لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
كتاب (في عَتَمة الماء). رواية شائِقة ومُمتِعة حيث تحاكينا الكاتبة بها عن الجوانب النفسية والصراعات لدى النساء المُضطهَدات والمُنتحِرات، حاولتْ هنا قَدْر الإمكان التلخيص وذكر مَجْريات أحداثها بطريقة سَلِسة ومختصرة.
الشخصيات الأكثر تأثيرًا
الكاتبة البريطانية باولا هوكينز صاحبة الرواية الأكثر شهرة (فتاة القطار) التي لاقت رواجًا هائلًا وأصبحت فيلمًا ناجحًا بدور السينما، والأعلى مبيعًا بين الروايات بدور النشر، تَسرد لنا هنا برواية عَتَمة الماء بأسلوب مُشوِّق وجذّاب عن بلدة صغيرة اسمها (بيكفورد) تمتد على جانبَيْ نهرٍ يحمل العديد من الأسرار والحكايات الغامضة.
يَدور الصراع وتتسلسل الأحداث حول 10 شخصيات أساسية، والبطلة الرئيسية جواز وأختها نيل آبوت … ولينا المراهقة ابنة نيل، تصف الكاتبة الصراع النفسي لنساء مُنتحِرات حمَلْنَ الكثير من الغموض مع فكرة إقدامهن على السقوط من فوق الجُرُف أَلَا وهو بِرْكة الغارقات.
جوهر القصة والصراع
نيل آبوت الأمّ كانت تسكن بيت الطامحين في البلدة الهادئة (بيكفورد)، علاقتها بأختها جواز شِبْه منقطِعة بسبب ماضٍ أليم بينهما منذ الطفولة، تحاول نيل آبوت دومًا التواصل مع أختها جواز ولكن الأخيرة لا تتلقى أيّ اتصال منها، وترفض أيّ طريقة من التواصل، لحدَث قديم منذ الطفولة وهو اعتقادها الخاطئ بأن نيل غضَّت البصر عن تصرفات عشيقها ولم تسانِدها بما فَعَل بها وهو الاعتداء عليها وهي صغيرة واغتصابها، ممّا ولَّد لديها شعورًا بالكراهية تُجاهها، وأيضًا من الأسباب التي جعلت بينهما جدارًا صعبًا زواله، هو أن نيل آبوت كانت تفوقها جمالًا وكانت دائمًا تحاول إحباطها وتهميشها أمام الأصدقاء مما زاد من عُزلة جواز على نفسها.
فلا تجد جواز إلا خيارَ الابتعاد عن البلدة والعيش بعيدًا عنها، وعن أختها وترك بيت الطاحونة ظناً منها بأنها تبتعد عن الماضي وعن الذكريات. وتتوالى سنوات الفرقة والانقطاع، ولكن منذ فترة وجيزة أرسلت نيل لأختها جواز رسائل تُلِحّ عليها بالرد ومعاودة الاتصال، ولكن جواز تتجاهلها كالمعتاد ولا تعيرها أي اهتمام. وفي يومٍ ما تتفاجأ بقدوم شرطيَّيْن أمام بيتها ليخبراها بأهمية الحضور للبلدة، فتتلقى خبر وفاة أختها نيل آبوت بأنها أقدمت على الانتحار ورَمْي نفسها من أعلى الجرف. (ماتت نيل آبوت.. وجدوها في الماء.. لقد رمت بنفسها في الماء)
تضطر جواز أن تغادر مسكنها مرغمة وتعود إلى بلدتها القديمة التي تكرهها، وللاعتناء بابنة أختها لينا التي تعيش فترة المراهقة والتي ليس لها أحد من الأقرباء إلّا هي. (ها أنا ذا في مكانٍ ما كنت راغبة في العودة إليه أبدًا.. ها أنا عائدة لكي أعتني بابنتك لكي أحاول ترتيب فوضاك اللعينة).
تسكن جواز البلدة مجددًا ومع تعايشها في البيت مع المراهقة لينا تواجه جواز بعض الصعوبات من التأقلم معها إذ تكون رافضة لها تمامًا ومن التعامل معها. ومع مَجْريات التحقيق بحادثة انتحار أختها، تكتشف جواز بأن نيل كانت تحقق وتبحث بالبلدة عن قصص الغارقات بالنهر، وبمرور عدة أحداث ولقاءات مع أهل القرية وأحاديث مع أصدقاء مُقرَّبين لأختها يتضح لها الكثير من الحقائق.
بأن أهل القرية يحملون الكراهية والعداء لأختها، لأنها كانت تنبش بماضٍ دُفِن منذ الأزل لمُنتحِرات ما زال الغموض يلُفهنّ بأسباب انتحارهنّ وكانت تثير المشاكل في توجيهها للعديد من الأسئلة بهذا الماضي، الذي جعل أهل القرية يَعزُفون عن الخَوْض معها في أيّ أحاديث.
وتثير الكاتبة بحبكة من الأحداث والغموض العديد من الشكوك حول شخصيات الرواية، ويبقى اللغز المُحيِّر في القصة هو أن نيل آبوت كانت مهووسة بالتحقيق في تاريخ الغارقات في بِرْكة الماء، تحقق بماضي نساءٍ يصارِعْنَ الموت برَمْي أنفسهن من فوق الجُرُف في بِرْكة الغارقات، والغريب في الأمر أنها تصبح بعدها واحدة منهن تَلْقى نفس المصير بانتحارها. (جثة امرأة وجدت على جانب النهر، الأمر واضح، إنها قفزت…انتحرت!)
تسارع الأحداث والنهاية
تتشابك مسارات الرواية بشبكة من الألغاز، ولكن تبدأ الكاتبة بزوال الأقنعة وإظهار الحقائق، حول الابن شون والأب باتريك، الذي يتضح بأنه اكتشف علاقة نيل بابنه شون، وحفاظًا على الأسرة يُظهِر للشرطة بأنه مَن قام بدفعها من أعلى الجُرُف لأنها كانت غاوية وتحاول تدمير عائلة شون بعلاقتها الحميمة معه.
المفاجأة
تأخذنا هنا الكاتبة معها وتستعمل عنصر المفاجأة، بأن تستمر الكاتبة بسَرْد ليالٍ مَضتْ ما بين شون ونيل وعلاقات حميمة، كانت تستجوب وتضغط بها على شون لتصل إلى اعترافات منه حول أبيه ومقتل أمه وهو طفل، وادعاء أبيه بأنها ماتت مُنتحِرة، وتفاجأنا الكاتبة بالحديث عن ليلةٍ ما … يأخذ شون نيل آبوت للجلوس معًا على أعلى الجُرُف، ويتبادلون الأحاديث عن ذكرياته وهو طفل، وعن حادثة أُمّه والانتحار، وتُلحّ عليه نيل بالكلام، تثار أعصاب شون من تذكُّر هذا الماضي، ودون شعور يقدم على دَفْع نيل من أعلى الجرف إلى قاع النهر، ونكتشف هنا بأن القاتل شون الابن وليس باتريك الأب.
الرواية تحتوي على العديد من الصراعات النفسية بين الشخصيات، وخوض تجربة قراءتها تدخلنا بعالم وأسرار فهم نفسية النساء المنتحرات.