لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
إن قراءة الأدبِ في العموم ليس من شأنِه تقديم معلومةٍ، أو تثقيفًا بالمعنى الشهير للكلمة، لكن يظل الأدب من أهم المجالات التي تُقدم للشخصِ معرفة بالتجاربِ الإنسانية الخاصة على مستوى الأفرادِ والشعوبِ. فنّ كتابي غاية في التشويق يلغي الحدود الجغرافية، يقفز من مرحلة تاريخية لأخرى، بخفةٍ. كما يميلُ لها القراء في أوقاتٍ معينة، ليس فقط بغرضِ التسلية ولكن للمتعة التي تقدمها أو الانفصالِ الكامل عن العالمِ وتتبعِ خطواتٍ مليئة بالأمل والألم، وسردِ تاريخِ شعوبٍ كاملة من مآسي وأفراح.
تعد الروايات التاريخية واحدةً من أهم الأنواع الروائية الموثقة لأحداثٍ والساردة لقصص الشعوب بعيون أبطالها. غير أن الكثير من القراء يجدون صعوبةً في التماهي مع الشخصيات والأحداث خاصةً منها ما تحكي سيرةً طويلة زمنيًّا، متنقلةً جغرافيًّا، تتزايد فيها عدد الشخوصِ والأبطالِ مع تزايد الصفحات. إذا كنتَ واحدًا من هؤلاء الذين يعانون من صعوباتِ قراءة الروايات التاريخية فهذه خمس نصائح لك، تعينك لقراءة مبسطةٍ ويسيرة ونافعةٍ أيضًا.
حالَ اختياركَ لقراءة روايةٍ تاريخية، فأنتَ ملزم بإحضار دفترٍ أو ورقةٍ قم بإلصاقها آخر الرواية، مع أنني شخصيًّا أفضل استعمال الدفتر، فقد يحفظ الملاحظات لأكثر من كتابٍ، لا يضيع، كما أنك قد تحتاج لأكثرَ من ورقة. تحتاج أيضًا لقصاصاتٍ ورقية أو ملصقاتٍ ملونة. قم باستعمال كل ورقةٍ لكتابة ما يلي.
1. الشخصيات
لو كنتَ مبتدئًا في قراءة الروايات التاريخية، ستشعر بنوعٍ من الثقل خاصةً إذا كانت الشخصيات والأماكن والأزمنة، تعود لزمنٍ بعيد. سيكون من الصعبِ حفظ أسماء الشخصيات. ما عليك هو الكتابة على صفحة الشخصيات التي تظهر مع قراءتك، ومتى ظهرت، وما صلةُ قرابتها بالشخصيات الأخرى. بالمختصر ستقوم برسم شجرة العائلة على طولِ قراءتك للعمل. هناك رواياتٌ توضع في نهايتها شجرة العائلة لتسهل على القارئ الفهم، وتمنحه مساعدةً لاختصار الوقت ومنعِ التشوش، كما وجدتُ في رواية مائة عامٍ من العزلة لغابريال غارسيا ماركيز، في الطبعات الجديدة وذلك سهل جدًّا قراءتها، خاصةً لو قمت بتركها لمدةٍ والرجوع إليها.
كتابة اسم الشخصيات ودورها وأي تفاصيلٍ عنها، سيساعدك على الاستمرار في القراءة دون الشعورِ بضياع خاصةُ إذا كانت الأسماء غير عربيةٍ وصعبةَ التذكر، كما يساعدكَ على العودة للقراءة سريعًا لو انقطعت لمدة عن قراءة العمل.
2. التواريخ والأمكنة
قم برسم جدولٍ من خانتين (التاريخ، الحدث) وقم بكتابة تفصيلية للتاريخ الذي يوافقُ حدثًا مهمًا في الرواية. تستطيع اعتماد التاريخ أيضًا لو أردتَ البحث عن الحدث من مصدرٍ خارجي (بالنسبة للروايات التاريخية الحقيقية وليست المبنية على أحداثٍ متخيلة). فمثلًا عند قراءتك لروايتي الطنطورية أو ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور، تستطيع التوسع في فهمِ الأحداث الموجودة، وهكذا يكون العمل قدم لكَ بشكلٍ غير مباشرٍ معلومات وحقائق تاريخية تستطيع التأكد من صحتها.
نفس الأمر بالنسبة للمكان، قم برسم جدول من عمودين (المكان، الحدث أو الشخصية المتواجدة فيه). هكذا تستطيع تتبع انتقال الشخصيات من مكان لآخر، وأيضًا تاريخ تواجدها. كما يمكنك الاطلاع أكثر على الأمكنة الموجودة وتقريب المشهد المتخيل من طرفِ الكاتب والحقيقة لذهنك.
3. كتابة ملخصٍ بعدَ كل فصلٍ
بعد قراءتكِ للفصلِ الأول حاول كتابةَ ملخصٍ صغير يمكنك من تنظيم أفكارك وقراءتك للعمل، يمكنك الاستعانة بملخصٍ أيضًا بعدَ كلِ صفحاتٍ من الأحداث الدسمة المؤثرة على سيرورةِ السرد وتطوراتِ الأحداث، ودائمًا هو مساعدٌ جدًّا لتذكر الأحداث في حالِ توقفك عن قراءة العمل والعودةِ له مجددًا.
4. استعمال الملصقات الملونة أو قصاصات الورق
تمكنك هذه الطريقة من تتبعِ الشخصيات المهمة كل واحدةٍ على حدة، كلُ لونٍ أو قصاصة اجعلها لشخصية مهمة، تتطور مع الأحداث، هكذا تستطيع بسهولة التقدم في القراءة دون أن تنسى حدثًا ما. كما تستطيع وضعها خلال الصفحات للرجوعِ لها مرةً أخرى في حالِ احتجت لكتابة مراجعة أو تلخيص للعمل. وهذه طريقةٌ أبسط إذا كان استعمال الدفتر يشكلُ عائقًا في حال تغير مكان قراءتك.
5. أخذ فترة راحة
تتميز الأعمال التاريخية بالثقل والدسامة في الطرحِ والشخوص، وحتى المعلوماتِ الجديدة المسربة. لذلك أُفضّل شخصيًّا قراءتها إلى جانبٍ عملٍ خفيف من نوعٍ أدبي آخر، أو أخذ راحة يومٍ أو يومين ثم العودة استعانةً بالدفتر الخاص وأوراق التذكير.
6. كتابةِ ملخصِ النهاية أو مراجعة نهائية
عموما الالتزام بكتابةِ مراجعات أو تلاخيص لكلِ ما نقرأ من كتب وروايات مهم للغاية، لإعطاء نظرة نهائية للعمل وتقييمٍ له، وهل يتناسب مع ميولنا في القراءة، وربما تدفعنا لقراءة أعمال أخرى للكاتب أو العكس. بالنسبة للأعمال التاريخية فهي مهمة أكثر، للاحتفاظ بالمعلومات المستخلصة والتوسع أكثر فيها مما يفتح آفاقًا معرفية أخرى تفضي دومًا لتثقيف القارئ.
تحتاج قراءة الروايات التاريخية لتركيزٍ أكبر، وربما وقتٍ أكبر أيضًا، ولأدواتٍ وخططٍ مشجعة للفهم والمواصلة في القراءة، لكتها بالتأكيد مصدرٌ ملهم وممتع للاطلاع على العالم، وكذا لاكتشاف النفس البشرية وتحولاتها عبر الزمن والجغرافيا والظروفِ أيضًا.