لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
حبّ، تآزُر، غضب، تضامُن، مشاعر أصبحت تُطبق إلكترونيًّا، حتى صِلة الرحم، تعددت الصفات إلا أن الفكرة واحدة، وهي وَصْف المشاعر والمبالغة في التعبير عنها بالصور والرسائل، والفيديوهات المؤثرة، وقد شملت معظم فئات المجتمع الجاهِل والمتعلِّم، الذكور والإناث، الصغار والكبار، وتساوَتِ العقول فضاعت القُدْوة وَسَط الكَمّ الهائل من الأشخاص ومنشوراتهم اليومية، وحتى الأشياء الجميلة تمرّ علينا سريعًا فلا نكاد نذكرها، أو نستخلِص العبرة منها حتى تختفي، وبعض الناس يعيشون علاقات وحياة إلكترونية وفضّلوها على الحياة العادية.
سِحر الحياة الإلكترونية
للحياة الإلكترونية نَشْوة مؤثرة سَرْعان ما تتحوّل لإدمان، لإحساس الفرد بالشهرة والنجومية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، عند التفاعُل مع محتواه، وتعظيم إنجازاته حتى لو كانت تافهة، وكذلك التركيز على الجوانب الإيجابية والمبالغة فيها أو العكس تمامًا للناس المَجهولة، لإمكانية الظهور بغير الصفة الحقيقية للشخص، أو الاسْم والهُويّة.
أخطار النفاق الإلكتروني
تكمن في انتشار الرسائل السلبية عن طريق المحتويات الفارغة، وكذلك إظهارُ المؤثِّرين المِثاليةَ في حياتهم الشخصية، وبالتالي ينعكس سلبًا على مَن يتَّبعون طريقهم بهدف التغيير، التباهي بعرض الصور والفيديوهات لمواقف يومية والمبالغة في الترويج للتفاهات، وكذلك المبالغة في رَدّات الفعل لأشياء لا تستحق الوقوف عندها، وتضخيم الأمور بهدف تحقيق أغراض شخصية أو مادية، أو إرضاء فئة من الناس وكَسْب ولائِها، أمراض نفسية تتجلّى في طريقة وكثرة الإجابات والإيموجي والمجاملات والردود أو العكس تمامًا كالتنمّر والسبّ والاحتِقار، والكثير من الأشياء التي تُثير الاشمئزاز.
أبطال النفاق الإلكتروني
أفراد الأسرة الواحدة، يُظهرون غير ما يُكنِّون لبعضهم من مساندة ومؤازرة على الأجهزة مفقودة على الواقع، أو تصفية حسابات بمنشورات مُعبّرة عن بعض المواقف، شخص لَعُوب ومخادع متعدِّد الحسابات والعلاقات، يوقع فرائسه بأسماء مزيفة بطولية وصور وَهْميّة وكلمات معسولة، وكذلك الباعة الوهميون المُحتالون، زوجة تدعي المثالية في حياتها، وتعلم الأخريات كيف يكسبن أزواجهن بينما زوجها يفتقدها في الواقع أو يطارد أُخْريات عبر هذه المواقع بطريقته الخاصة أو حياتهما جَحيم لا يُطاق، أمٌّ تُسْدي النصائح عن تربية الأطفال وأبناؤها في أمس الحاجة لتواجدها بينهم.
فَتَيات مراهِقات ضائعات دون رقابة أبوية يبحثن عن الحُب الأسطوري، وما تَصوَّرْنَه حقيقيًّا ممّا يشاهِدن من أفلام ومسلسلات، شبابٌ صغار أُعجبوا بصورهم خلف ما يخرج من أفواههم من دُخان، أو التباهي بالسيارات والدراجات النارية، الحَيْرة بين ما نقرأ ونشاهد لمجموعة من المنافقين الناصحين تَشوَّهت وُجوههم بالبسمات المصطنعة يقولون ما لا يفعلون، والكثير من الأشخاص المهووسون بهذه المواقع.
النتائج السلبية
الانبهار بثقافة دخيلة ومحاولة اكتشافها وتقليدها وبالتالي ضياع شخصية الفرد الحقيقية، مَتاهات الكَمّ الهائل من الأخبار الزائفة والمجاملات على حساب ما نؤمن به، الابتعاد عن تعاليم ديننا الحنيف خَلَق فراغًا داخليًّا استوطنه الشيطان.
لماذا كل هذه الأمور؟
معروف عن الإنسان الضعف والحاجة الدائمة الذي والحب، أو الإطراء والثناء عليه من قِبَل الآخرين أو تعظيم إنجازاته وكلّ شخص ذِهْنه مكانته من الناس أو أحد يفضّل تغيير حسابه عدة مرات على تغيير طِباعه أو الأقل السيّئة وهناك مَن يفضل الأجانب الغرباء، البعض يكتب باسمه الحقيقي والبعض أسماء مزيفة اختاروها لأنفسهم، كل حسب ظروفه واهتماماته، ولكن؟ هل خدمتنا التكنولوجيا أَمْ غيَّرَتنا فقط؟ وهل استفدنا منها بقَدْر الوقت الذي ضيعناه فيها؟ تساؤلات كثيرة لا يوجد لها أجوبة.
رسالة لكل مُؤثِّر
أيها المُؤثِّر لا تكن مجامِلًا على حساب شخصيتك، ولا تكن منافِقًا على حساب دِينك، فالحياة الأبدية تحتاج أن تكون أكثر وضوحًا، لكيلا تُؤثِّر سلبًا في الآخرين ويضيعون في متاهات الضلال ويكون عليك وِزْرهم لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ. وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ) رواه مسلم.