لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
تنتاب الإنسان بين الحين والآخر مشاعر متنوعة، منها ما هو واضح وعابر، ولا يؤثر على الشخص والمحيطين به، ومنها ما لها أثر بالغ على الشخص وتتعداه إلى الآخر، حتى تتحول تلك المشاعر إلى مرض نفسي يلزم علاجه. ومن بين تلك المشاعر حبُّ التمّلك، فما هو؟ وكيف نميز بينه وبين الحب الغريزي، والغيرة المقبولة؟
حب التملك
هو شعور يصيب الأشخاص الذين يحبون بشدة مبالغ فيها، لدرجة أن يصل بهم الأمر إلى الشعور بالغيرة المفرطة من أي شخص يحاول الاقتراب أو الاحتكاك بمحبوبهم، بل قد يصابون بالغيرة من الأم والأخ والأب.
صفات الأشخاص الذين يعانون من مرض حب التملك
- البحث على جميع تحركات الشخص المحبوب مهما كان شكلها ومناسبتها.
- يشعر بالضيق الشديد إذا قام المحبوب بتصرف دون إعطائه علمًا بذلك.
- عزل الشخص المحبوب عن محيطه، ومن يعرفه من البشر، سعيًا منه للاحتفاظ به وحده، ويُستفز بشكل غير طبيعي في حال احتكّ بالمحبوب شخص غريب، بل قد يمنعه من التواصل مع الأصدقاء والأهل، أو يطلب بشكل ملح تخفيف التواصل معهم.
- يتعمد المصاب بحب التملك في الأماكن العامة ملامسة محبوبة والالتصاق به، في محاولة منه إلى إعطاء إيحاء للناس بأنه هو المالك الوحيد له.
- محاولة السيطرة على تصرفات الشخص المحبوب، وتقييده، بل يسعى أن يكون معه في كل أمر يضطره للخروج.
- يشعر بعدم الأمان عند ابتعاد الطرف الآخر، أو يشعر بالقلق المستمر عليه، وينتابه الخوف الدائم من فقده.
وهذا يؤدي إلى شعور آخر يسمى في علم النفس “بالقلق الانفصالي”.
ما شعور القلق الانفصالي؟
هو الشعور بأن حياتك ستتوقف بعد الانفصال عن شخص معين. وهذا الشعور يحول الشخص إلى شخصية سلبية وكئيبة؛ لشعوره بإمكانية فقده، مما يدفعه إلى تضييق الخناق عليه أكثر من اللازم، فيؤدي إلى نفور شديد من الطرف الآخر، ومحاولة الانفصال. فمن يستطيع العيش وسط سجن، تكون فيه تصرفاته محسوبة، ومعرضًا للنقد، والتوجيه المستمر بناء على رغبة الآخرين. هذا التضييق سبّب الكثير من حالات الطلاق والكره الشديد، وانهيار عائلات بأكملها.
العلاقة بين الحب الطبيعي والأنانية
إن حب التملك هو تجسيد حقيقي للأنانية، فعندما نلغي شخصية وتصرفات الطرف الآخر، للحد الذي نصل فيه إلى سلب حريته، هو تعبير لا إرادي منّا عن البحث عن سعادتنا، التي نظن أنها تكمن في عزل المحبوب، واحتكاره لنا فقط.يجب التصرف بعقلانية مع الآخرين، وندرك أننا نحن جزء من حياتهم وليس كلها، وقد يساعد الرضا العالي عن النفس والثقة في قضاء الله وقدره، وبأنه هو من يرزقنا الأشخاص ومن يسلبنا إياهم، تلك القناعة ستسهم بشكل كبير إلى ملء قلوبنا بالطمأنينة. ويجب علينا أن ندرك أن حب التملك سيُميت مشاعر الناس تجاهنا عاجلًا أو آجلًا. يقول “ميخائيل باكونين”: إن غريزة السيطرة على الآخرين في جوهرها البسيط هي غريزة وحشية وهمجية تمامًا.وأوضح “إحسان عبد القدوس” الفرق بين الحب الحقيقي وغريزة التملك المرَضية فقال: “هناك شيء اسمه الحب وشيء اسمه غريزة التملك، وبين الحب وغريزة التملك خيط رفيع.. رفيع جدًّا.. إذا ما تبينته تكشَّف لك الفارق الكبير. فالحب الطبيعي يعطيك نوع من السعادة والراحة والطمأنينة، بينما حب التملك يورث القلق، والهم، والتوتر، مما ينعكس على حياتنا وصحتنا الجسدية والنفسية على حد سواء”.
العلاج
عادة يتم البدء بمحاورة الشخص المصاب بحب التملك، والتوضيح له بأن الاهتمام المفرط، والمتابعة والتدقيق على كل تصرفاتنا، يحد من حريتنا الشخصية، ويسبب لنا الضيق، ويجب التوضيح له الفرق بين الحب الطبيعي وبين الحب المرضي، ومساعدته على تخطي الأمر، هناك من يستجيب متفهمًا الوضع، ويحاول الإقلاع عن تلك التصرفات، وهناك من يرفض التعاون، ويستمر في المضايقات، في هذه الحالة يجب تدخل الطب النفسي، ومحاولة عرضه على طبيب.ويجب الذكر أن هناك من استطاع التعايش مع أشخاص يعانون من حب التملك، عن طريق تقديم العديد من التنازلات والصبر على شريكهم.
إليك أيضًا
تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد