Loading Offers..
100 100 100

هل تختلف طريقة تعامل أدمغتنا مع المعلومات بين وَضْعَي الاستلقاء والوقوف؟

لتجربة قراءة أفضل تفضل بزيارة المقالة على زد

يُضايقك صوت البَعوضة التي تحوم حول رأسك. يتوقف الأزّ. وتشعر بالوخز الصغير وتحدد الهدف. ثم وبحركة واحدة.. انتهى! تسلسل بسيط، لكنه يتطلب معالجة معقدة من دماغك. إذ كيف عرفتَ مكان البعوضة قبل أن تتمكن من رؤيتها؟ يغطي جسم الإنسان 2²م من الجلد تقريبًا، ولكن بطريقة ما -حتى قبل النظر- عرفت الموقع الدقيق للحيوان المفترس. بعد التأكيد البصري، وجدت يدك طريقها إلى مسرح الجريمة وطبقت القوة المميتة على الحشرة، لكنك لم تؤذ نفسك خلال العملية.

ما الذي استغرقه كل ذلك ليحدث؟ سؤال جيد.

بالنسبة لجميع التطورات التي شهدها العالم في كل مجال من مجالات العلوم، بما في ذلك علم الأعصاب، لا تزال قدرتنا على فهم آليات الإدراك والتفكير ضئيلة. حتى قائمة الحواس البشرية الأساسية لا تزال مطروحة للنقاش. بعيدًا عن الحواس الخمس التقليدية، يجادل الكثيرون بأن التوازن يجب إدراجه منذ فترة طويلة.

التوازن أثناء الاستلقاء

لقد كشفت أنا وزملائي في جامعة ماكماستر مؤخرًا وجود تباينٍ في إدراكنا، مما يسمح لنا بمعرفة المزيد حول كيفية عمل هذا الإحساس بالتوازن ومدى إسهامه في إدراكنا. يأتي التباين على الشكل التالي: عندما نستلقي على جوانبنا، يبدو أن الدماغ يقلل اعتماده على المعلومات المتعلقة بالعالم الخارجي ويستعيض عنه بالاعتماد على التصورات الداخلية الناتجة عن اللمس.على سبيل المثال، عندما نعقد سواعدنا ويلمسنا أحدهم، نواجه صعوبة أكبر في تحديد ما إذا جاءت اللمسة في يدنا اليمنى أو اليسرى. بشكل مفاجئ، عندما نغلق أعيننا، يتحسن الأداء. إن عَصب العينين يقلل من تصورنا للعالم الخارجي، مما يسمح لإدراكنا الداخلي المتمركز حول الجسم بالسيطرة.عندما يرقد الناس على جوانبهم، يتحسن أداؤهم أيضًا بتقاطع اليدين. في حد ذاتها، من غير المحتمل أن تؤثر هذه المعلومات على الحياة اليومية. لكن حقيقة وجود هذا الاختلاف لها مغزى كبير في سعينا لفهم كيفية توجيه أنفسنا إلى الفضاءات التي نعيش فيها، وقد تفتح طرقًا للاكتشاف في مناطق أخرى، بما في ذلك النوم، على سبيل المثال. كانت تجربتنا، بطريقة ما، واضحة تمامًا.

تجارب معصوب العينين

اختبرنا قدرة المشاركين في البحث -المبصرين ومعصوبي الأعين- على تحديد اليد التي كنا نحفزها أولًا بأيديهم (المعقودة وغير المعقودة أمام صدورهم). لقد أجرينا تجارب مماثلة في مختبرنا منذ حوالي 20 عامًا.في هذه الحالة، كانت النتائج متسقة مع ما رأيناه ضمن تجارب أخرى: أجرى المشاركون التجربة وأذرعتهم معقودة. كانت "المناورة" الجديدة هنا عندما طلبنا منهم الاستلقاء؛ لمسنا حينها تحسنًا كبيرًا في القدرة على تحديد موضع اللمسة. وعلى غرار عصب العينين، قلّل الاضطجاع من تأثير التمثيل الخارجي للعالم وسمح للمشاركين بإيلاء الاهتمام لإشاراتهم التي تركز على الجسم.يقودنا هذا الاختلاف، بين القيام بالمهمة في وضع الجلوس والاستلقاء، الذي وصفناه في التقارير العلمية، إلى التساؤل عما إذا كان الدماغ يتعمد الاتصال بوظائف التوجيه الأكثر نشاطًا –التمثيل الخارجي– عندما نستلقي، ربما كوسيلة للمساعدة ننام.

الوعي بالبيئة المحيطة

يقودنا هذا الاكتشاف إلى الرغبة في معرفة المزيد عن الدور الذي يبدو أن الجهاز الدهليزي (Vestibular system) للجسم يلعبه في تشكيل إدراكنا العام. إن إظهار أن الدماغ يغير نقطته المرجعية نحو الإدراك الداخلي كلما استلقينا على جانبنا، يؤكد أنه يعتم -متعمدًا- الجهاز الدهليزي، مما يبرز أهمية مساهمته في إدراكنا الطبيعي.كان هناك القليل من الأبحاث بشكل مدهش حول كيفية تأثير الجهاز الدهليزي على المدخلات من الحواس الأخرى. ضع في اعتبارك هذا: تقوم أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي باختبار الأشخاص عندما يكونون مستلقين ونتائج التصوير بالرنين المغناطيسي تقدم استنتاجات حول ما يحدث في أدمغة الناس، في حين أن نشاطهم الدماغي قد يبدو في الواقع مختلفًا تمامًا إذا كانوا جالسين أو واقفين.يشير هذا الاكتشاف إلى أن الجهاز الدهليزي يشكل الإدراك حتى في الحواس المختلفة. هذا يثير تساؤلات فلسفية إلى حدٍّ ما: كيف ندرك البيئة من حولنا؟ ما هي مكونات الوعي؟يمكننا أن نأخذ أجسادنا كأمر مسلَّم به، معتبرينها آلات تحملنا، لكن أجسامنا نفسها تشكل -في الواقع- الطريقة التي ندرك بها العالم ونفهمه.حاول التفكير في ذلك في المرة القادمة التي تستلقي فيها!
المزيد من المقالات المشوقة::

تابع قراءة عشرات المقالات الملهمة على زد

ربما تستفيد من هذه المواضيع كذلك :

تعليقات الفيسبوك
0 تعليقات المدونة

تعليق الفايسبوك

01ne-blogger

إرسال تعليق

Loading Offers..