لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
إذا حاولت بناء عادات جديدة ولم تنجح جرّب إستراتيجية “تكديس العادات” لبناء عادات جديدة تدوم مدى الحياة، في كتابه “العادات الذرية” أورد جيمس كلير مفهوم تكديس العادات كأداة فعّالة لبدء عادة جديدة. أشار جيمس كلير إلى قصة جميلة حيث يقول: عاش الفيلسوف الفرنسي دنيس ديدرو حياته كلها فقيرًا، غير أنّ كل هذا تغير ذات يوم من عام 1765، فقد كانت ابنة ديدرو على وشك الزواج، ولم يكن باستطاعته تحمل تكاليف الزفاف، ورغم فقره الشديد فقد كان معروفًا بمشاركته في موسوعة Encyclopédie وهي واحدة من أكثر الموسوعات شمولًا في ذلك الوقت.
وحين علمت كاثرين العظمى إمبراطورة روسيا بمحنة ديدرو المالية، تعاطفت معه، كانت الإمبراطورة محبة للقراءة واستمتعت كثيرًا بقراءة الموسوعة، وقد عرضت على ديدرو شراء مكتبته الخاصة مقابل ألف جنيه، وهو ما يساوي أكثر من 150 ألف دولار في عصرنا الحالي، وفجأة صار ديدرو يمتلك مالًا يستطيع إنفاقه. و من ثروته الجديدة لم يدفع تكاليف الزفاف فحسب.
إنّما اشترى لنفسه قفطانًا قرمزيًّا كذلك، كان قفطان ديدرو جميلًا لكنه لاحظ أنّه لا يتناسب مع باقي مقتنياته المتواضعة، و سرعان ما بدأ ديدرو بتحديث مقتنياته فاشترى بساطًا دمشقيًّا أصيلًا، وزين بيته بمنحوتات غالية، واشترى مرآة كي يضعها فوق رف المدفأة، وتخلص من كرسيه القديم المصنوع من القش واشترى آخر مكسوًا بالجلد، وكشأن أحجار الدومينو كانت كل عملية شراء تدفعه إلى عملية تالية لها، و أصبح سلوك ديدرو في الشراء يعرف بتأثير ديدرو، و هو ينص على أنّ شراء أي شيء جديد عادة ما يخلق دائرة مفرغة من الاستهلاك تؤدي إلى عمليات شراء أخرى لاحقة، و هناك كثير من السلوكيات اليومية الخاصّة بنا تتبع تأثير ديدرو.
فيما يتعلق ببناء عادات جديدة، يمكنك استخدام ذلك الترابط الذي تتسم به السلوكيات لصالحك، ومن أفضل الطرق لبناء عادة جديدة هو تحديد عادة حالية تفعلها بالفعل كل يوم، ثم تلحق بها السلوك الجديد المنشود (تأثير ديدرو)، وهذا ما يسمى بتكديس العادات. وتكديس العادات هو ربط العادة الجديدة بعادة أخرى حالية، وهذه الطريقة ابتكرها بي جيه فوغ كجزء من “إستراتيجية العادات الدقيقة”، وأشار إليها جيمس كلير في كتابه “العادات الذرية”.
ومعادلة تكديس العادات هي: “بعد العادة الحالية سأقوم بالعادة الجديدة”.
- بعد أن أشرب فنجان قهوة صباحًا سأبدأ بالعمل على أهم مهمة لدي.
- بعد تناول وجبة الغداء سأقوم بقراءة خمس صفحات من كتاب.
- قبل النوم سأقرأ قصة لأطفالي.
يزيد تكديس العادات من احتمالية التزامك بإحدى العادات وذلك عن طريق وضع العادة الجديدة فوق عادة قديمة وربطها بها، وهذه العملية يمكن تكرارها كي تشكل سلسلة من العادات المرتبطة معًا، بحيث تعمل كل واحدة بمنزلة إشارة للأخرى. السر هنا يكمن في ربط السلوك المنشود بشيء تفعله كل يوم، وبمجرد أن تتقن هذا الترتيب الأساسي، يمكنك البدء في بناء سلسلة أكبر من العادات عن طريق ربط العادات البسيطة معًا.
ومن الممكن أن تكون سلسلة العادات الصباحية مثلًا كما يلي:
- بعد الاستيقاظ على الساعة الخامسة صباحًا أتناول فنجان من القهوة.
- بعد تناول فنجان من القهوة أكتب قائمة المهام الخاصة باليوم.
- بعد كتابة قائمة المهام أبدأ بالمهمة الأولى وهكذا.
إجمالا يتيح لك تكديس العادات في سلسة أن تخلق مجموعة من القواعد البسيطة التي ترشد سلوكك المستقبلي، بحيث يبدو الأمر وكأن لديك دائمًا خطة عمل تحدد الفعل الذي يأتي بعده.
للبدء في تطبيق هذا الأسلوب اكتب كل العادات التي تفعلها يوميًّا في الفترة الصباحية، فترة بعد الغداء أو الفترة المسائية، واختر الوقت الملائم لدمج العادة الجديدة. على سبيل المثال إذا كانت هذه عاداتك الصباحية: أستيقظ صباحًا، أرتب سريري، آخذ حمامًا، أقيم صلاتي، أشرب فنجان قهوة، أتناول إفطاري، أغسل أسناني، أرتدي ملابسي وأتوجه للعمل. وأردت دمج عادة القراءة اليومية فيمكنك ممارستها بعد شرب فنجان القهوة، وتصبح عاداتك كما يلي:
أستيقظ صباحًا، أرتب سريري، آخذ حمامًا، أقيم صلاتي، أشرب فنجان قهوة، أقرأ في كتاب خمس صفحات يوميًّا، أتناول إفطاري، أغسل أسناني، أرتدي ملابسي وأتوجه للعمل.
بعد تثبيت العادة ستفعل تلقائيا نفس الشيء كل يوم، وهذا هو جوهر تثبيت العادات عن طريق استراتيجية تكديس العادات، وعلى قدر بساطتها إلا أنّ نتائجها عظيمة بمرور الوقت، يمكنك استعمالها لبناء وتثبيت أي عادة مهما كانت كتعلم اللغة الإنجليزية، أو ممارسة الرياضة، أو تناول طعام صحي، أو تعلم شيء مفيد في تخصصك، أو زيادة إنتاجيتك وغيرها، جرّب فقط ولن تخسر شيئًا بل العكس ستربح الكثير…