض وكيفية التحرز منه، مما أرهق هذه الأجهزة من كافة الجوانب، و هذا هو الذي جعلنا نكتشف أن ثقافة التعامل مع الأزمات غائبة عن تفكيرنا، لأننا حين نمتلكها  فهي ستحمينا من الارتباك والفوضى اللذان أصابا دولًا قوية مثل أمريكا وإيطاليا، وأسبانيا، وستجنبنا التصنيف ضمن الدول الضعيفة صحيًّا مثل الإكوادور وغيرها تلك التي زادها الفيروس ضعفًا.

مقارنة بين  اليابان وإيطاليا

اليابان كان لديها موسم "هانامي" أو تأمل زهور الكرز، وهو مهرجان مهم اقتصاديًّا وثقافيًّا لليابان. ويُعَدًّ مكان وزمان التقاء العوائل والأصدقاء بين أشجار الكرز في بهجة ومتعة افتقدوها هذا العام؛ لأنهم بكل حكمة ألغوه بسبب فيروس كورونا، وهو القرار الأكثر حكمة إذا وضعناه بجانب ما حدث في إيطاليا بسبب المباراة الكارثية والتي أقيمت في اليوم التالي لاكتشاف أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، أي أقيمت يوم ١٩ فبراير ٢٠٢٠م في مدينة وحضرها (٤٠) ألف شخص في إستاد واحد.هذه المباراة جعلت من إيطاليا بؤرة كبيرة للمرض أضف إلى ذلك أن اليابان تمتلك نظامًا صحيًّا قويًّا ومتطورًا بينما إيطاليا تتميز بالتلاحم الأسري وممارسة الطقوس العائلية الحميمة خاصة التي تتعلق بكبار السن، وهنا من المفترض أن يكون هذان السببان كافِيَيْنِ لجعلها من الدول الأكثر تميزًا ببروتكول صحي أكثر متانة، ويتناسب مع هذه الفئة، لذلك كان الفارق كبيرًا في نسبة انتشار المرض ونسبة الوفيات.الخلاصة أن الحكمة والوعي وعدم التعامل بالعواطف وضبط السلوك المجتمعي وتقيده بالشروط الاحترازية أثناء الأزمات يعتبر جزءًا من ثقافة التعامل مع الأزمات.

الاهتمام الكبير بالوقاية عن طريق الممارسات الصحية

فيما يتعلق بالحماية الشخصية ثم حماية المجتمع بمنع التجمعات بكافة أشكالها  ومناسباتها يعتبر -أيضًا- مؤشرًا لامتلاكنا هذه الثقافة.

إذكاء روح الوطنية

كما أن محاولة بَثّ روح الوطنية للوقوف بجانب الوطن في صدِّه للوباء ونشر روح الاطمئنان العام، والحثّ على اتباع الإرشادات الطبية، ورفع مستوى الكارثة إلى كونها تهديدًا لأمن الوطن الصحيّ ومِن ثَمَّ القومي، والتأكيد على التلاحم الوطني ورفع مؤشر الاهتمام بها كقضية الوطن الأولى، بما يشكل التفاف ووحدة الشعب حول حكومته؛ ليكون سدًّا منيعًا ضدّ المخالفات وضد الشائعات التي تهزّ ثقة المواطن في حكومته، بل وجعله مشاركًا في التبليغ عن المخالفات.

النظر في  الوضع الإقليمي

الاهتمام بحال دول الجوار يمنح المتابعة واكتشاف الحلول الخفية مبكرًا لكل الأضرار الاقتصادية جرَّاء وقف معظم النشاطات بسبب الفيروس؛ لأن الملاحَظ أن جميع الإجراءات التي تمَّت كان يتم تنفيذها بعد ظهور الحاجة لها، ولم تكن في الغالب مُجهَّزة من قبل.

كيف نستعد لأزمة ما؟

الانتباه لنوعية هذه الأزمة، سواء كانت فيروسًا، أو انفجار مفاعل نووي، أو وباء، أو انتشار نوع مُعيَّن من الجرائم، أو حتى كارثة تقنية نتجت عن خللٍ ما... إلخ من الكوارث.الوضوح والشفافية: مؤكَّد مهم جدًّا التعامل بكل الوضوح والشفافية والإفصاح عن طبيعة الكارثة، ومدى خطورتها، وأسوأ السيناريوهات المتوقعة في حال عدم التقيد بالإجراءات الاحترازية المطلوبة ومحاولة نشر ايجابيات التقيد بها، وعرض ما تم تقديمه من خدمات والتنوير بكل إحصائيات الإصابات والشفاء.مراجعة البنية التقنية: على  جميع أجهزة الدولة مراجعة البنية التقنية جنبًا إلى جنب مع البنية التحتية وجعلها في أعلى درجات الاستعداد لكل ظروف العمل عن بُعد، وكلّ أشكال الإسعاف الميداني، والتثقيف الصحي.متابعة المستجدات: توقع أسوأ سيناريوهات الكوارث في العالم والاستعداد لها، متابعة حالة الدول المحيطة بك والتنسيق الصحي واللوجستي والإعلامي معها، وأكيد متابعة الجديد علميًا ومراقبة الدول المتأثرة بشدة من المرض حتى لا نَصِلَ لمراحلها، بثّ روح التفاؤل والإيجابية. والتأكيد على إمكانية السيطرة على الوضع في حال تعاون الجميع، والانتباه إلى أن العالم قبل كورونا ليس هو العالم بعدها.

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..