لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
من الأقوال المأثورة القديمة: الصاحب ساحِب، أي إنه يؤثر فيك إلى أن يسحبك لعالمه كيفما كان هذا العالم. ذلك لأن كل واحد منّا يخضع لقانون التأثير، ومن المهم أن نفهم كيف يسير قانون التأثير وكيف تتأثر مما تتلقاه أو تكون مؤثرًا فيما تملك أو تمنح؟
أن تتأثر وتؤثر
مربط الفرس هي في أن نتأكد عن يقين أنه لدينا القدرة على التأثير كما لدينا القدرة على التأثر بما يحدث حولنا، وأن كل واحد منّا مسؤول عن جزيئة في هذا العالم مهما بلغ صغر هذا التأثير.
يخضع قانون التأثير لعوامل عدّة أهمها الانعكاس، فكل ما تؤثر به يؤثر بك، لكن الجدير بالذكر أن ما تؤثر به في العالم الخارجي ليس بالضرورة خطابًا رنانًا، لكن هي أفكارك، مبادئك والمنطق الذي تعيش به، كل هذا يؤثر في العالم الخارجي، فلنأخذ على سبيل المثال أنك تعيش بمبدئ أنك لا تأكل حق زبونك، بحيث إنك لو كانت خدمة زبونك بسيطة ولم تأخذ منك الكثير من الوقت قمت بتخفيض التسعيرة له حتى لو لم يدر هو بحجم بساطة طلبيته.
قد تعتقد أن هذا المبدأ لا يؤثر خارجيًّا، إلا أنه في الحقيقة يؤثر فأنت شخص نزيه بمبدئك هذا أنت قد خفضت من نسبة تضخيم الفواتير غير المبررة والعشوائية، كما أن مبدأك سيضمن لك أنك لن تقبل تلقي الرشاوي مهما كلّف الأمر، قد تعتقد لوهلة أنك الوحيد الذي يدور في فلك مبدئك، وأنه لا يخلق تأثيرًا خارجيًّا، لكن الحقيقة عكس ذلك، مبادئك هاته ستؤثر في عملائك وزبائنك، كل العاملين معك وتحت إمرتك.
وسيبدأ كل من يحتكّ بك يأخذ جزءًا من هذا المبدأ ويشرع في تطبيقه بشكل من الأشكال، ليس بالضرورة بنفس الشكل الذي رآه فيك، لكن مؤكد أنه سيغير شيئًا داخله. وهذا الأمر سيعود عليك بالإيجاب وسيؤثر في حياتك، فزبونك اليوم هو صاحب عمل ستقصده لاحقًا وستتحول أنت إلى زبونه، وستحصد تمامًا ما زرعت.
قانون التغيير
وقانون التأثير هذا هو جزء مهم في قانون التغيير، ودعني ألخص لك الأمر، إن أراد مجتمع أن يتغير نحو الأفضل، كل فرد في مكانه وفي منصبه مهما بلغ صغره، فهو يمتلك في عقله الصورة المثالية للفرد الذي شغل منصبه، هو يعرف كيف يمكن أن يكون الأب المثالي، المهندس والطبيب المثالي، التاجر المثالي، الابن المثالي وهكذا، ولو سعى كل فرد لتحقيق تلك الصورة ولو بنسبة 60% سنصبو للكمال الذي نسعى إاليه ولو كان نسبيًّا فالكمال لله وحده، و لكن كل 60% للفرد الواحد فهي تؤثر في الفرد الآخر وتضاف 20% لكل فرد بفضل احتكاك الافراد ببعضها وتهيئة الأجواء المناسبة للنزاهة واحترام قيمة العمل والمبادئ الراقية.
أن تأتي للعمل باكرًا وفي وقتك المحدد هو سعي نحو مجتمع أفضل، وأن تعمل 8 ساعات في اليوم بكل عزيمة دون مماطلة أو تهرب عن مهامك هو سعي نحو مجتمع أفضل، ألا تتلاعب بالقرارات وتغرق زملاء عملك بأعمال كانت موكلة لك، هو سعي نحو المجتمع الذي نصبو إليه. قد يبدو لك كل هذا أمرًا بسيطًا ولا قيمة له، لكنه في الحقيقة جزء مهم من عجلة الحياة السعيدة الذي يسعى لها كل واحد منّا، وكل واحد فينا لديه القدرة على تغيير الأمور الى الأفضل.
التلقائية بين التأثير والتغيير
خلاصة القول من كل هذا، أن قانون التأثير يخضع للتلقائية، كل واحد يتأثر بما يراه، ما يسمع وما يعيشه، أما قانون التغيير فهو يخضع بشكل نسبي إلى التلقائية، وَعْي الأفراد والمجتمعات هو ما يجعلهم يفهمون قيمة أو ضرورة التغير من حال إلى حال. قد تعتقد أن كل ما كتبته إلى هذه الساعة في هذا المقال هو كلام نظري يصعب تطبيقه لكنني أمارس قانون التأثير عليك وعلى نفسي أيضا، لأؤكد لك ولي أن التغيير لا يأتي إلا بالعزيمة، وبأهمية قانون التأثير، فكل ما أقدمه لك هو بالضرورة سيعود عليّ.
تعلم أن تخلق عالمك
هدف مقالتي في الحقيقة ما زلت لم أصل إليه فكل ما كتبته بالأعلى هو مقدمة وجب كتابتها لفهم ما هو آت. فبعد كل ما قيل نحن نعود بذلك إلى نقطة البداية، هي أن تخلق عالمك الذي يناسبك أي: أن تهتم بالمنطقة الصغيرة الذي تعيش فيها أفكارك ومبادئك، فهذا سيهيئ لك مناخًا مناسبًا لعيش الحياة التي تريدها. فهو سيؤثر فيك بالمقام الأول كما أنه سيعود عليك، فكل زارع حاصد لما زرع.
على الرغم من أن قانون التأثير مهم تمامًا كما هو قانون التغيير لفهم قيمة ما تقوم به بشكل يومي وتكون قناعاتك أكبر مما كانت عليه تجاه تصرفاتك صغيرها وكبيرها، لكن ليس عليك أن تعيش في دوامة هذه القوانين وتجعلها هاجسًا لك.. فهذا سيعود عليك بالسلب في أحيان كثيرة.
اخلق العالم الذي تريد العيش فيه واترك عنك الباقي تتكفل به الطبيعة والقوانين الاجتماعية التي تخضع لها المجتمعات، ليس دورك أن تفكر في كل تصرف كيف سينعكس على هذا وذاك وتبدأ في القيام بحسابات لا طائل منها.. دورك هو أن تكتشف العالم الذي يناسبك وأن تخلقه لنفسك وتعيش فيه وتكون بذلك حققت هدفك في الحياة وساهمت في خلق عالم أفضل للبقية الذين يعيشون على هذا الكوكب.