لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
بعد عودة الحياة الطبيعية في عدّة دول عربية مثل السعودية ومصر، هل تعلم ما سأفتقده من فترة الحظر؟ الشعور بالملل!لا، أنا لا أمزح.“أشعر بالملل” هي مجرد عبارة صغيرة وبسيطة، ولكن لديها قدرة عجيبة على شحن الآباء والأمهات بمشاعر الفزع والإزعاج والذنب. حين يشعر الطفل بالملل، فلا بد أن والديه فشلا في إشغاله بنشاط مفيد.ذلك على الرغم من إيمان الكثيرين أن (المملين يُشعرون غيرهم بالملل)، لكن ماذا لو أخبرتك أنه يُفترض بنا -وأطفالنا- اختبار شعور الملل عوضًا عن محاولة التخلص منه كل مرة؟مصيبة: حين لا يشعر الطفل بالملل!
إذا لم تضع أطفالك في مواجهة الملل مبكرًا، فسيواجهونه في أول لقاء لهم مع الواقع: المدرسة .دعنا نواجه الأمر، مَن مِنا لم يشعر بالسأم خلال مرحلة الدراسة؟ لا أحد! وهذا طبيعي لأن وظيفة المعلم/المعلمة لا تتضمن ترفيه طلابهم للترفيه على حساب تعليمهم.في رواية “Where’d You Go, Bernadette” للكاتبة ماريا سمبل (Maria Semple) تقول الأم لابنتها“تقولين أنكِ تشعرين بالملل. دعيني إذًا اُطلعكِ على سر صغير عن الحياة. هل تعتقدين أنها مملة الآن؟ حسنًا، في الواقع، ستزداد حياتك مللًا مع الوقت. لذا كلما تعلمتِ أن تجعلي الحياة مثيرة للاهتمام أسرع، كنتِ أفضل حالًا”.
كيف تعامل البرجوازيون مع الملل؟
تقبّل الناس سابقًا فكرة أن معظم الحياة مملة. تزخّر مذكرات ما قبل القرن الحادي والعشرين بالملل! في ذلك الوقت، كان أفراد الطبقة البرجوازية يقضون جُلّ يومهم يرسمون، ماذا لو انقطع الإلهام؟ حينها.. كانوا يعمدون للمشي -أو للسير بسياراتهم- لمسافات طويلة للتحديق في .. الأشجار!أما بقية الشعب -ممن اضطروا للعمل- فكان الأمر أصعب بالنسبة لهم. فغالبًا ما كانت الوظائف الزراعية والصناعية مملة؛ وقلة من الأشخاص من كانوا يتوقعون أن تمنحهم وظائفهم شعورًا بالسعادة. تآلف أطفالهم وأحفادهم -ولعقود- مع هذه الفكرة منذ سن مبكرة، لذا، لم يكن من المستغرب أن يُتركوا بصُحبة أرفف الكتب وفروع الأشجار، وفي وقت لاحق، للتلفاز الشرير ببرامجه المحدودة![مابعد كورونا العالم مُقبل على نظام جديد ومُجتمع جَديد]في مقابلة مع مجلة GQ، عزا الممثل والمغني الأمريكي (لين مانويل ميراندا/Lin-Manuel Miranda) فضل الإلهام -الذي تلقاه طيلة حياته- إلى أوقات الفراغ في الطفولة، حيث قال“لأنه لا يوجد شيء أفضل لتحفيز الإبداع من صفحة فارغة أو غرفة نوم خالية من الألعاب”.
اليوم.. هذه جريمة!
في الوقت الحاضر، يُنظر إلى ترك الطفل دون شاغل على أنه تقصير من جانب الوالدين. في مقالة بعنوان “The Relentlessness of Modern Parenting“، استشهدت الكاتبة (كلير كاين ميللر/Claire Cain Miller) بدراسة حديثة وجدت أنه“بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية أو الدخل أو العرق، يعتقد الآباء أن الأطفال الذين يشعرون بالملل بعد المدرسة يجب أن يلتحقوا بأنشطة أو نوادٍ، وأن الآباء المشغولين يجب أن يوقفوا أعمالهم ويرسموا مع أطفالهم إذا طُلب منهم ذلك”.ليغدو شعار الحياة الحديثة: يجب الاستفادة من كل لحظة فراغ بأقصى حدٍ ممكن، وتطويعها لتحقق هدفًا.يترك الأطفال اليوم لأجهزتهم المحمولة، ويبدو الآباء -حين يستعدون لرحلة طويلة- كما لو كانوا ضباط الجيش يخططون لمناورة برية معقدة:
- ما الأفلام التي سيتم تحميلها على الآيباد؟
- هل هو الوقت المناسب للسماح للأطفال بلعب فورتنايت حتى تذوي قواهم العقلية في المقعد الخلفي؟