لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
لم يَعد العمل مقتصرًا على الذهابِ إلى مكتبٍ أو إلى مكانٍ مخصصٍ بعدد ساعاتٍ معينة، بوجودِ الإنترنت تغير نظامُ العالم والكثير من النشاطات تحولت إلى أعمالٍ حرة لا تشترط حضورَ العامل بدوامٍ كاملٍ. هذا ما انتشرَ أكثر مؤخرًا بعد أزمةِ فيروس كورونا. لقد ساعد هذا النمط الكثير من الفئات على غرار الطلبة، ومن لا يستطيعون الانتقال إلى أماكن بعيدة، من يريدُ تحصيل مدخول آخر بالإضافة إلى عمله الأساسي، وأيضًا الأمهات اللواتي يردن مرافقة أطفالهن في الطفولة دون التوقف عن أعمالهن.
في هذا المقال سنعرض تجربةَ أُمَّيْن، كان العمل كفريلانسر في مجال الكتابة، فرصة جيدة ومريحة لتكونا بالقرب من الأطفال. فما الصعوبات والتحديات التي تواجهانها؟
لم يكن الأمر مخططًا
في حديثٍ مع “أسماء رمضان”، 33 عامًا، أم لطفلين وخريجة كلية السياسة والاقتصاد من مصر، تصرحُ أن اتجاهها للعمل ككاتبة محتوى على أحدِ المواقع لم يكن مخططًا له منذ البدء، فهي كانت تعمل بدوامٍ كاملٍ في مجال دراستها ولكن بسبب الحمل اضطرت للتوقف. نشرت على أحد المواقع المختصة في الأدب والفنون مراجعةً لرواية “رقص.. رقص.. رقص” لهاروكي موراكامي وفي فترة قصيرة حققت قراءات عاليةٍ، ثم فازت في مسابقةٍ للتدوين، ففكرت في البحث عن فرصةٍ مدفوعةٍ للكتابة خاصةً وأنها شغوفةٌ بقراءة الأدب وهذا مساعدٌ للغاية فيما تريده. من هنا كانت انطلاقتها.
مهارة تنظيم الوقت
عن التحديات والصعوبات التي واجهتها، تؤكد أسماء أن أهم ما يجب أن يتحلى بهِ الفريلانسر -وخاصةً الأم- مهارة تنظيم الوقت مع تعدد المسؤوليات. فالعاملة بدوامٍ محدد ورغم التعب تستطيع الفصل بين العمل وشؤون المنزل، لكن بالنسبة لي كعاملة من البيت فهذا صعب، فأنا ربة بيتٍ، وأم، وزوجة، وعاملة 24/24، وليس بأوقاتٍ محددة، أستطيع أن أقضي ساعاتِ الليل في العمل بسبب الديدلاين، ثم أنزل مع ابني إلى المدرسة صباحًا وأعود للطبخ أو ممارسة أي نشاطٍ منزلي آخر، دون الفصلِ بين أيٍ من هذه النشاطات.
يمكنني التواجد باستمرار
تُضيف آيات جودت (35 عامًا، أمّ، كاتبة محتوى حرة) لما قالتهُ أسماء: يمكنني التواجد مع ابنتي طوال اليوم دون أن نجلس مع بعضٍ وهذا من الصعبِ أن تفهمه طفلةٌ صغيرة فأنا موجودة وغائبة في نفس الوقت. ليس الجميع يتفهم أن هذا عمل، كأي عملٍ نحن مسؤولون عن تقديمه في أحسنِ صورة وفي الوقتِ المحدد له، تواجدنا في البيت مجرد أمرٍ جانبي لجدية ما نقوم بهِ. وإن كان التواجدُ في البيتِ أو أي مكانٍ آخر ما دفعني لاختيار هذا النوع من العمل، فأنا غير ملزمةٍ بمكان محدد أو بحضورٍ وانصراف.
الابتعاد عن التواصل المباشر مع العالم الخارجي
العمل كفريلانسر، يفرض عليك التواجد لساعات طوال بمفردك، ما جعلني أقضي أغلبَ الوقت لوحدي ناتجًا عن ذلك صعوبة في التواصلِ مجددًا مع العالم الخارجي. لقد صارَ البيت عالمي الخاص والآمن. هذا ما صرحت به أسماء، على عكسِ آيات التي دفعها الابتعاد عن أوساط العمل والجو الذي غالبًا ما يكون مشحونًا ومتوترًا إلى اختيار العمل كحرةٍ. إذ اشتغلت من قبل كمهندسة وتوقفت لتخوض مشوارًا جديدًا في كتابةِ المحتوى. مضيفةً أن أحسن ما قدمه لها هذا النوع من العمل عدم اضطرارها لركوب المواصلات كل يوم، ولا الخروج في الجو الحار أو البارد، على العكس فهي المتحكمة في الجو في البيت وكما تستطيع العمل تحت المكيف، تستطيع أيضًا العمل من الكنبة وهي مغطاة جيدًا.
لماذا اخترت العمل كفريلانسر؟
يحتاج هذا النوع من العمل إلى تفكير جيد واتخاذ قرار واعٍ، فبينما أكتفي بالكتابة من البيت أرى زملائي في عملي السابقِ يرتقون مع ذلك أنا راضية جدًّا بما اخترته لأنني فعلت ذلك عن قناعة وما هو ملائم لرغبتي وظروفي كأمٍّ لطفلين، هذا أيضًا ما أكدته آيات: لو خيروني الآن من العودة للعمل كمهندسةٍ بدوامٍ كامل أو الاستمرار كفريلانسر سأختار ذلك بكل تأكيد. أنا مرتاحة في هذا العمل، متواجدة مع ابنتي، وإن احتاجتني لأمر طارئ في المدرسة سأستطيع الذهاب على الفورِ دون الحاجة لموافقة المدير مثلًا.
ما يجب أن تعرفه قبلَ الخوض في هذا المجال
الدخل المادي
لا يضمن لك العمل كفريلانسر دخلًا ثابتًا كلَّ شهرٍ مثلًا، مرتبط بمدى عملك أيضًا حسب تجربةِ آيات، كما أضافت أسماء أنك مدير نفسك، يجب عليك تحفيزها دومًا للعمل أكثر.
الأعطال
تضيف آيات من خلال تجربتها أيضًا، حول صيانةِ الأجهزة: أنت المسئول عن تصليح أي عطلٍ في جهاز عملك أو انقطاع الكهرباء مثلًا، فهي ليست حججًا لتأخر عن العمل. سيدخلك منطقة راحة جسدكَ، إذا استسلمت لها سوف تستصعب الخروج من البيت، أو تشعر بالإجهاد لممارسة أقل مجهود.
برغمِ جميعِ الضغوط والتحديات التي توجهها أسماء وآياتٍ في عمليهما ككاتبات محتوى فريلانس، كانت طبيعة العمل مساعدةً ومريحة لممارسة دوريهما كأمهات دون الاضطرار للتوقف عن العمل، لسببٍ أو لآخر.