لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لقد حلّ مفهوم العمل الجماعي في السنوات الأخيرة كثيرًا في مختلف القطاعات، سواء الصناعية أو الشركات المكتبية أو الأكاديميات التعليمية لما حدث من تطور سريع في مجال التخصصات والمهن من حيث التشعب والكثرة، فأصبح العالم اليوم يتجه نحو التخصص الدقيق أكثر من ذي قبل، ورغم أن هذا الاتجاه سائد في الدول المتطورة أكثر من الدول التي ما زالت في طريقها للنهضة إلا أنه بات من الصعب على الجميع بلا استثناء أن يستغني عن الآخر، فلا الفرد الذي يعمل في مؤسسة ما ينأى عن زميله في العمل ولا دولة ما تريد أن تنهض في مجال معين تستغني عن الدولة المتميزة في ذلك المجال.لذا فإن الوضع الراهن اليوم بات يفرض علينا التكاتف وتوزيع المهام كل حسب تخصصه كي نستطيع إنجاز العمل ومواكبة هذا التطور الهائل، خاصة أنه في كل يوم نشهد الكثير من التغيرات والتعديلات والإضافات في كل تخصص؛ لذا فإن الوقت يسع فقط لأن يلتزم كل شخص بمتابعة جديد تخصصه ونظرة عامة فقط في الأمور الأخرى؛ لذا أحببت في هذا المقال مشاركتكم بأهمية التخصص الدقيق في القرن الواحد والعشرين وفعالية ذلك في الارتقاء بالعمل الجماعي.
أولًا: الدقة في الإنجاز
لا شك أن العمل الجماعي لا يقتصر فقط على مجموعة أشخاص يؤدون مهمة معينة لتحقيق هدف محدد وإنما يشارك كل واحد منهم بتخصصه الذي يتميز به عن الآخر ليتمكنوا من الدقة في إنجاز العمل على الوجه الأكمل، ويتم تحديد الأفراد المشاركين بذلك العمل بناء على الاحتياجات المطلوبة من التخصصات، فمثلًا إذا أرادت مجموعة تحويل فكرة علمية في تخصص الكيمياء الدوائية مثلًا إلى منتج في السوق فإن ذلك يقود إلى اقتراح أفراد يحملون المؤهلات والخبرات التالية :
- شخص عالم متخصص في الكيمياء الدوائية صاحب الفكرة والبحث ليقوم بمزج المركبات وتعديلها على الدواء المقترح تصنيعه.
- شخص تخصصه تصميم دوائي ليقوم بتصميم المنتج وفق أسس علمية ومنهجية ليخرج كمنتج.
- شخص متخصص بمجال دراسة الجدوى الخاصة بأبحاث التسويق ليدرس الفكرة من حيث جدوى إخراجها من حيز المعمل إلى السوق
- شخص متخصص بعالم الأعمال والريادة لمتابعة الفكرة وإبداء رأيه في الأمور الإدارية وما يتعلق بمجال الاستثمار والربح لهذا المنتج.
هذه المؤهلات المذكورة لا تعني العدد بالتحديد وإنما النوع المطلوب من التخصصات للمشاركة في هذا المشروع، بمعنى آخر ليس المقصود أربع أشخاص فقط وإنما قد يكونون أكثر من ذلك مثلًا ثلاثة كيميائين واثنين مصممين وإداري واحد وممكن إضافة صيدلاني أو باحث في مجال له علاقة بالمشروع المطروح وهكذا.
ثانيًا: توفير الوقت والجهد
إذا فهم كل عضو ما له وما عليه وتخصصه والمهمة المطلوبة منه فإن ذلك سينعكس على أداء الفريق الذي سيعمل بكل تأكيد بتناغم وراحة وسيؤدي بطبيعة الحال إلى توفير الكثير من الوقت والجهد وضغط العمل؛ لأن كل فرد داخل المجموعة ينصب تركيزه على مهمته وتخصصه الذي يتقنه؛ لأن المرء عندما يعمل ما يتقنه فإن الوقت الذي يستغرقه لإنهاء التكليف سيكون قليلًا والجهد الذي يبذله أيضًا يعتبر قليلًا مقارنة فيما لو قام بأمر يعرف عنه اليسير من المعلومات.
ثالثا: زيادة الكفاءة
حينما يعمل المرء في مجموعة وتكون وظيفته دائمًا في نفس تخصصه الدقيق لكن في كل مرة مع مجموعة مختلفة ومشروع مختلف فلا بد أنه سيكتسب خبرة أكثر في مجاله وتزداد كفاءته وإنتاجيته مما سينعكس على أداء الفريق، فلك مثلًا أن تتصور معي هذا المثال:محاسب مالي تخصصه الدقيق في مجال تحليل واستخدام المعلومات المالية لتقييم الوضع المالي للمشاريع، يعمل مرة مع المشروع الذي ذكرته سابقًا وهو تحويل فكرة علمية إلى منتج في السوق لمدة عام فيكتسب خبرة وثقافة من الأمور المالية وعلاقتها بالعلوم التجريبية من جراء النقاشات والاجتماعات المتواصلة مع أعضاء الفريق، وإن معظم الأبحاث العلمية مثلًا تكون ميزانيتها غير واقعية فتفشل في الدخول إلى السوق كمنتج. ثم يدخل في مشروع آخر كتصنيع مواد بناء أو مشروع طاقة متجددة أو أدوات تنظيف وكلها يتحتم عليه فيها أن يقوم بإجراء التقييم المالي لهذه المشاريع ولكن لتنوعها واختلاف الأفراد فيها سيكسبه نوعا من الخبرة وفهما أكثر في تخصصه.وختامً،ا فإن النجاح اليوم بات حليف الفرد الناجح في تخصصه الدقيق والذي في ذات الوقت ينسجم مع الفريق، فيتميز الفرد بتخصصه لأن قيمة كل امرئ فيما يحسنه ويذوب الغرور والعجب في حاجته للآخر، ولأجل هذا فإن يد الله مع الجماعة وإن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
إليك أيضًا
رحلة تحديد التخصصهل تبحث عن بداية جديدة لحياتك؟الانضباط الذاتي وأهميته لتحقيق الأهداف
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد