شاي ما بعد الظهيرة: من عادة إلى مُناسبة

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

يُعدُّ الشاي ثاني أشهر مشروب في العالم بعد الماء، وتعود جُذوره إلى قارتي أفريقيا وآسيا. ويعود أول استهلاك للشاي في التاريخ إلى الصين منذ القرن العاشر قبل الميلاد، وسرعان ما انتشر إلى كوريا واليابان. وانتشر الشاي في العالم بسبب تبادله مع الغرب خلال الاستكشاف البرتغالي للشرق الأقصى في القرن السادس عشر.

وصول الشاي إلى المملكة المتحدة

يُقال إن زوجة الملك تشارلز الثاني "كاثرين" هي مَن قدَّمت الشاي للولايات المتحدة. ونظرًا لارتفاع أسعاره كان محصورًا على الأرستقراطيين. ولكن انخفضت أسعار الشاي لاحقًا مما سمح لأصحاب الطبقة الوسطى بالاستمتاع بوجبة شاي ما بعد الظهيرة في أواخر القرن التاسع عشر، والتي انتشرت في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

ما هو شاي ما بعد الظهيرة؟ وكيف تحول من عادة إلى مناسبة؟ وما علاقة الملكة فيكتوريا به؟

شاي ما بعد الظهيرة تقليدٌ بريطاني جميل، بدأ في أوائل القرن التاسع عشر ويعود سبب ظهوره إلى دوقة بيدفورد السابعة آنا راسل. حيث اعتادت العائلات الأرستقراطية آنذاك على تناول وجبتين رئيستين في اليوم فقط، وجبة فطور كبيرة ووجبة عشاء متأخرة، بينهما وجبة غداء خفيفة. لم تسعد دوقة بيدفورد بذلك؛ لأنها كانت تتضور جوعًا نتيجة لطول الوقت بين الوجبة الخفيفة ووجبة العشاء -التي تُقدم عادة بين الساعة الثامنة والتاسعة مساءً-. وفكّرت الدوقة بحلٍّ مناسب، وهو أن تطلب صينية شاي مع الخُبز والزبدة والكعك إلى غرفتها حوالي الساعة الرابعة مساء. ولاحقاً دَعَت الدوقة أصدقاءها للانضمام إليها في ووبرن حيث كانت تُقيم.ولم تقطع الدوقة عادتها تلك عند عودتها إلى لندن، بل أرسلت بطاقات دعوة إلى أصدقائها لينضمُّوا إليها مجددًا، فانتشرت عادة شاي ما بعد الظهيرة بين الناس انتشارًا سريعًا. ولأن الملكة فيكتوريا أحبَّت فكرة صديقتها الدوقة؛ أُيِّد شاي ما بعد الظهيرة مَلكيًّا، وكانت الملكة فيكتوريا تستمتع بشرب الشاي وتتناول معه كعكة خفيفة بكريمة الزبدة والتوت الطازج -عُرفت لاحقًا بكعكة فيكتوريا الإسفنجية-.كان شاي ما بعد الظهيرة حدثًا اجتماعيًّا خاصًّا بسيدات المجتمع، لكن بعدما أقامته الملكة فيكتوريا بنفسها أصبح مناسبة رسمية واسعة النطاق تُعرف بحفلات الشاي. وقد تضم تلك الحفلات المئات من الضيوف بدعوة مفتوحة من الساعة الرابعة مساءً وحتى السابعة مساءً. ويُعَدّ الشاي جزءًا مهمًّا من التواصل الاجتماعي في العصر الفيكتوري، كما أنه أقل جهدًا من دعوة ضيف على العشاء، وأفضل من دعوته بعد الظهيرة دون تقديم مشروب له.

القائمة التقليدية لوجبة شاي ما بعد الظهيرة

ليس لمحتويات القائمة أية شروط، ولكنها تحوي عادة شطائر وحلويات متنوعة، على سبيل المثال: تحتوي القائمة على شطائر ومخبوزات سكونز "scones" والتي تُقدّم مع القشطة والمربى، ومعجنات حُلوَة وكعك. إلا أن مخبوزات السكونز لم تكن تُقدم مع وجبة الشاي إلا في القرن العشرين. كما تحتوي القائمة على المكوّن الرئيسي وهو الشاي الذي يُقدَّم بمئات الأنواع المختلفة، منها: شاي أسام وشاي دارجيلنغ وشاي إيرل غري وشاي لابسانج سوشونج.

الملكة إليزابيث ووجبة الشاي

تبدأ الملكة إليزابيث يومها بتناول الإفطار مع الشاي الساعة السابعة والنصف صباحًا، ولا يمكن أن تُغفل وجبة شاي ما بعد الظهيرة –والتي تُقدّم عادة في القصر الملكي الساعة الرابعة مساء مع الكعك والبسكويت- حيث تَسعَد الملكة وترتاح برفقة مَنْ تُحبّ. وعُرِف عنها تفضيلها لنوعي الشاي إيرل غري ودارجيلنغ.

أنت مَدْعوّ إلى القصر الملكي

إن حظيتَ بدعوة في القصر الملكي لشرب الشاي مع الملكة فإليك آداب تخصُّ هذه المناسبة يجب عليك اتباعها:

1. نادِها بـ (جلالة الملكة) في أول الوقت، ومن ثم يمكنك مناداتها بـ (سيدتي). ولكن عند المغادرة نادِها ب (جلالة الملكة) مرة أخرى.
2. قِفْ عندما تدخل الملكة.
3. ارفع الكوب إذا أردت الشرب فقط، ولا ترفع الخنصر أثناء الشرب.
4. أبقِ الكوب على الطبق دائمًا.
5. توقّف فورًا عن الأكل بمجرد انتهاء الملكة من تناول طعامها.

وختامًا، بدأت عادة شاي ما بعد الظهيرة بوجبة صغيرة تُسكت جوع الدوقة حتى يحين وقت العشاء، ومع مرور الوقت أصبحت تلك الوجبة تقليدًا بريطانيًّا لا يمكن الاستغناء عنه. كما أنَّ شرب الشاي حاليًا في المملكة المتحدة لم يَعُد محصورًا على وجبة شاي ما بعد الظهيرة أو في حفلات الشاي، بل هو مشروب وطني وجزء لا يتجزأ من الثقافة البريطانية.

إليك أيضًا

• مراجعة شاملة لكتاب (الشاي: ثقافات.. طقوس.. حكايات)
• ريزا..سياحة علاجية واستمتاع بنكهة الشاي الفاخر
• تعرف على قصة الشاي المشروب الأشهر في العالم

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد