لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد
تربية الأبناء عمل شاق، لما فيه من بذل مجهود جسدي ونفسي، وهذه العملية ليست سهلة كما يراها البعض، وذلك بسبب خلطهم بين الرعاية والتربية. فالرعاية هي توفير الأكل والسكن، والملابس، بدون أي عملية توجيه. بينما التربية تشمل التوجيه، وغرس القيم والأخلاق، بحيث ينتج للمجتمع فرد سوي، له مرجعية أخلاقية تنعكس على منظومة الأخلاقية للمجتمع. لا يمكننا أن نجمل كل اسرار التربية في مقال واحد، ولكن سنذكر أهم الركائز الأساسية لأي عملية تربوية.التربية مسؤولية فمن صاحبها؟
التربية مسؤولية الأبوين، برغم احتكاك الأطفال بأمهم أكثر من ابيهم. فمن الضروري جدا أن يشارك الأب في التربية حتى تنشأ علاقة ودية بينه وبين أبنائه، ولا يكون مصدر للتهديد والخوف فقط. ومن المهم جدًّا أن يخفى الوالدين أي خلاف بينهما وأن يؤجلوا نقشاتهم. فاطلاع الأبناء على أسباب الخلاف يسهم في استخفافهم بالأبوين، وقد يتسبب في اضطرابات نفسية، ويشتت الأسرة.وهذا الأسلوب يتسبب أيضًا في ضعف شخصية الطفل بشكل كبير، يقول ابن خلدون: “من كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو المماليك، أو الخدم، غلب عليه القهر، وضاقت نفسه، وذهب نشاطه، ودعاه إلى الكسل وحمل على الخبث، خوفًا من انبساط الأيدي بالقهر عليه، وعلّمه المكر والخديعة”.أثر سلوك الوالدين على نفسية أبنائهم
الصحة النفسية مهمة جدًّا، بل هي الأساس الذي تنبني عليه شخصية الطفل، وقد يتسبب الوالدان أو أحد منهما في أذًى لنفسية أبنائهم بقصد أو بلا قصد عن طريق بعض التصرفات. ويجب الانتباه للآتي:- تسلط الوالدين على الطفل للحد الذي لا يطاق، ويقومون بالتدخل وتحديد كل شيء نيابة عنه، مما يسهم في ضعف شخصية الطفل وتردده في الكثير من القرارات، لأنه اعتاد على شخص يتخذ القرار نيابة عنه.
- التدليل المفرط وهو تسامح الوالدين في الكثير من أمور التربية، والتساهل مع الطفل، فينشأ مهملًا وغير مبالٍ بشيء.
- قد ينشأ الطفل وهو غير قادر على التمييز بين القرار الصحيح والخطأ، وهذا بسبب كثرة معاقبة والديه على الأفعال التي لا تستحق المعاقبة، ولا يقومون بتشجيعه على الأفعال التي تستحق الثناء.
- وقسوة الوالدين على الأبناء، واتخاذ أسلوب العنف غير المسوغ، يؤدي إلى ولادة شخص متردد دائم القلق، غير مستقر. ويجب ترك مساحة من الحرية وعدم سلبه إياها، إلا إذا ارتكب خطأ ما، فينشأ عنده حس بالمسؤولية، ويدرك معنى عواقب تصرفاته.
دور الحب والحنان في التربية
غريزيًّا، الأطفال يميلون إلى من يحبهم أكثر، ويسمعون توجيهه وأوامره ونواهيه، فالحرص على إشباع الأبناء بالحنان والابتعاد عن الإهمال، والتوبيخ، والإهانة، يساعد على التربية بشكل كبير. ويجب تقبليهم واحتوائهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله قبّل الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالس، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت أحد منهم أبدًا، فنظر رسول الله إليه وقال: “من لا يَرحم لا يُرحم”.ومن الأمور المهمة هو تعليم أبنائنا الثقة بالنفس، والتفريق بينها وبين سوء الأدب والجرأة في المكان والوقت الخطأ، والابتعاد عن الأسباب التي تؤدي إلى إضعاف الشخصية.أسباب ضعف الشخصية:
- الإكثار من الزجر المبالغ فيه، وعلى أتفه الأسباب.
- وضع الطفل في حالة مقارنة مع أطفال آخرين، كأقاربه أو إخوته.
- التنمّر المستمر على الطفل، وخصوصًا إذا كان يعاني من تشوه خلقي أو عاهة بدنية، وعدم دفاع الوالدين عنه، بل قد يشاركون في عملية التنمّر بضحكهم مما يزيد الوضع سوءًا.
- ولأن الاعتماد على النفس مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالثقة، فإن نشوء الطفل متواكل على غيره؛ يجعل منه شخصًا عديم الثقة بقراراته.